سعد الدين الهلالي شخصية تركت الفقه والعلم
وراء ظهرها، واستقبلت كل ما يرضي السلطة، وما يرضي ما هو دائر في فلك السلطة، من
حيث الشهرة، والجهات التي تفرح بطرح كل ما هو شاذ، وكل ما هو صادم للمسلمين في ما
يلتزمون به من واجبات وفرائض، وما أكثر ما طرح في هذا المضمار.
لكن الصادم الحقيقي هو ما صدر عنه مؤخرا؛ في
كلامه عن
حجاب المرأة المسلمة، ففي لقاء على قناة العربية، قال كلاما هو أدخل في
باب الكذب عن العلم، وزاد من جرأته في ذلك، أنه قدمه بالحلف بالله، فقال للمذيع:
تصدق وتؤمن بالله، لم يذكر الحجاب في كتب الفقه إلا في شروط صحة الصلاة، ثم أكد ما
يدل على أنه استقرأ المواضع في ذلك، فقال: لي مائة كتاب، وثمانمائة أو تسعمائة
بحث، وأعمل في الفقه سنوات عمري، أي: إن الرجل مر على كل أبواب الفقه، في جميع
المذاهب الإسلامية، فلم يجد فيها ذكرا للحجاب، إلا في شروط صحة الصلاة، أي: إنه مفروض
فقط في الصلاة، أما خارجها، فليس مفروضا، ولا هو قضية مطروحة.
وهو كلام يمكن لأي طالب علم أزهري، ليس
مختصا بدراسة الفقه كالهلالي نفسه، أن يرده عليه، بمجرد أن يخلو بنفسه، ويقدح زناد
فكره، في أقل من خمس دقائق، سيخرج بمواضع كثيرة جدا، ذكر فيها الفقهاء حجاب
المرأة، أو عورة المرأة، وعورة الرجل كذلك، فالفقهاء لا يذكرون كلمة حجاب أو نقاب،
بل يتم التعامل مع هذا الحكم باسم العورة، فنجد حديثهم يتناول عورة الرجل مع
الرجل، وعورة المرأة مع المرأة، وعورة الرجل مع المرأة، وعورة الرجل والمرأة
المحارم،.. كل هذه مواضع تذكر في كتب الفقه في مواضع شتى، سنذكر بعضا منها دون كثير
بحث، لنثبت بذلك أن الهلالي وأمثاله يفترون الكذب صراحة، في هذه المسألة.
لم يكن لنهتم بكلام الهلالي، لولا أن الموضوع يتعلق بواجب وفريضة دينية، وهي حجاب المرأة المسلمة، وأن ما ذكره سيستدل به آخرون في سياقات أخرى، فأردنا نسف ذلك الزعم، بأدوات الزاعم، لكنها بالحق، وليس بالتضليل الذي مارسه الهلالي، وهو واجب شرعي يقوم به أهل الاختصاص، حتى لا تنطلي حيل المدعين على شرع الله.
أما ما طرحه الهلالي من أمر العورة وسترها،
في شروط صحة الصلاة، فلن نتعرض له حيث إنه مقر به، لكن الموضوع يذكر أيضا في باب
الحج، في ذكر إحرام الرجل وإحرام المرأة، وماذا لو بدا من أحدهما شيء من العورة،
وكيف تحرم المرأة، وهل يجوز لها تغطية الوجه، حيث إن الوجه موضع خلاف بين الفقهاء
هل يعد عورة أم لا؟
وإذا تركت الصلاة والحج، وانتقلت إلى
الأحكام المتعقلة بالمسلم بعد وفاته، فستجد اهتماما بالغا من الشريعة والفقه،
بأحكام عورة المسلم، فهناك نقاشات بالغة الدقة والأهمية، في ما يتعلق بعورة الميت
الحسية والمعنوية، فيشترط في الغاسل ألا يمس أو النظر لعورة الميت، سواء كان
الغاسل ذكرا يغسل ذكرا، أو أنثى تغسل أنثى، وشرط أن يكون كاتما للسر حتى لا يفشي
يما يبدو له من سوء أو حسن خاتمة الميت.
ثم يناقش الفقهاء في باب الأحوال الشخصية،
من حيث الزواج والطلاق، أحكام النظر للعورة، وسترها عن الأجانب، فتجد حديث الفقهاء
عما يستثنى للخاطب رؤيته، وتدقيقه النظر في الوجه، دون اشتهاء، وعند الطلاق، يناقش
الفقهاء كذلك ما يجوز النظر إليه من العورات، لو كان الطلاق له سبب يتعلق بذلك،
كعيوب البكارة، أو ما يتعلق بعيوب أخرى.
وأبواب أخرى كباب الزنا، واللباس والزينة،
والحظر والإباحة، ودخول الحمامات العامة، والقضاء، والشهادة، كلها أبواب يناقش
فيها الفقهاء ما يحل وما يحرم النظر إليه من العورات، وما يحل وما يحرم لبسه
والتزين به للرجال والنساء، وموضع الزينة الحلال، وموضع الزينة الحرام، وكلها
أبواب لا تخلو من ذكر عورة الرجل والمرأة، سواء مع المحارم، بل مع غير المسلمين.
فهل يجهل سعد الهلالي هذه المواضع؟ الواضح
أنه لا يجهلها، ويمينه الذي أقسمه، هو يمين غموس، للأسف، إلا إذا اعتراه مرض
الزهايمر، أو النسيان والذهول، لكن الرجل كان مبالغا في كلامه، فلا أدري أين نشر
(800) أو (900) بحثا، ويبدو أنه بات يتبنى رؤية صهره الشيخ خالد الجندي، الذي زعم
أنه قرأ (500000) كتاب، وهو ما اضطر الشيخ الحويني رحمه الله، أن يحسب ذلك، وأنه
كان يقرأ في كل ساعة مجلدا من مئات الصفحات وهو مستحيل، ولا يستوعبه عمره.
لم نكن لنهتم بكلام الهلالي، لولا أن
الموضوع يتعلق بواجب وفريضة دينية، وهي حجاب المرأة المسلمة، وأن ما ذكره سيستدل
به آخرون في سياقات أخرى، فأردنا نسف ذلك الزعم، بأدوات الزاعم، لكنها بالحق، وليس
بالتضليل الذي مارسه الهلالي، وهو واجب شرعي يقوم به أهل الاختصاص، حتى لا تنطلي
حيل المدعين على شرع الله.
Essamt74@hotmail.com