هذا الموقع يستخدم ملف تعريف الارتباط Cookie
قد يرى البعض أن إسرائيل مجبولة على الاستخفاف بالقانون الدولي، وأن راهن الحال يفيد بأنها تتمتع بحصانة ضد المساءلة القانونية بسند من القوى التي تتولى تطبيق القانون الدولي، عبر مجلس الأمن الدولي، ولكن الأمر الذي لا شك فيه هو أن حرب إسرائيل على غزة جعلت من حماس أيقونة للثورة..
من أهم المكاسب التي ربحتها المقاومة في هذه المعركة، هو ما يطلق عليه: القوة الناعمة، والتي تنوعت مجالاتها، ما بين الفن، والخطاب الديني الداعم، أو من تكفل بالرد على الشبهات التي تثار، من باب التشتيت، أو التخذيل، لكنهم كانوا لها بالمرصاد، فأتوا عليها، وكل هذه المجالات كانت دعما قويا لأهل غزة.
مرة أخرى تعود القضية الفلسطينية إلى الواجهة بعد أن حاولت عبثا الصهيونية العالمية والقوى الدولية الداعمة لها وأدها بكل وسائل الاعتداء والقمع والإرهاب وبكل طرق المكر والخداع والخبث والدهاء السياسي عبر المفاوضات ومزيد المفاوضات والاتفاقيات والتسويات والتطبيع..
العالم يحتاج لنموذج متفوق أخلاقيا وقيميا، يجلب إليه الشعوب الأخرى المتشوفة لقيم العدل والكرامة والرحمة والإنسانية. وهي بدون شك ستكون المعركة القادمة التي ينبغي أن يتم الإعداد لها، فالتزاحم على استعمال منطق القوة، لن يقدم إلا نماذج وحشية تقترب قليلا أو كثيرا من النموذج الأمريكي الصهيوني.
لا شك أن ما بعد السابع من تشرين أول/ أوكتوبر 2023 سيكون تاريخًا فارقًا في السياق الفلسطيني بل والمنطقة ككل. فهناك أبعاد كثيرة سوف تساهم في خلق واقع جديد سواء من ناحية النظر والتعامل مع إسرائيل كقوة إقليمية متفوقة في الشرق الأوسط، أو من ناحية إعادة إنتاج نظرة الإنسان العربي إلى نفسه..
اتضح للعالم أيضا، أنّ إرادة أصحاب الأرض، وعنفوان الفكرة، وحقّ الشعوب في تقرير مصيرها، ليست مجرد لوائح أو مبادئ في الأمم المتحدة، وفي لجانها الحقوقية المتفرعة عنها، إنما هي ثوابت عقدية، بالمعنى السياسي والقيمي والديني والتاريخي للكلمة..
هل يفكر نتنياهو باستغلال الدعم الهائل الذي يحظى به حاليا من المجتمع الدولي في تنفيذ حملته ضد غزة؟ من أجل تحقيق شيء أكبر، كما فعل بوش في 2001؟ ولقد أومأ زعيم المعارضة الإسرائيلية، بيني غانتز، هو الآخر إلى شيء أكبر، حين قال: "سوف ننتصر ونغير الواقع الأمني والاستراتيجي في المنطقة."
أثبتت حماس بأنه يمكن هزيمة إسرائيل، ما أحدث صدمة عميقة لدى الجميع، ليس لدى الاحتلال وداعميه فحسب، وإنما في وعي الأمّة العربية والإسلامية المشوّشة والمتشكّكة بإمكانية هزيمة المحتل الذي هو انعكاس لقوة الولايات المتحدة الأمريكية والمنظومة الغربية المهيمنة على السياسة الدولية.
الآن بإعلان "إسرائيل" الرسمي القضاء على حماس أوراق كثيرة ومهمة تداخلت، ومفاجآت لا تعرفها الأطراف ستكون وليدة الميدان الهائج والقرار المصيري غير الطبيعي في الصراع.
منذ بداية الأحداث وقف الغرب بقيادة الولايات المتحدة الأمريكية صفا واحدا في دعم قوة الاحتلال وحقها في ما يسمونه "الدفاع عن النفس"، فانهالت على هذه القوة كل أنواع الدعم من كل حدب وصوب وترك الشعب الفلسطيني وحده يتلقى الضربات الواحدة تلو الأخرى حتى تحول القطاع إلى محرقة..
أكد رئيس حركة النهضة التونسية الشيخ راشد الغنوشي، أن "المنطقة العربية مع عملية طوفان الأقصى دخلت تاريخا جديدا أنهى أسطورة القوة الصهيونية.
الجيش الإسرائيلي استدعى أكثر من 300 ألف من عناصر الاحتياط، وطلب دعماً مالياً عاجلاً من الولايات المتّحدة قدره 10 مليارات دولار فضلاً عن الذخائر والقنابل والأسلحة. وعلاوة على ذلك، فقد أرسلت الولايات المتّحدة عدداً من قواتها الخاصة لدعم الجيش الإسرائيلي..
لعل أبرز الإيجابيات التي خلفتها عملية "طوفان الأقصى"، التاريخية وغير المسبوقة، هي أنها كشفت بوضوح لا غبار عليه، أنّ قوة إسرائيل، من قوة الولايات المتحدة الأمريكية، وأنّ هذه الدولة "العظمى" في العالم، لا تدعم إسرائيل وتساندها فحسب، إنما هي حديقتها الخلفية، وسبب وجودها واستمرارها أصلا..
كشف الناشط البريطاني من أصول فلسطينية عمر مفيد النقاب عن أنه وعدد من الفلسطينيين المقيمين في المملكة المتحدة وينحدرون من أصول غزاوية، يعيشون ظروفا صعبة للغاية بسبب الأضرار التي لحقت بغزة وبأهلهم في القطاع الذين يواجهون كما قال حرب إبادة جماعية.
في ظل التطورات الجديدة التي تشهدها الساحة الفلسطينية، كيف ستنعكس معركة "طوفان الأقصى" على مشاريع التطبيع واتفاقياته في المنطقة؟ وهل ستساهم في تغيير مواقف الأنظمة العربية المطبعة، والتي تسير نحو التطبيع؟ وهل ستتمكن حركة حماس ومعها فصائل المقاومة الفلسطينية الأخرى بعد "طوفان الأقصى" من فرض معادلات جديدة على العلاقات العربية الإسرائيلية؟
الخرطوم التي تعصف بها الحرب وآثارها، نموذج لعقود من التاريخ الاجتماعي بكل ما تضمنته من نشاط في كل مناحي الحياة، ومعالم تاريخية، وأعيان حضرية، ورموز فكرية، وبيوت شاهرة أبوابها للثقافة والفن والإبداع، لكنها مهددة الآن بضياع هذه الذاكرة، فالبنايات الشاهقة ومعها الأثرية، تكاد تطمرها جثث القتلى، وفوضى المقاتلين، وتسيل على حوائطها الدماء، وتنقر عليها الشظايا، وما سلمت حتى المساجد والكنائس،