هذا الموقع يستخدم ملف تعريف الارتباط Cookie
منذ أن صعد حافظ الأسد إلى الحكم في عام 1970، غرقت سوريا في حقبة من الظلم والاستبداد. كان هذا البلد، الذي لطالما كان مهد الحضارات ومصدرًا للفخر بتاريخه العريق، يُساق نحو مصيرٍ مجهول على أيدي نظامٍ جعل من القهر منهجًا ومن الاستبداد واقعًا يوميًا للسوريين.
ما حدث في سوريا خلال الأسابيع القليلة الماضية، وأسفر عن سقوط حكم آل الأسد، ولجوء الرئيس المزمن بشار إلى روسيا، كان نتاج ثورة، والحراك السلمي والمسلح الذي أرغم معمر القذافي على اللجوء إلى أنبوب للصرف الصحي، كان نتاج ثورة، بينما الحراك التونسي الذي أدى إلى هرب زوج ليلى الطرابلسي (زين العابدين بن علي)، كان انتفاضة شعبية، ألهمت شعوب المنطقة فاستيقظت من غفلتها، وخرجت تنشد إسقاط الأنظمة، وما قاد إلى سقوط حكومة زوج سوزان ثابت (حسني مبارك)، انتفاضة شعبية، وفي تشرين أول/ أكتوبر من عام 2019 انتفض شعب لبنان ضد نظام حكم فاسد ومعتل، ولكنه لم ينجح في إسقاطه، وانتفض الجزائريون ضد الحكم العسكري المتنكر في ثياب مدنية، في مطالع عام 2019، ولكنهم لم يحققوا الغاية المنشودة.
تُعدّ الدعوة لعقد المؤتمر الوطني السوري المرتقب في دمشق خطوة مفصلية في مسار الثورة السورية، حيث يمثل نجاحه تحولاً جوهريًا من مرحلة الشرعية الثورية إلى شرعية الدولة. يحمل هذا المؤتمر آمال السوريين في إنهاء حالة الفوضى وبدء مسار سياسي واضح يقود إلى بناء سوريا الجديدة..
من الراجح أن تبذل الإدارة الأمريكية جهدا كبيرا لتحقيق أهداف الكيان الصهيوني في المنطقة، ولكنه من الصعب تصور أنها ستكون قادرة على المواصلة في هذه السياسة دون تكبد خسائر، يمكن أن تكون استراتيجية، على حسابها أو دون أن تؤدي هذه الاستراتيجية إلى تفكيك قطع كبيرة داخل منطقة الشرق الأوسط..
كان سقوط نظام آل الأسد بالصورة التي تم عليها مفاجئا للجميع، بما في ذلك فصائل الثورة السورية المسلحة نفسها، التي كانت تأمل وتتمنى تحرير مدينة حلب خلال 6 شهور إلى سنة، حسب تصريحات أحد القادة الميدانيين في هيئة تحرير الشام الذين شاركوا في عملية "ردع العدوان"..
مثلت المملكة العربية السعودية لعقود طويلة الدولة الراعية للإسلام السني ثم إنها ما لبثت أن تخلت عن هذا الدور. وقد استثمرت إيران هذا الفراغ للتقدم لملئه ونجحت في مهمتها لحد بعيد، بل تقدمت لتصبح صاحبة نفوذ في العديد من العواصم العربية. وربما كانت دمشق إحدى هذه العواصم..
إن تغيير النظام هو في المقام الأول قضية داخلية، ومن الأفضل تركها لأهل البلد. وهذا لا يلغي قيمة الدعم الخارجي الذي يمثل عاملا محوريا في نجاح تجارب الانتقال ما تناسق مع الإرادة الداخلية للفاعلين المحليين..
لا بد أن نسجل أن "القومية المرتبطة بالجيش" والعسكر مستوردة من تركيا ومن انقلابات "حركة الاتحاد والترقي" القومية التركية وانقلاب 1908/1909.. وقد تضررت الحركات القومية العربية من تقليد تلك الحركة..
يمكن القول ضمن مناخ غير مغرق في التفاؤل وليس محكوما بالتشاؤم، إن الأسابيع القليلة الماضية، منذ هروب الأسد، أسقطت سرديات كبرى كانت مرسخة في الوعي الجمعي، بعضها لدى إخواننا في الطائفة العلوية، وبعضها الآخر في الوعي الجمعي لدى جمهور الثورة..
لطالما اعتقد الطغاة أن سلطتهم لا تُهزم، وأن شعوبهم، مهما انتفضت، ستظل أسيرة الخوف والولاء الزائف. لكن التاريخ أثبت مرارًا أن هذه الأنظمة، مهما بدت قوية، تحمل في داخلها بذور ضعفها. هروب بشار الأسد، كما في هذا السيناريو المتخيل، لم يكن مجرد قرار أناني أو لحظة فرار من مواجهة محتومة؛ بل كان تجسيدًا لانهيار مشروع سلطوي قائم على الخداع والتهديد..
بدت فصائل المعارضة السورية المسلحة التي شاركت في عملية "ردع العدوان" في 7 نوفمبر/ تشرين الثاني 2024، والتي تكللت بإسقاط نظام الرئيس المخلوع بشار الأسد، أكثر تماسكا وتوحدا مما كانت عليه منذ عسكرة الثورة السورية عام 2012، والتي انضوت وتوحدت تحت مسمى "إدارة العمليات العسكرية" بقيادة أحمد الشرع الملقب بالجولاني..
ما من شك في أن تاريخ ثورات الشعوب ضد أنظمة الاستبداد والفساد يؤكد أن نجاحها يتحقق بإسقاط النظام وإقامة بديل عنه يحقق العدل ويضمن الحرية والكرامة. وبهذا المعنى فإن الثورة السورية قد قطعت منتصف الطريق بتجاوز مرحلة الهدم إلى النصف الثاني المتعلق بمرحلة البناء..
يستخف البعض عن سابق إصرار وتصميم بالحدث العظيم الذي كُتبت بدايات فصوله في الثامن من ديسمبر/ كانون أول 2024 باقتلاع نظام آل الأسد الذي جثم على صدور السوريين لعقود طويلة وكأنها قرون، وهو في الحقيقة ودون أي مبالغة سيذكر في التاريخ كأعظم حدث في القرن الحادي والعشرين..
تمر سوريا اليوم بمرحلة جد عصيبة، تتطلب معها بناء دولتها الجديدة، عبر إقرار الدستور الجديد، الذي يعبر عن توافقات مختلف الطيف السوري، ثم بناء المؤسسات السياسية، وفقا لمرتبات العملية السياسية التي يفترض أن تهيئ لها الحكومة المؤقتة..
لخص الكاتب والناشر اليساري السوري، المنفي في فرنسا منذ 49 عاما، فاروق مردم بيك المشهد بتدوينة على حسابه على فيسبوك، قال فيها: "باقون على ولائهم للسفّاح الجبان (بشار الأسد) على الرغم ممّا شاهدوه بأعينهم من فظائعه ومن مظاهرات الابتهاج المليونيّة بسقوطه.. ما هو السرّ في العطب السياسي ـ الأخلاقي عند هذا النوع من العرب؟".
تناولت عدّة تقارير في الإعلام الغربي انهيار نظام الأسد بالتحليل والتعليق، وبدا أنّ هناك سردية طاغية في هذه التغطيات والتحليلات التي نقلتها مواقع ومراكز مثل كارنيغي، وبروكينغز، ورويترز، والأسوشياتد برس، وسكاي نيوز، والبي بي سي، وغيرها بأنّ أحد أهم أسباب سقوط نظام الأسد هو تخلّي حلفاء نظام الأسد عنه..