نشرت صحيفة "
ذا هيل" تقريرًا يسلط الضوء على الجدل الذي أثاره تدخل حاكمة
نيويورك كاثي
هوكول في الإعلان عن وظيفة أكاديمية تتعلق بالدراسات
الفلسطينية في
كلية هانتر التابعة لجامعة مدينة نيويورك الممولة من القطاع العام.
وقالت الصحيفة في هذا التقرير الذي ترجمته "عربي21"، إن هوكول طالبت بإزالة إعلان الوظيفة معتبرة إياه متحيزًا ومعاديًا للسامية، وسرعان ما امتثلت جامعة مدينة نيويورك لطلب الحاكمة، زاعمة أن توصيف الوظيفة "مثير للانقسام والاستقطاب وغير لائق".
إدانات في الوسط الأكاديمي
جاء في نص الإعلان الذي اعتبرته حاكمة نيويورك معاديًا
للسامية وطالبت بحذفه: "نبحث عن باحث له دراية واسعة بالتاريخ يتناول القضايا
المتعلقة بفلسطين من منظور نقدي، بما في ذلك على سبيل المثال لا الحصر: الاحتلال
الاستيطاني، والإبادة الجماعية، وحقوق الإنسان، والفصل العنصري، والهجرة، والمناخ
وتدمير البنية التحتية، والصحة، والعرق، والجنس، والهوية الجنسية، وغيرها. نحن
منفتحون على مقاربات نظرية ومنهجية متنوعة. نحن نبحث عن مرشحين مهتمين بالعمل
العام".
وكان رد فعل الأوساط الأكاديمية سريعًا، فقد وصف رئيس
الرابطة الأمريكية لأساتذة الجامعات، تود وولفسون، تدخل هوكول بأنه انتهاك
"للمبادئ الأساسية للحرية الأكاديمية"، وأنه أمر غير مقبول أبدًا في
مجتمع حر.
اظهار أخبار متعلقة
كما أدانت لجنة الحرية الأكاديمية التابعة لاتحاد أعضاء
هيئة التدريس في جامعة مدينة نيويورك رضوخ الإدارة "للضغوط السياسية"،
وانتهاكها "أبسط مبادئ الحرية الأكاديمية".
وحسب الصحيفة، فإن هذا الخلاف يثير ثلاثة أسئلة مهمة: هل
كان تدخل هوكول مناسبًا؟ وهل كان الإعلان الوظيفي "مثيرًا للانقسام
والاستقطاب"؟ وهل كان معاديًا للسامية؟
تدخل غير مقبول
أشارت الصحيفة إلى أن هوكول ليس لها أي حق في المطالبة
بإزالة الإعلان، فالتدخل السياسي في المناهج الدراسية هو انتهاك غير مبرر للحرية
الأكاديمية.
وأضافت أن السيطرة السياسية المباشرة على المحتوى التعليمي هي سمة من سمات الاستبداد وليس الديمقراطية، معتبرة أن للمواطنين كل الحق في انتقاد السياسات التعليمية وتقديم شكاوى لرؤساء الجامعات الحكومية، لكن تدخل هوكول تجاوز كل الحدود.
هل الإعلان مثير للانقسام؟
يرى أستاذ الفلسفة بجامعة شيكاغو، برايان ليتر، أن المباحث
التي يتضمنها الإعلان هي "مواضيع ذات صلة حقيقية بالفلسطينيين".
اظهار أخبار متعلقة
وأشارت نقابة أعضاء هيئة التدريس في جامعة مدينة
نيويورك إلى أن "المصطلحات قد تكون محل خلاف"، لكنها "مواضيع علمية
وتربوية مشروعة"، وكثيرًا ما يتم تناولها في العديد من التخصصات.
وأكد البيان الصادر عن اتحاد أعضاء هيئة التدريس في الجامعة أن "البحث الأكاديمي ليس من مسؤوليته أن يكون متوازنًا أو غير مثير للجدل".
لكن الصحيفة اعتبرت أن المباحث المذكورة في الإعلان تحمل
أجندة سياسية واضحة، حيث تركز فقط على الجرائم الإسرائيلية المزعومة، ولا يوجد أي
ذكر لمباحث أخرى مثل الإسلاموية أو الديمقراطية، أو الماركسية، أو الإرهاب، أو
الكفاح المسلح، وكلها لعبت أدوارًا في حياة الفلسطينيين وتاريخهم.
وترى الصحيفة أن التركيز الواضح على إسرائيل يقوض مبدأ
التوازن والتفكير النقدي المحايد، ولا يجعل من هذا المنصب الأكاديمي استكشافًا
علميًا مستقلًا للتاريخ والمجتمع الفلسطيني.
"معاداة السامية"
قال العضو السابق في مجلس أمناء جامعة مدينة نيويورك جيفري
وايزنفيلد، إن "الإعلان يروج لمعاداة السامية من خلال شيطنة دولة إسرائيل
اليهودية"، مشبهًا دورة الدراسات الفلسطينية بالدورات الدراسية النازية التي
كانت تنسب جميع جرائم العالم إلى اليهود.
اظهار أخبار متعلقة
من جانبه، يرى أستاذ العلوم السياسية في جامعة مدينة
نيويورك، كوري روبن، أن ادعاء وايزنفيلد مبالغ فيه؛ حيث نسب النازيون لليهود جرائم
وهمية، في حين أن اتهامات مثل الفصل العنصري تستند إلى أسس ملموسة تاريخيا.
وحسب الصحيفة، فإن فحوى الإعلان وغياب أي مؤشر على
الموضوعية الأكاديمية، أوصل رسالة مفادها أن المتقدمين للوظيفة يُتوقع منهم
الانخراط في معاداة إسرائيل.
وأضافت الصحيفة أن معاداة السامية تهمة يصعب إثباتها في
مثل هذه الحالة، لكن الأوساط الأكاديمية المسؤولة يجب أن تبتعد عن كل أشكال
التحيز، مهما تم التعبير عنها بشكل غير مباشر.
وختمت الصحيفة بأن هوكول أخطأت تمامًا بتدخلها في قرار كلية هانتر بشأن المناهج الدراسية، لكن إعلان الوظيفة بعث بإشارة سياسية واضحة مفادها أن العداء "المُعلن" لإسرائيل شرط أساسي للحصول على الوظيفة.