تسعى
الحكومة السورية بشكل متسارع لتأمين
شحنات نفطية إضافية لمواجهة
أزمة الطاقة
الحادة التي ورثتها عن
نظام الأسد المخلوع إلا أن الخيارات المتاحة أمامها لا تزال
محدودة، خاصة في ظل العقوبات الغربية التي تفرض قيودًا صارمة على قطاع
النفط
السوري.
وبحسب
تقرير لمعهد واشنطن لسياسة الشرق الأوسط، فإن محاولة الاتحاد الأوروبي تعليق بعض
الإجراءات التقييدية في قطاعات الطاقة، وتقديم الإدارة الأمريكية السابقة إعفاءات
مؤقتة لبعض المعاملات الإنسانية، تبقي الشركات الكبرى ومالكي السفن مترددين في
التعامل مع
سوريا خوفًا من مخالفة العقوبات الغربية.
في
هذا السياق، أشارت نعوم ريدان في التقرير إلى أنه قد يلجأ بعض التجار ومشغلي السفن
إلى التعامل مع سوريا بشكل غير قانوني، بما في ذلك روسيا، التي تواصل دعمها للنظام
السوري، خاصة بعد تقليص وجودها العسكري في البلاد. وقد تم رصد ناقلات نفط مرتبطة
بروسيا أثناء توجهها إلى الموانئ السورية، ما يثير التساؤلات حول مستقبل النشاط
النفطي الروسي في سوريا في مرحلة ما بعد الأسد.
يعد
أحد أبرز التطورات في هذا المجال تغيير مسار ناقلة النفط "بروكسيما"
في 23 شباط/ فبراير من مدينة مرسين التركية إلى ميناء بانياس السوري.
ومن
المتوقع أن تكون هذه السفينة قد حملت شحنة من الديزل، وهو منتج حيوي يحتاجه
الاقتصاد السوري بشكل ملح. والجدير بالذكر أن "بروكسيما" هي إحدى السفن
المدرجة ضمن قائمة العقوبات الأمريكية، ما يزيد من تعقيد الوضع.
اظهار أخبار متعلقة
في
26 شباط/ فبراير، تم رصد سفينة أخرى تدعى "بروسبريتي" وهي ناقلة نفط
مرتبطة أيضًا بروسيا وتحمل شحنة ديزل، وصلت إلى ميناء بانياس في 5 آذار/ مارس. هذه
الشحنات من المنتجات النفطية تساهم في تلبية احتياجات سوريا الملحة في ظل النقص
الحاد في الوقود.
في ما
يتعلق بالواردات النفطية، كانت إيران في الماضي المورد الرئيسي للنفط الخام إلى
سوريا، ولكن بعد الحرب، أصبح الوضع أكثر تعقيدًا، على الرغم من أن إيران ما زالت
تصدر النفط إلى سوريا، إلا أن الكميات لا تكفي لتلبية احتياجات البلاد. وتواجه
سوريا صعوبة في إعادة تشغيل مصافيها الكبرى، مثل مصفاة بانياس.
من
جهة أخرى، يزداد تدفق شحنات الغاز النفطي المسال (LPG)، الذي يُستخدم بشكل رئيسي في التدفئة والطهي، ولوحظ أن ناقلات
الغاز النفطي المسال تواصل شحن الوقود من مدينة دورتيول في تركيا إلى سوريا، حيث
يُتوقع أن تزداد محاولات تهريب الوقود من لبنان بسبب حاجة السوق السورية.
على
الرغم من القيود المفروضة على القطاع النفطي، فقد بدأت دمشق بالعمل على استئناف
اتفاقيات النفط مع الإدارة الكردية في شمال شرق سوريا، ومن المحتمل أن تساهم هذه
الاتفاقات في توفير كميات من النفط الخام، لكنها غير كافية لتغطية احتياجات البلاد.
وفي
الوقت نفسه، بدأت الأردن بإرسال الغاز النفطي المسال إلى سوريا عبر الشاحنات، وهو
ما يعد خطوة مهمة في محاولة سوريا لتلبية احتياجاتها من الطاقة، ولكن، من المتوقع
أن يظل الاعتماد على شبكات التهريب مستمرًا في ظل صعوبة تأمين مصادر شرعية كافية.
اظهار أخبار متعلقة
وكشف
التقرير أن تجارب ما بعد الحرب في لبنان والعراق توضح أن قطاع الطاقة في الدول
التي تشهد صراعات يكون عرضة لفساد واسع يمكن أن يعوق التنمية الاقتصادية، ولذلك،
فإن الحكومة السورية ستحتاج إلى موارد مالية كبيرة لدعم تشغيل الخدمات العامة
الأساسية في مرحلة ما بعد الأسد.
إذا
لم تتمكن السلطات السورية من إيجاد حلول فعالة لتلبية احتياجات الطاقة والتعامل مع
المخاوف المتعلقة بالعقوبات، فإن هناك عدة سيناريوهات غير مواتية قد تظهر. على
سبيل المثال، قد يقوم بعض الموردين بالاستفادة من غياب المنافسة لاحتكار إمدادات
الطاقة، في حين قد تستغل روسيا هذا الوضع لتعزيز نفوذها في سوريا من خلال صفقات
غير مواتية.
إن
استمرار الغموض حول تخفيف العقوبات الأمريكية سيمنح الشبكات التجارية غير
القانونية فرصة لتكثيف أنشطتها، ما يمثل تحديًا خطيرًا للولايات المتحدة. وفي
النهاية، قد يواجه المجتمع الدولي صعوبة في تحقيق توازن بين تلبية الاحتياجات
الإنسانية العاجلة في سوريا وبين معالجة المخاطر المترتبة على الفساد وتعزيز
النفوذ الروسي.