شدد رئيس منتدى الدراسات
الفلسطينية في مركز ديان بجامعة "تل أبيب"، ميخائيل ميلشتاين، على أنه "لا يوجد بديل لحماس في
غزة"، مؤكدا أن التصور السائد في دولة
الاحتلال الإسرائيلي حول "اليوم التالي" والقائم على فكرة "غزة بلا
حماس" هو مجرد خيال لا يستند إلى واقع عملي.
وقال ميلشتاين، في مقال نشرته صحيفة "يديعوت أحرونوت" العبرية، إن "شعار ’نحن اليوم التالي‘، الذي كُتب على المنصة في دير البلح خلال احتفال تحرير ثلاثة من الأسرى الإسرائيليين، يعكس الفجوة الكبيرة بين الأفكار التي روجت لها إسرائيل منذ بداية الحرب والواقع الفعلي"، مشيرا إلى أن "ثمة ميلا مستمرا في إسرائيل لخلق خيالات بدلا من مواجهة وضع مركب وغير متفائل".
وأضاف أن "إسرائيل بنت تصوراتها حول اليوم التالي على فرضية أن غزة ستكون بلا حماس أو على الأقل بلا حكم الحركة"، لكنه اعتبر أن هذا التصور "خاوٍ ولا يستند إلى أي تفسير عملي لكيفية تحقيقه أو متى يمكن أن يتحقق".
اظهار أخبار متعلقة
وأشار الباحث الإسرائيلي إلى أن "الواقع الحالي يثبت العكس تمامًا، فحماس لا تزال الجهة السائدة في غزة، رغم أكثر من 15 شهرًا من القتال ورغم تعرضها لضربات غير مسبوقة".
ولفت إلى أنه "لا يوجد بديل لحماس في غزة، ولا يتطور احتجاج جماهيري ضدها"، معتبرا أن هذا الواقع "محبط للإسرائيليين" لأنه "يعني عمليا عدم تحقيق أحد الهدفين الأساسيين للحرب، وهو القضاء على حماس".
وأضاف: "صحيح أن حماس فقدت جزءًا من قوتها، لا سيما العسكرية، لكنها لا تزال تسيطر على كل مستويات الحياة في القطاع، بما في ذلك التعليم، الذي يسمح لها بمواصلة غسل عقول الفلسطينيين".
وأردف بأن "إسرائيل أدركت أنه لا يمكن تحقيق الهدفين معا، أي القضاء على حماس وتحرير الأسرى، ولذلك ركزت على تحقيق الهدف الثاني، وهو تحرير المخطوفين، لأن الاعتقاد بإمكانية تحقيق الهدفين معًا كان وهما لا يؤدي إلا إلى حرب استنزاف غير محسومة تقلل من فرص تحرير الأسرى".
وأكد ميلشتاين على ضرورة "إجراء بحث واعٍ حول اليوم التالي، يبدأ بتحديد الخيالات التي تُطرح كأفكار إبداعية لكنها في الحقيقة غير قابلة للتحقيق، بل إن مجرد الانشغال بها قد يكون ضارا".
ولفت إلى أن "هناك اعتقادات خاطئة، منها أن حماس قد توافق على مغادرة غزة كما فعل ياسر عرفات في لبنان عام 1982، أو أن يتم نزع سلاحها وتحويلها إلى حزب سياسي أو حركة اجتماعية، وهو ما كان جزءًا من التصور الإسرائيلي قبل السابع من أكتوبر".
وأضاف أن "هناك أيضا آمالا بأن تسيطر السلطة الفلسطينية مجددًا على القطاع أو أن تتولى قوة عربية أو دولية حكمه، بالإضافة إلى أوهام حول إمكانية إحداث احتجاج داخلي في غزة قد يطيح بحكم حماس أو العمل على نزع تطرف السكان عبر ’هندسة الوعي‘ من الخارج".
وأشار الباحث الإسرائيلي إلى أن "الخيال الأكثر حداثة هو رؤية ترامب بشأن ’غزة بلا غزيين‘، وتحويلها إلى ’ريفييرا شرق أوسطية‘، وهو أمر بعيد كل البعد عن الواقع".
وأكد ميلشتاين أنه “عمليا، هناك خياران فقط لليوم التالي في غزة: الأول هو السيطرة الإسرائيلية الكاملة على القطاع، مع توجيه ضربات قاضية لكل منظومات حماس، سواء العسكرية أو المدنية، لكن ذلك سيتطلب بقاءً طويل الأمد في غزة ومحاولة تطوير بديل محلي".
وشدد على أن “هذا الخيار قد يؤدي إلى تحقيق هدف ’غزة بلا حماس‘، لكنه يعني التخلي عن تحرير الأسرى، لأن احتمال تحريرهم في ظل حرب إبادة تفهم فيها حماس أن نهايتها قريبة غير وارد".
وأضاف الباحث الإسرائيلي أن "هذا السيناريو يتطلب تخصيص موارد وقوات كبيرة للسيطرة على غزة والبقاء فيها، ما يعني مواجهة مستمرة مع الإرهاب والعصابات، وتحمل مسؤولية مدنية عن مليوني فلسطيني، إلى جانب احتمال حدوث احتكاك مع العالم العربي والمجتمع الدولي".
أما السيناريو الثاني، وفقا لميلشتاين، فهو "العمل مع مصر لإقامة حكم بديل في غزة، يعتمد على مندوبين عن السلطة الفلسطينية ومستقلين"، لكنه شدد على أن "حماس ستواصل التأثير على كل المجالات من خلف الكواليس، ولن توافق على نزع سلاحها".
وقال إن "حماس كانت قد وافقت على هذا المسار قبل أشهر، والعالم العربي يعمل الآن على تحقيقه بنشاط، على أمل أن يرضي ترامب، الذي قد يرى فيه تنفيذا لرؤية ’غزة بلا حماس‘، ما قد يدفعه للتخلي عن خطته لترحيل الغزيين إلى مصر والأردن".
اظهار أخبار متعلقة
ورأى ميلشتاين أن "هذا السيناريو بعيد عن أن يكون مثاليًا، لكنه يبقى أفضل من البدائل الأخرى"، مشيرا إلى أن دولة الاحتلال الإسرائيلي ستحتاج إلى اتباع ثلاثة مبادئ عمل في حال اعتماده: أولها القيام بإجراءات فورية وحازمة ضد أي تهديد أمني في غزة، والثاني فرض رقابة أمريكية، خاصة في محور فيلادلفيا، وثالثا عدم التدخل في إعادة إعمار غزة، لأن أي إعادة إعمار تعني تثبيت المعادلة التي بموجبها تشن حماس حربا تدمر فيها غزة، ثم يأتي العالم لإعادة إعمارها حتى المواجهة التالية".
وأكد ميلشتاين أن "الافتراض الأساسي الذي يجب أن تبني عليه إسرائيل استراتيجيتها هو أن حماس ستظل دائما تسعى إلى ضرب إسرائيل وزرع فكرة إبادتها في عقول الأجيال القادمة، ما يجعل أي تعايش أو تسوية مستحيلا".
وأشار إلى أن "نائب قائد حماس، خليل الحية، أكد هذا الأمر الأسبوع الماضي، عندما قال إن ’الحرب التي انتهت ليست سوى مقدمة لتحرير فلسطين وإبادة إسرائيل‘".
وختم ميلشتاين مقاله بالتشديد على أن "إسرائيل ستحتاج إلى خطة بعيدة المدى لتغيير الواقع في غزة من جذوره"، موضحا أن "الطريقة الوحيدة لتحقيق ذلك تتمثل في السيطرة الكاملة على القطاع، وتوجيه ضربة عميقة لحماس، والبقاء هناك لمحاولة إقامة بديل محلي، لكن دون استئناف الاستيطان أو إفراغ غزة من سكانها الفلسطينيين".