لم يمضِ شهر حتى الآن على رئاسة دونالد ترمب الثانية، ومع ذلك فالعالم برمته «يفرقع» من أمامه ومن حوله. واللافت في هذا الدرب المطرَّز والمزنَّر بالمشاكل والأزمات، أنه يستهدف أصدقاء أميركا وليس خصومها. فقد أعلن أنه سوف يصالح زعيم كوريا الشمالية، وهذا حدث تاريخي ثمين، لكنه في المقابل ملأ درب العلاقة مع جارته المكسيك، أحزاناً وقلقاً. وحوَّل العلاقة مع كندا إلى خوف وعداء وخطاب غير مسبوق. ومنذ رئاسته الأولى خاطب الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون بطريقة مملوءة بالتهديد المبطن.
توقَّع الناس أن يكون ترمب في ولايته الثانية أكثر هدوءاً وأكثر التزاماً بالآداب السياسية، لكن ترمب الثاني تجاوز تجاوزات ترمب الأول بأشواط لم يتخيلها أحد. ما بين دعوة ترمب إلى جمهورية كباريهات في غزة، ودعوة شريكه رئيس وزراء كيان
الاحتلال الإسرائيلي بنيامين
نتنياهو إلى إقامة دولة فلسطينية في السعودية، بدا مستوى العلاقات والأعراف الدولية، بين منزلتين، الجنون والانحطاط. من المكسيك إلى رفح بدا مستوى العلاقات الدولية فجأة في أدنى مستوياته الإنسانية: مزايدة عقارية، الأهمية فيه للبرج لا لأهله.
قدم دونالد ترمب ونتنياهو للعالم استعراضاً ثنائياً نادراً في مفهوم الدول والأوطان وعلاقات الشعوب. بل ذهب الرئيس الأميركي إلى أبعد من ذلك في طريقة الانتقام الصبياني من سلفه، والإقالات الجماعية للموظفين، وكأنما الإدارة شركة خاصة.
بدا المشهد غريباً على مسرح العالم. رئيس أميركا يعلن أن صديقه الأول وحليفه دون الجميع، هو الرجل المطلوب من المحكمة الجنائية الدولية، التي لا يعترف بها في أي حال. ولا بسواها. لذا يجب الإقرار بأننا في قلب محنة ضمير عالمية وغير محدودة. وإذا كانت كل خطوة سياسية يتخذها رئيس أميركا سوف تؤدي إلى زعزعة ما، في استقرار العالم، والرئيس في شهره الأول من الحكم، فماذا ينتظرنا في الشهور التالية.
ليس مستغرباً أن يدعو نتنياهو إلى إقامة دولة فلسطينية في السعودية. فهذا جزء من سلوكه ومبادئه وسياساته. أما أن يكون موقف رئيس أميركا مبنياً على المفهوم نفسه، فإن مفاجآت ترمب المرعبة في بداياتها.
الشرق الأوسط