أثار طلب وزير الدفاع
المصري، عبد المجيد صقر، أمس الثلاثاء، من
الجيش الثالث الميداني بـ"الحفاظ على أعلى درجات الجاهزية القتالية، لضمان قدرة القوات المسلحة على تنفيذ المهام والمسؤوليات المكلفة بها في مختلف الظروف"٬ العديد من التساؤل حول جاهزية الجيش المصري.
وجدد صقر تأكيده على ضرورة أن "يحافظ رجال الجيش الثالث الميداني على أعلى مستويات الجاهزية القتالية، لتبقى القوات المسلحة قادرة على الوفاء بواجباتها الوطنية في جميع الأحوال".
وتأتي هذه التصريحات في خضم الضغوط التي يمارسها الرئيس الأمريكي، دونالد
ترامب، لتهجير سكان قطاع غزة إلى مصر والأردن. وزعم ترامب، في مقابلة نُشرت يوم الاثنين الماضي، أن الفلسطينيين لن يتمتعوا بحق العودة إلى غزة بموجب خطته للسيطرة على القطاع.
وفي السياق نفسه، يسعى الجيش المصري لإظهار قدرته على بسط سيطرته في شبه جزيرة سيناء٬ حيث يتقاسم الجيش الثاني والثالث الميداني تأمين محافظة سيناء شمالا وجنوبا.
اظهار أخبار متعلقة
الجيش الثالث الميداني
يُعد الجيش الثالث الميداني أحد أهم تشكيلات القوات المسلحة المصرية، ويقع مقر قيادته في مدينة السويس. يتألف الجيش من عدة فرق عسكرية، تضم كل منها عددًا من الألوية التي تمثل مختلف أفرع القوات المسلحة.
تتمثل المهام الرئيسية للجيش الثالث في تأمين حدود الدولة وحماية المنشآت الداخلية في المنطقة الممتدة من الكيلو 61 على طريق مصر-السويس الصحراوي وحتى الحدود الدولية، بطول 260 كيلومترًا، بالإضافة إلى 400 كيلومتر في المنطقة الممتدة من رأس محمد حتى منطقة العوجة على الحدود مع
الاحتلال الإسرائيلي.
كذلك، يتحمل الجيش مسؤولية تأمين محافظات جنوب سيناء والبحر الأحمر، فضلًا عن حماية الأهداف الاقتصادية والسياحية في نطاق عملياته.
إلى جانب ذلك، يشارك الجيش الثالث في تأمين المنشآت العسكرية والمناطق الاقتصادية في منطقتي بلاعيم وأبو رديس. كما يتولى تأمين نحو 52 كيلومترًا من قناة السويس، بالتنسيق مع الجيش الثاني الميداني والقوات البحرية من خلال مركز قيادة موحد.
يتكون الجيش الثالث الميداني من عدة تشكيلات عسكرية رئيسية، تشمل:
(فرقة مشاة: تضم ألوية مشاة - فرقة مشاة ميكانيكية: تتألف من ألوية مشاة ميكانيكية - فرقة مدرعة: تتكون من ألوية مدرعة - لواء مدرع مستقل: يعمل بشكل منفصل عن الفرق الأخرى).
اظهار أخبار متعلقة
الجيش الثاني الميداني
يُعتبر الجيش الثاني الميداني أحد أبرز تشكيلات القوات المسلحة المصرية، ويقع مقره في مدينة الإسماعيلية. تتمثل مهمته الأساسية في تأمين الجزء الشمالي من منطقة قناة السويس، بما في ذلك محافظتي الإسماعيلية وبورسعيد.
كما يتحمل مسؤولية العمليات العسكرية في محافظة شمال سيناء، بالتنسيق مع الجيش الثالث الميداني، في إطار القيادة الموحدة لمنطقة شرق القناة.
يتألف الجيش الثاني الميداني من عدة تشكيلات عسكرية رئيسية، منها: (الفرق المدرعة: مثل الفرقة السادسة المدرعة - فرق المشاة الميكانيكية: وتشمل الفرقة السابعة، والفرقة السادسة عشرة، والفرقة الثامنة عشرة - ألوية المشاة الميكانيكية المستقلة: مثل اللواء 135 مشاة ميكانيكية، الذي يُعد قوة تأمين لمدينة بورسعيد - ألوية المدفعية: وتضم وحدات مدفعية متوسطة وبعيدة المدى - ألوية المهندسين العسكريين: المتخصصة في إنشاء الجسور وتوفير المياه والبنية التحتية).
إلى ذلك، تعزّز هذه التشكيلات من قدرة الجيش الثاني على تنفيذ مهام متنوعة، تشمل العمليات الهجومية والدفاعية، فضلًا عن دعم الوحدات القتالية في مختلف الظروف الميدانية.
اظهار أخبار متعلقة
تراجع تصنيف الجيش
مع كل هذه الاستعدادات، يشهد الجيش المصري تراجعًا في التصنيفات العالمية، حيث خسر 10 مراتب خلال أربع سنوات، وذلك وفقا لتقرير موقع "غلوبال فاير باور" المتخصص في تقييم القوة العسكرية للدول.
وأوضح الموقع، تراجع ترتيب الجيش المصري إلى المركز الـ19 عالميًا في تصنيف عام 2025، بعد أن كان يحتل المركز الـ15 في العام السابق. وهو ما يطرح جُملة تساؤلات بخصوص أسباب فقدان أقوى جيش عربي لـ10 مراتب منذ عام 2020، في تراجع لافت يثير التساؤلات حول واقع القوة العسكرية المصرية وقدرتها على مواجهة التحديات الإقليمية والدولية.
ماذا عن اتفاقية كامب ديفيد؟
تأتي التجهيزات العسكرية المصرية في سيناء في إطار معاهدة كامب ديفيد، التي وُقِّعت عام 1979، والتي تنص في بعض بنودها على تقسيم سيناء إلى ثلاث مناطق: "أ"، و"ب"، و"ج".
1. المنطقة (أ): تقع في غرب سيناء بمحاذاة قناة السويس، ويُسمح لمصر بنشر فرقة مشاة ميكانيكية تضم نحو 22 ألف جندي، مدعومة بالدبابات والمدفعية.
2. المنطقة (ب): تقع في وسط سيناء، ويُسمح لمصر بنشر أربع كتائب من قوات حرس الحدود، يصل عدد أفرادها إلى 4 آلاف جندي، مزودين بأسلحة خفيفة.
3. المنطقة (ج): تقع في شرق سيناء على الحدود مع الاحتلال الإسرائيلي وقطاع غزة، وكان يُحظر فيها تواجد القوات المسلحة المصرية، حيث اقتصر الوجود الأمني على قوات الشرطة المدنية.
![](https://arabi21.com/Content/Upload/Large/7201611142747264.jpg)
مع تصاعد تهديدات الجماعات المسلحة في سيناء، تم التوصل إلى اتفاق بين مصر والاحتلال الإسرائيلي لتعديل بعض بنود المعاهدة، بما يسمح بتعزيز الوجود العسكري المصري في المنطقة "ج".
وفي عام 2021، أُعلن عن تعديلات تسمح بزيادة عدد قوات حرس الحدود وقدراتها في المنطقة الحدودية بمدينة رفح، بهدف تعزيز الأمن ومكافحة الإرهاب.
نشاط المنطقة (ج) يقلق الاحتلال
وفي الجمعة الماضية٬ زار وفد عسكري إسرائيلي، العاصمة المصرية القاهرة، بهدف مراجعة الترتيبات الأمنية المتعلقة بالمناطق الحدودية المشتركة بين مصر وقطاع غزة.
ووفقًا لمصادر صحفية، ناقش الوفد الإسرائيلي الترتيبات الأمنية على الشريط الحدودي مع غزة بعد تنفيذ الاستحقاقات الخاصة بوقف إطلاق النار في القطاع، والانسحاب من ممر صلاح الدين (فيلادلفي) المتاخم للحدود مع مصر.
كما تناولت مناقشات الوفد الإسرائيلي مراجعة بعض الأمور المتعلقة بالملاحق الأمنية في اتفاقية كامب ديفيد، الموقعة بين مصر والاحتلال الإسرائيلي عام 1979، إذ أشار الجانب الإسرائيلي إلى حشود المعدات العسكرية والأسلحة الثقيلة التي نشرها الجيش المصري مؤخرًا في المنطقة (ج) التي حددتها الاتفاقية.
وفي هذا السياق، أكد المسؤولون العسكريون المصريون لنظرائهم الإسرائيليين أن أي انتهاك للاتفاقية من الجانب الإسرائيلي سيواجه بانتهاك من جانب مصر.
وأكد الجانب الإسرائيلي بدوره أن هناك بنودًا ضمن الملاحق الأمنية للاتفاقية تحتاج إلى إدخال تعديلات عليها لتلبية احتياجات المرحلة الحالية. وأشارت مصر إلى أنها لا تعارض مناقشة هذا الأمر بشرط اختيار الوقت المناسب وتهيئة الأجواء لذلك حتى لا تتعرض الاتفاقية برمتها للخطر.
كما يذكر مندوب الاحتلال الإسرائيلي لدى الأمم المتحدة، داني دانون، عبر تصريح لإذاعة "كول بارما" العبرية، الأحد الماضي، أنّ: "مصر تستثمر مئات الملايين من الدولارات سنويًا في المعدات الحديثة، رغم عدم وجود تهديدات على حدودها".
وتساءل دانون: "لماذا يحتاجون إلى كل هذه الغواصات والدبابات؟"، مشيرًا إلى أنّ: "هجوم حركة المقاومة تشرين الأول/ حماس في 7 أكتوبر 2023 يجب أن يكون مدعاة للقلق".
اظهار أخبار متعلقة
باحث عسكري: يشكك في القوة القتالية للجيش
ويذكر أن الباحث في الشأن العسكري والجيوش، يزيد الصايغ، قال في لقاء إعلامي٬ إن الإدارة الأمريكي لا تنظر إلى الجيش المصري على أنه قوة قتالية فعلية، مشيرًا إلى أن غالبية قياداته تقدمت في السن.
وأضاف خلال ندوة حوارية أن "القوات المسلحة المصرية تضم حاليًا نحو 15 ألف ضابط برتبة لواء، وهي نسبة غير مسبوقة مقارنة بأي جيش آخر في العالم، حيث تعتمد الجيوش عادة على الهيكل الهرمي".
وأوضح الصايغ أن "هذه الظاهرة تعود إلى المزايا الكبيرة التي يتمتع بها كبار الضباط، بالإضافة إلى تمديد فترة خدمتهم، حيث تم تمديد تقاعد اللواء من سن 58 عامًا إلى 62 عامًا، ما أدّى إلى تحول الجيش إلى قوة غير قتالية في الأساس".
وأشار إلى أنه "من خلال أبحاثه، قابل بشكل مباشر وغير مباشر عددًا من الضباط والمسؤولين الأمريكيين الذين يعملون في إطار العلاقات الثنائية بين البلدين، والمسؤولين عن تقديم المساعدات العسكرية لمصر. وعند سؤالهم عن رأيهم في الجيش المصري كقوة قتالية، أجابوا بأنهم لا يعتبرونه جيشًا مقاتلًا، بل لا يرونه جيشًا بالمعنى الحقيقي".
اظهار أخبار متعلقة
وأعرب الصايغ عن قلقه من الاعتقاد السائد بأن القوات المسلحة المصرية الحالية هي نفسها التي خاضت حرب 1967، مؤكدًا أن طبيعة الجيش ودوره قد تغيرا بشكل كبير. كما لفت إلى التوسع الكبير الذي شهدته الشركات التابعة للجيش في الاقتصاد المدني بعد انقلاب عام 2013.
أيضا، نشرت دراسة في مركز "كارنيجي" بعنوان "المؤسسة العسكرية المصرية كرأس حربة لرأسمالية الدولة"، سلّط فيها الضوء على المجالات التي توسع فيها الجيش خلال العقد الماضي، مثل التطوير العقاري، وإنشاء مجمعات صناعية، واستخراج المواد الطبيعية، وتعزيز العلاقات مع القطاع الخاص، وزيادة رأس المال العام عبر الاستثمارات الخاصة.
وأضاف أن الجيش المصري كثّف من نشاطه التجاري في سوق السلع والخدمات، حيث أصبح منافسًا قويًا للقطاع الخاص. وعلى سبيل المثال، يقوم الجيش بفتح منافذ لبيع حلويات عيد الفطر بأسعار مخفضة وجودة عالية، ما أثار جدلاً حول تدخله في الأنشطة التجارية التي تقليدياً كانت من اختصاص القطاع الخاص.