سياسة عربية

درعا والقنيطرة في مرمى الاحتلال الإسرائيلي بسوريا.. أين الإدارة الجديدة؟

تحتل إسرائيل منذ حرب  1967 مساحة 1150 كيلومتراً مربعاً من هضبة الجولان السورية - إكس
تحتل إسرائيل منذ حرب 1967 مساحة 1150 كيلومتراً مربعاً من هضبة الجولان السورية - إكس
شهدت منطقة حوض اليرموك في الريف الغربي لمحافظة درعا، جنوبي سوريا، توغلات لجيش الاحتلال الإسرائيلي جديدة بعد منتصف ليل الأربعاء الماضي. وأفادت مصادر محلية بأن رتلاً عسكرياً إسرائيلياً مكوناً من أكثر من ست عربات عسكرية ودبابات دخل إلى قريتي عابدين وجملة، وتمركز في سرية الهاون قرب قرية عابدين، مما دفع السكان إلى التزام منازلهم خوفاً من التحركات العسكرية.

بالتزامن مع التوغل، أطلقت قوات الاحتلال عدة قنابل مضيئة في سماء المنطقة، وشهدت الأجواء الجنوبية من سوريا تحليقاً مكثفاً للطيران الحربي للاحتلال صباح أمس الخميس فوق عدة بلدات في الريفين الغربي والشمالي لمحافظة درعا.

ولا تزال قوات الاحتلال الإسرائيلي تتمركز في ثكنة الجزيرة الواقعة على أطراف قرية معرية في منطقة حوض اليرموك بريف درعا الغربي، التي احتلتها في 9 كانون الأول/ ديسمبر 2024، في اليوم الثاني لسقوط نظام المخلوع بشار الأسد.

يذكر أن قوات الاحتلال شيّدت أعمدة كهربائية وفرشت الطرقات المؤدية إلى النقطة، مما يشير إلى عدم نيتها الانسحاب في الفترة المقبلة.

وتشهد بلدات وقرى في القنيطرة وريف درعا الغربي الجنوبي حالة تشبه حظر التجول منذ الثلاثاء وحتى صباح أمس الخميس، حيث التزم السكان بيوتهم منذ مساء الثلاثاء الماضي، مما جعل الحركة في المحافظة شبه معدومة.

Image1_1202531194922625591450.jpg
وقامت قوات الاحتلال، الأربعاء الماضي، بعمليات تجريف واسعة طالت مساحات من أراضي المزارعين في بلدة جباتا الخشب بمحافظة القنيطرة، ما أدى إلى قطع أعداد كبيرة من الأشجار الحراجية.

اظهار أخبار متعلقة


كاتس: سنبقى إلى أجل غير مسمى
وأفادت مصادر محلية بأن هذه التحركات جاءت بالتزامن مع تحصين النقاط العسكرية الإسرائيلية في المحافظة، التي شهدت تعزيزات عسكرية عقب زيارة وزير الحرب الإسرائيلي، يسرائيل كاتس، لهذه المواقع يوم الثلاثاء الماضي.

ونقلت وسائل إعلام عبرية عن كاتس قوله إن القوات الإسرائيلية ستبقى في جبل الشيخ إلى أجل غير مسمى، لضمان أمن مجتمعات هضبة الجولان والشمال وجميع الإسرائيليين.


وتتناقض تصريحات كاتس مع تصريحات سابقة للاحتلال زعمت أن التحركات مؤقتة واتخذت لضمان أمن دولة الاحتلال.

وفي سياق متصل، أفادت القناة 14 الإسرائيلية بأن جيش الاحتلال أنشأ مهبطاً للطائرات العمودية على جبل الشيخ، الواقع على الحدود السورية اللبنانية، وهي القمة المطلة على ريف دمشق وهضبة الجولان التي تحتلها إسرائيل منذ حرب عام 1967.

تجدر الإشارة إلى أن جيش الاحتلال تمركز على الجبل ونفذت توغلات بعمق عدة كيلومترات على طول الشريط الحدودي بين منطقة القنيطرة والجولان السوري المحتل.

اظهار أخبار متعلقة


الإدارة الجديدة: انسحبوا فورا
وردا على هذه الخطوة طالبت الإدارة السورية الجديدة، الأربعاء الماضي، جيش الاحتلال الإسرائيلي بالانسحاب الفوري من الأراضي التي توغلت فيها جنوب البلاد، فيما أنشأ الاحتلال مهبطاً للمروحيات على جبل الشيخ.

وأوردت وكالة الأنباء السورية الرسمية (سانا) أن وزير الخارجية أسعد الشيباني ووزير الدفاع مرهف أبو قصرة التقيا وفداً أممياً في دمشق، ضم وكيل الأمين العام للأمم المتحدة لعمليات السلام جان بيار لاكروا، الذي بدأ زيارته للمنطقة السبت الماضي.

وأكدت الوكالة أن سوريا مستعدة للتعاون الكامل مع الأمم المتحدة ومراقبة مواقعها على الحدود الجنوبية وفق تفويض عام 1974، بشرط انسحاب جيش الاحتلال الإسرائيلي فوراً.

اتفاقية فض الاشتباك
تحتل إسرائيل منذ حرب 5 حزيران/ يونيو 1967، مساحة 1150 كيلومتراً مربعاً من هضبة الجولان السورية، والتي تبلغ إجمالي مساحتها 1800 كيلومتر مربع. وفي عام 1981 أعلن الاحتلال ضم الجولان إليها، وهي خطوة لم يعترف بها المجتمع الدولي.

استغل الاحتلال الإسرائيلي التطورات الأخيرة واحتل المنطقة السورية العازلة في محافظة القنيطرة، معلنة انهيار اتفاقية فض الاشتباك لعام 1974، وهو إجراء نددت به الأمم المتحدة وعدة دول عربية.

اظهار أخبار متعلقة


كما انسحبت قوات جيش النظام السوري المنحل بشكل غير منظم من مواقعها في جنوب البلاد، حتى قبل وصول فصائل المعارضة المسلحة إلى دمشق وفرار بشار الأسد إلى خارج سوريا. 

وبعد ساعات من سقوط نظام الأسد، أعلن الاحتلال أن قواتها تقدمت إلى المنطقة العازلة، حيث تنتشر قوات الأمم المتحدة بموجب اتفاق فض الاشتباك بين الطرفين الذي تم إبرامه بعد حرب عام 1973.

كما سارع إلى تنفيذ ضربة عسكرية استباقية، شكّلت واحدة من أكبر الهجمات الجوية في تاريخها، حيث استهدفت خلال 48 ساعة نحو 300 موقع عسكري في مختلف المناطق السورية.

وشاركت في هذه العملية مئات الطائرات والسفن الحربية، مما أدى، وفق التقديرات الإسرائيلية، إلى تدمير ما بين 70-80% من القدرات العسكرية الاستراتيجية للجيش السوري.

وشملت الأهداف المدمرة مطارات مثل مطار المزة العسكري ومطار دمشق الدولي، بالإضافة إلى موانئ، منظومات دفاع جوي، سفن حربية، ومستودعات أسلحة متوسطة. 

وزعم الاحتلال الإسرائيلي وقتها أن تحركاته كانت محدودة ومؤقتة، مؤكدة أنها تأتي في إطار خطة دفاعية ووقائية تهدف إلى منع وقوع الأسلحة في أيدي "جهات معادية وغير آمنة".

اظهار أخبار متعلقة


واعتبرت الأمم المتحدة أن سيطرة جيش الاحتلال على المنطقة العازلة يشكل "انتهاكًا" لاتفاق فض الاشتباك. 

من جانبه، ندد قائد الإدارة السورية الجديدة، أحمد الشرع، في كانون الأول/ ديسمبر الماضي، بتوغل القوات الإسرائيلية، مؤكدًا أن الوضع الراهن "لا يسمح بالدخول في أي صراعات جديدة". 

وقال الشرع: "الإسرائيليون تجاوزوا خطوط الاشتباك في سوريا بشكل واضح، مما يهدد بتصعيد غير مبرر في المنطقة".

الإدارة السورية تسعى للاعتراف الدولي
يرى مراقبون أن الإدارة السورية الجديدة، المنشغلة حاليًا بحشد الاعتراف الدولي بشرعيتها، قد اختارت تجنب التصعيد مع الاحتلال الإسرائيلي لتجنب خسارة الدعم الدولي، خاصة في ظل الجهود المبذولة لرفع العقوبات الغربية على سوريا.

اظهار أخبار متعلقة


من جانبهم، يرى محللون أن الاحتلال يسعى، عبر تحركاتها الأخيرة، إلى إعادة تشكيل ميزان القوى في سوريا بما يخدم مصالحها الأمنية والإقليمية. 

كما يسعى الاحتلال الإسرائيلي، عبر تحركه البري، إلى فرض أمر واقع جغرافي جديد. فمع سيطرتها الكاملة على منطقة جبل الشيخ ومحيط القنيطرة، تهدف إلى توسيع المنطقة العازلة، مما يمنحها عمقًا أمنيًا إضافيًا على حدودها مع سوريا.
التعليقات (0)