لم تترك كلمات الشاعرة
الفلسطينية آلاء القطراوي، التي فقدت أبناءها الأربعة (يامن، كنان، أوركيدا، وكرمل) في حرب
غزة، أي قلبٍ إلا وأثرت فيه بعمق.
ففي لحظة وقف إطلاق النار في غزة، كتبت القطراوي على حسابها في "فيسبوك" كلماتٍ تعكس جراحها وأملها معاً: "حين تنتهي الحرب: لن أخاف من المطر، لن أخاف الوقوف على النافذة، ولن أغلق الستائر. سأمسحُ الغبار عن عتبة منزلنا، وإذا لم أجده سأحتضن ركامه، فكل حجرٍ فيه هو بيتي. سأقف على شاطئ البحر طويلاً، وسأغرق في شرودي، ولن أخاف من شكلِ بارجةٍ حربيةٍ تفصل بيننا. سأُقبّلُ أيادي رجال الإسعاف والدفاع المدني، لأنني حين كنتُ أسمعُ صوت غارةٍ فوقنا كنتُ أفقد صوتي وقدرتي على الحركة، بينما هم كانوا يعبرون بين الشظايا ويصرخون عالياً: أيسمعني أحد؟ هل هنالك أحدٌ حيّ؟".
وأضافت القطراوي: "لن أخافَ الموتَ برداً على أحدِ أرصفةِ النزوح. يوجعني أن يتجمد قلبي فجأة وقد أوقدته حطباً يتدفأ به الأيتام والثكالى. سأرتشف قهوتي كما أحبها مع صوت فيروز، وربما سأبكي وهي تقول (ويدبل الشتي). لم أكن أعرف كيف يذبل الشتاء إلا في شتاءات هذه الحرب القاسية".
وختمت كلماتها المؤلمة: "في صباحِ كل أحدٍ، الساعة الثامنة والنصف صباحاً، سأمشي في الشارع الطويل دونَ خوفٍ لأحتضن أطفالي الذين أصبحوا في المقبرة!".
هذه الكلمات القوية لم تمر مرور الكرام، بل لفتت انتباه الفنان اللبناني
مارسيل خليفة، الذي قرر أن يهديها أغنيته الشهيرة "يا نسيم الريح"، من أداء أوركسترا غزة.
وكتب خليفة على حسابه: "إلى آلاء القطراوي – يا نسيم الريح - صحوت اليوم باكراً على إغفاءة كلماتك: 'لن أخاف الوقوف على النافذة، ولن أغلق الستائر، وسأسحب الغبار عن عتبة منزلنا، وإذا لم أجده سأحتضن ركامه، فكل حجر فيه هو بيتي... سأمشي في الشارع الطويل دون خوف لأحتضن أطفالي الذين أصبحوا في المقبرة'".
وأضاف خليفة: "آلاء، أفي مثل هذا الأحد من سنة على حافة الشباك تنتظرين: يَامِنْ وكنان وأوركيدا وكرمل..
يا نَسِيمَ الريحِ قولي للرَشا
لم يَزِدني الوِردُ إلاَّ عَطَشَا
لي حبيبٌ حُبُّهُ وَسطَ الحَشَا
إن يَشَا يمشي على خَدَّي مَشَا".
يذكر أن الدكتورة آلاء القطراوي، التي لُقبت بـ"أم الشهداء"، فقدت أبناءها الأربعة بعدما قصفت طائرات الاحتلال الإسرائيلي منزلهم في غزة، لتظل كلماتها شاهدة على معاناة شعبٍ يرفض الاستسلام.
الشاعرة الفلسطينية، الحاصلة على العديد من الجوائز في
الشعر العربي، تروي بالصورة والكلمة فصول الجريمة التي ارتكبها الاحتلال الإسرائيلي بحق أطفالها الأربعة. تقول بمرارة: "في الصورة طفلتي أوركيدا، محاصرة برفقة إخوتها يامن وكنان وكرمل، بعد أن منعهم الاحتلال من الخروج من المنزل، ثم قام بقصف المنزل عليهم، مانعاً إيانا من الوصول إليهم لأربعة أشهر كاملة".
اظهار أخبار متعلقة
القطراوي، التي تقف في العقد الثالث من عمرها، بدأت رحلتها مع الكتابة منذ المدرسة الابتدائية، حيث كانت تدوّن الخواطر، ثم تطورت موهبتها لتصبح شاعرة متميزة. أصدرت ديوانها الشعري الأول عام 2012، وهي تعمل كمعلمة في مدارس وكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين "أونروا".
تم تكريمها في مسابقة "أمير الشعراء" عام 2017 كواحدة من أبرز الأصوات الشعرية الفلسطينية، وحصلت على العديد من الجوائز، منها جائزة فلسطين للإبداع الشبابي، والوسام الذهبي لأفضل مجموعة شعرية عام 2011، وجائزة أفضل قصيدة شعرية في فلسطين عن قصيدتها "عاشقة الصحراء" عام 2017.
كما كُرّمت من قبل وزارة شؤون المرأة الفلسطينية عام 2018، تقديراً لتميزها كسيدة فلسطينية في مجال الشعر.