يشهد إقليم
دارفور في
السودان تجددًا
للصراع بين
الجيش السوداني وقوات
الدعم السريع، منذ نسيان/ أبريل 2023، ما أدى
إلى موجة غير مسبوقة من العنف والدمار.
ويمر المدنيون في هذه المنطقة، وخاصة
النساء والأطفال، بمأساة إنسانية كبيرة تتراوح بين القتل والاغتصاب الجماعي وفقدان
الحياة اليومية، ويروي الكثيرون شهادات مفجعة، في وقت أصبحت فيه الاتصالات مع
المنطقة شبه مستحيلة بسبب قطع الإنترنت والمواصلات.
وبحسب تقرير ل
شبكة بي بي سي، التي نقلت
شهادات من داخل النزاع فقد روت ريهام، وهي أم في الثلاثينيات من عمرها، تفاصيل مأساة
فقدانها لابنتها الكبرى البالغة من العمر 23 عامًا، وقد تعرضت لاغتصاب جماعي أمام
أعين الأسرة.
كما أنها فقدت طفلتها الأخرى وابنها
أثناء القصف العشوائي على مدينة الفاشر، عاصمة ولاية شمال دارفور. وقالت ريهام:
"جاء شخصان مسلحان يرتديان ملابس قوات الدعم السريع، واقتحما منزلنا، وتناوبا على اغتصاب ابنتي الكبرى، وكل ذلك أمام أعيننا".
بعد هذا الحادث المروع، اضطرت ريهام
للهرب مع بناتها من منزلها مشيًا على الأقدام في طريق مليء بالمخاطر، قائلة:
"اضطررنا للمشي على أقدامنا لمدة خمس ساعات متواصلة، وكنا في خوف مستمر من أن يقبض علينا من قبل المسلحين".
اظهار أخبار متعلقة
وبحسب تقرير المفوضية السامية لحقوق
الإنسان في الأمم المتحدة، الذي نُشر في 29 تشرين الأول/ أكتوبر 2024، فإن العنف الجنسي في دارفور يعتبر جزءًا من الجرائم التي ترتكبها قوات الدعم السريع، حيث يتم
ارتكاب
الاغتصاب الجماعي واختطاف النساء والفتيات. تقرير المفوضية وثق حالات
اغتصاب متعددة، مُشيرًا إلى أن غالبية هذه الحالات ارتكبتها قوات الدعم السريع في
مناطق مختلفة من دارفور والخرطوم.
ووصف الناشط الحقوقي في معسكرات
النزوح في دارفور أحمد عاصم، الحوادث التي وثقها بنفسه قائلاً: "لقد وثقتُ
ثلاث حالات اغتصاب جماعي، وكان أصعب ما شاهدته بنفسي هو ذبح المدنيين وتمزيق
أحشائهم على الملأ". ويضيف أحمد أن الهجمات لا تقتصر على النساء، بل تشمل
أيضًا الأطفال، الذين يتم اختطافهم أو دفعهم للمشاركة في القتال.
وتفاقمت الظروف في معسكرات النزوح في
دارفور بسبب نقص الغذاء والمياه، فضلاً عن الأزمات الصحية. وتعيش الأسر في معسكرات
تفتقر إلى الخدمات الأساسية، مثل الرعاية الصحية والمرافق الضرورية. وقالت ريهام: "نضطر أحيانًا لتناول علف الأمباز الذي نستخدمه عادةً كعلف للحيوانات". وتُعاني النساء من الحاجة المستمرة للماء، حيث إنهن يضطرن لحمل المياه لمسافات
طويلة، بما في ذلك عبر مناطق مليئة بالخطر.
ووفقًا لمسؤول الإعلام في مكتب حاكم
إقليم دارفور، عقاد بن كوني، فإن عدد القتلى في دارفور منذ بداية الحرب في أبريل
2023 بلغ حوالي 6877 قتيلاً، لكن هذا الرقم لا يشمل ضحايا الحروب الجانبية مثل
الأمراض والمجاعة. فقد سجلت التقارير أيضًا "أعداداً هائلة من الضحايا، لا
يمكن حصرها، بسبب ظروف الحياة القاسية في مناطق النزاع".
اظهار أخبار متعلقة
واتهمت العديد من المنظمات الحقوقية،
بما في ذلك "هيومن رايتس ووتش"، قوات الدعم السريع بارتكاب إبادة جماعية في غرب
دارفور، مُشيرة إلى أن الهجمات كانت تستهدف بشكل رئيسي قبيلة المساليت وأبناء
الأقليات غير العربية في المنطقة.
كما أنه يُلاحَظ أن قصف المناطق السكنية
والمستشفيات قد أدى إلى تفشي الأمراض ونقص الأدوية، حيث قُطعت خطوط المياه وتُرك
السكان في حالة من الجوع والعوز.
ويستمر الوضع في دارفور في التدهور
بسرعة، ما يجعل من الضروري تزايد الضغوط الدولية على الأطراف المتنازعة لوضع حد
لهذا النزاع المدمر. وفي الوقت ذاته، يحتاج المتضررون إلى دعم عاجل من منظمات الأمم
المتحدة والمجتمع الدولي لتقديم المساعدات الغذائية والطبية وحماية المدنيين،
وخاصة النساء والأطفال، من هذه الوحشية المستمرة.