أخيرا دخل النائب العام على خط ملف مقايضة
النفط الليبي الخام بالمحروقات، بعد أن ثار جدل كبير حول هذه السياسة والتي تم
اعتمادها العام 2021م بتوجيه من حكومة الوحدة الوطنية للمؤسسة الوطنية للنفط
بالخصوص، والدافع حسب الحكومة والموسسة والوطنية للنفط هو معالجة المشاكل التي
تعتري تدفق الوقود للاستهلاك العادي ولتشغيل محطات الكهرباء والذي تعثر خلال سنوات
سابقة بسبب التعثر في سداد قيم توريده.
على المستوى المحلي فإن معارضة هذه السياسة
تنطلق من مبدأ أنها مخالفة للقوانين المنظمة للإدارة الليبية ولصلاحيات ومسؤوليات
المؤسسات العامة، ما يرتب فساد كبير يضر بالاقتصاد الليبي. وتحدثت مصادر عدة عن
اتفاق بين سلطات الغرب والشرق على هذه السياسية، فمصلحة حكومة الغرب أن يستمر
إنتاج النفط وتصديره دون انقطاع في مقابل أن تتحصل سلطات الشرق على فوارق مالية من
المقايضة.
تقارير ديوان المحاسبة أظهرت أن حجم
المبادلة تجاوز الـ120 مليار دينار ليبي خلال العامين 2022-2023م، وأنه في العام
2024م تمت مبادلة ما قيمته 10 مليارات دولار، أي نحو 50% من الإيرادات المتحقة في نفس
العام، وهو رقم يعتبره كثيرون مبالغا فيه، ويعزز قول من يرى أن فسادا يقع عبر هذه
الآلية، كما أنه يؤكد فرضية تقاسم جزء من الإيرادات بطريقة غير مباشرة.
وللمؤسسة الوطنية للنفط رأي آخر، دافع عنه
بعض أهل الاختصاص من كوادر النفط، وهو أن استهلاك
المحروقات يبلغ نحو 750 مليون
دولار شهريا، أي نحو 9 مليار دولار أمريكي، وأن هذه القيمة منطقية بالنظر إلى حجم
الاستهلال الذي بلغ 8.5 مليار دولار العام 2010، أي منذ نحو 15 عاما، ومقارنة بدول
عديدة مثل قطر التي تستهلك 13 مليار من المحروقات والكويت التي تستلك أكثر من ذلك
ومصر التي بلغت قيمة إمدادات المحروقات فيها العام 2024م اكثر من 55 مليار دولار
أمريكي.
تقارير ديوان المحاسبة أظهرت أن حجم المبادلة تجاوز 120 مليار دينار ليبي خلال العامين 2022-2023م، وأنه في العام 2024م تم مبادلة ما قيمته 10 مليار دولار، أي نحو 50% من الإيرادات المتحقة في نفس العام، وهو رقم يعتبره كثيرون مبالغ فيه، ويعزز قول من يرى أن فساد يقع عبر هذه الألية، كما يؤكد فرضية تقاسم جزء من الإيرادات بطريقة غير مباشرة.
الجديد في الموضوع هو تطور الموقف الدولي من
ملف النفط وتهريبه، فبالإضافة إلى القرارات السابقة لمجلس الأمن، القرار 2146،
والقرار 2701، والتي تمنح للدول الأعضاء صلاحية اعتراض شحات النفط المصدر بصورة
غير شرعية في عرض البحر، أصدر المجلس قراره رقم 2769 والذي يفرض عقوبات على
الأفراد والكيانات ممن لهم أي صلة بالتعامل مع النفط تصديرا بطريق غير شرعي، وهذا
يفتح الباب أمام التقصي حول شحنات الوقود الموردة مقابل النفط الخام والتي يعاد
تصديرها بشكل أو آخر مرة أخرى.
البعض ربط بين قرار مجلس الأمن، والذي يمكن
أن يعقبه إجراءات مصاحبة، ومخاوف أطراف غربية من أن تستفيد روسيا من الفروق
المالية لعملية المبادلة لتمويل عملياتها في
ليبيا ومنها إلى أفريقيا، وان هذه
المخاوف هي الباعث لتصعيد مجلس الأمن موقفه من ملف النفط الليبي، ذلك أن القرار
الأخير تم بشبه إجماع ضمن أعضاء المجلس والمعترض الوحيد كانت روسيا.
هذا الجدل يستدعي موقفا من الحكومة لحسم
النزاع حول القيمة الصحيحة لاحتياجات البلاد من المحروقات، والذي يمكن أن يتحقق
عبر عمل لجنة مشكلة من المؤسسات السيادية، الحكومة (وزارة المالية ووزارة
الكهرباء) وديوان المحاسبة والمصرف المركزي والمؤسسة الوطنية للنفط، ثم الاتفاق
على ألية دقيقة ومرنة لسداد قيمة الاحتياجات من المحروقات عبر الاعتمادات
المستندية.
ذلك أن أي اختلال في آلية السداد قد يترتب
عليه اضطراب في إمدادات المحروقات وبالتالي عودة الطوابير الطويلة على محطات
البنزين وانقطاع التيار الكهربائي، وهو ما حذر منه من يدعمون سياسة المبادلة في
الحكومة والمؤسسة الوطنية للنفط، والذي اعتبره البعض تهديدا مبطنا لأصحاب المصلحة
في استمرار هذه السياسة.