من الشعراء المعروفين داخل
فلسطين وخارجها،
ارتبط شعره بحب الأرض والشعب المقاوم للاحتلال. اعتُقل عدة مرات، وأثارت قضية
اعتقاله ضجة كبرى على المستويين العربي والعالمي، قضى جزءاً من حياته تحت الإقامة
الجبرية.
لم تقتصر حياته على العمل العادي أو على
النشاط الثقافي العادي، بل كان مناضلاً على عدة مستويات وأنواع النضال الوطني
والاجتماعي والثقافي.
إنه الشاعر نايف سويد!
وُلِد الشاعر نايف صالح سليم سويد من عائلة
درزية في قرية البقيعة في قضاء عكا في فلسطين عام 1935. درس الابتدائي في قريته
حتى الصف السادس الابتدائي، ولم يُكمل دراسته لظروف عائلية صعبة (وفاة والدته)
وتوقّفت مدرسته عن العمل بسبب النكبة عام 1948، لكنه اكتسب ثقافة عالية من قراءاته التي كان يطالعها في الكتب المتوفرة
خصوصاً دواوين الشعر القديمة.
كان أبوه فلّاحاً فقيراً، وكان من واجب
شاعرنا وإخوته مساعدة والدِهم الذي كان إذا رأى أحد أبنائه يقرأ بكتاب، يتركه ولا
يطلب منه المساعدة.
كان يطلب منه والده أحياناً أن يقرأ له
ولرفاقه السّاهرين طرفة أو قصّة من قصص عنترة أو كليلة ودمنة، وكان يلبي طلبهم،
ويقرأ لهم بكل ما أوتي من موهبة، حتى أصبح لاحقاً "حكواتي" القرية.
قبيل النكبة، توفيت والدته عن عمر 36 عاماً
فقط، وكان عمره 12 سنة فقط، وكتب في وفاتها قصيدة، قرأها على والده وأصدقائه الذين
أصرّوا على أبيه أن يحثّه على الاستمرار في كتابة الشعر.
لُقّب سويد بـ "شاعر الفقراء
والمساكين"، وذلك لحديثه عنهم وعن معاناتهم ومؤازرتهم في شعره ومقالاته. كتب
العديد من القصائد الحزينة في طفولته، عبّر في معظمها عن الظّروف المعيشيّة
القاهرة الّتي عاشها بسبب الفقر الشّديد، وغالباً ما يذكر ثيابه الممزّقة وخجله
منها أمام زملائه أو معلّميه.
نُشرت قصائده ومقالاته في العديد من الصحف
والمجلات ومنها صحف الجديد والغد والاتحاد الفلسطينية. ويُعتبر من الجيل الثاني من
شعراء ما بعد النكبة، بعد توفيق زياد وحنا أبو حنا وسالم جبران. لكنه تميّز عن
المجموعة بكتابته للشعر العامي (الزجل).
عمل في بداياته الصحفية في مجلة الغد التي
أصدرها الحزب الشيوعي الإسرائيلي في مدينة حيفا، ثم عمل صحفياً مستقلاً.
وفي
مسيرة نضاله محطات عديدة، أبرزها في
العام 1972، وكان من المشاركين بتأسيس لجنة المبادرة الدرزية العربية، التي كان
تأسيسها مفاجئاً للاحتلال، الذي كان يعمل على دمج الدروز في الكيان كمكوّن من
مكوّناته. وقد أشرف سويد على كتابة وتحرير مئات المناشير للمبادرة، وعشرات المجلات
والنشرات. كما ترأس المجلس المحلّي للقرية كذلك.
مؤلفاته
ـ من أغاني الفقراء، شعر، 1971
ـ وفاء، شعر، 1975
ـ جليليات، شعر، 1978
ـ ريح الشمال، شعر، 1979
ـ على أسوار عكا، شعر، 1981
ـ صُوَر، شعر، 1983
ـ أشعار تطبيقية، مختارات شعرية، 1984
ـ أمثال وأقوال، مختارات نثرية، 1987
ـ صدى الانتفاضة، شعر، 1988
ـ قصائد حب لشهداء الانتفاضة، شعر، 1989
ـ جدلية الفن والواقع، نثر، 1992
ـ طرائف، نثر، 1992
ـ شُعَل، شعر، 1995
ـ طرائف 2، نثر، 1996
ـ إحنا أصحاب الدار، شعر، 1997
ـ من شعر العرب الكفاحي
نماذج من شعره:
عيد الفقراء
لبست يوم العيد بدلة
لا تسألوا من أين
لبستها ورحت باختيال
أسابق الفراشة والظلال
على طريق العين
وعندما تحلق الأولاد
حول بدلتي يقهقهون
أطرقت في سكون
وسرت في الطريق
بكيت يوم العيد
لأن أمي فصّلتها
آه .. من قمباز والدي العتيق
واكتشف الأولاد سرّنا
مشيت في الطريق
أنشج يوم العيد
ويضحك الأولاد
قريتي (من ديوان جليليات)
قريتي كم في رباها.. رقص النور وتاها
ولكم صبت على ثغـر الأزاهير نداها
ولكم فاح بعطر.. ينعش الروح شذاها
ولكم غرّد فيها .. بلبل حتى شجاها
وثراها، نهبوه.. طيّبَ الله ثراها
فوقه الرمان أثداء تعرّت تتباهى
وثريات العناقيد تلالت تتزاهى
وزهور اللوز كالأضواء إبهارٌ سَناها
وعيون النرجس الضاحك في عالي ذُراها
والعصافير على أغصانها الميل تراها
تتناغى بلحون يفرح القلب صداها
وخرير الماء في وديانها كم قال: آها
حين جاء الغُرب واستولوا على أقصى مداها
آه يا أحلى قراناً ذلك الحسن تناهى
قريتي كم في رباها رقص النور وتاها
على أسوار عكا
عكا أتيتُك فاستثار دمائي .. باكٍ على أسوارك الخرساء
ومُعَفِّرٌ حُرَّ الجبين على يدٍ .. ممدودةٍ مشدودةٍ بدعاءِ
فتَعطفّ الموجُ الغضوبُ بخفَّةٍ .. متقلباً كالحيَّةِ الرَّقطاءِ
وسمعتُ عربدة الجنود وزمجرت .. سيارةَ البوليس باستعلاء
فذهبتُ للسور العتيق ألوذُ في .. جنباته، فتهللَّت للقائي!
ما أنكرت أدراجُ سوركِ خطوتي .. داعبْتُها فتمسَّحت بردائي
وهنا عتبت شكوتُ ما بي من أسى .. لرماله، لحجارِهِ الصمَّاءِ
عكا عهدتك في الخطوب بجانبي .. يا قلعة الأجداد والآباءِ
من ألف عام مرّ، صُنتِ كرامتي .. وحميتني من زحمة الغرباءِ
ولكم صددتِ الطامعين بموطني .. ورددّتِ لصَّ الغرب عن أفنائي
*شاعر وكاتب
فلسطيني