سياسة عربية

أربع محطات مفصلية مرت بها سوريا بعد سقوط نظام الأسد.. تعرف عليها

العديد من المراحل المفصلية شهدتها سوريا منذ سقوط نظام الأسد- سانا
العديد من المراحل المفصلية شهدتها سوريا منذ سقوط نظام الأسد- سانا
مرت سوريا عبر محطات مفصلية عديدة منذ سقوط نظام الرئيس المخلوع بشار الأسد أواخر العام الماضي، ما سلط الضوء على سلسلة من التحديات التي تواجه صناع القرار الجدد في دمشق للتخلص من التركة الثقيلة للنظام السابق.

ففي حين تشكل العقوبات الغربية المفروضة على البلاد عائقا أمام إعادة الإعمار والبدء في مشاريع التعافي الاقتصادي، تبرز انقسامات حادة بين المركز والأطراف ما يدفع دمشق إلى التعامل مع سلسلة من الملفات الضاغطة من أجل تعزيز وحدة البلاد.

وتاليا نستعرض أبرز هذه المحطات:

ملء فراغ السلطة
تسبب سقوط نظام المخلوع بشار الأسد المفاجئ بعد 11 يوما من المعارك الضارية في دخول البلاد في مرحلة غير مسبوقة في تاريخها الحديث، حيث وجدت المعارضة المسلحة بقيادة أحمد الشرع نفسها في دمشق أمام بلاد منهكة ومؤسسات مترهلة.

وكان التحدي الأبرز ملء فراغ السلطة وبسط الأمن لتجنب انزلاق البلاد في منحدر الاقتتال من جديد، وهو ما تمكن أحمد الشرع من التعامل معه من خلال سلسلة من التوافقات الوطنية التي تمثلت في مؤتمر النصر العسكري الذي أعلن حل الفصائل وتنصيب الشرع رئيسا للبلاد في المرحلة الانتقالية.

اظهار أخبار متعلقة


ولاحقا، جاء مؤتمر الحوار الوطني الذي جمع ما يزيد عن ألف شخصية سورية في قصر الشعب بالعاصمة دمشق ليخرج بسلسلة من البنود التي أكدت على وحدة البلاد وحصر السلاح بيد الدولة والدعوة إلى رفع العقوبات الدولية.

كما جرى المصادقة على الإعلان الدستوري، الذي هدف إلى سد الفراغ الدستوري ونظم المرحلة الانتقالية، التي حددت بموجبه بفترة 5 سنوات.

أحداث الساحل
شهدت منطقة الساحل السوري في مطلع آذار /مارس الماضي توترات أمنية غير مسبوقة على وقع هجمات منسقة شنتها قوات موالية للنظام المخلوع ضد قوات الأمن العام، في هجوم وصف في الأوساط السورية بأنه "محاولة انقلابية".

وأسفرت الاشتباكات التي دامت عددا من الأيام عن سقوط مئات القتلى والمصابين في صفوف قوات الأمن العام والمدنيين، قبل أن تعلن وزارة الدفاع السورية وجهاز الأمن العام بسط سيطرتها على المنطقة.

ووثقت تقارير وقوع انتهاكات جسيمة وإعدامات ميدانية طالت مدنيين في مناطق الاشتباك، ما دفع الرئيس السوري أحمد الشرع إلى تشكيل لجنة تحقيق مستقلة للنظر في ملف الانتهاكات، بالإضافة إلى لجنة عليا للحفاظ على السلم الأهلي في البلاد.

اتفاق "قسد"
في 10 آذار /مارس الماضي، وقع الرئيس السوري أحمد الشرع مع قائد قوات سوريا الديمقراطية "قسد" مظلوم عبدي، اتفاقا ينص على دمج مؤسسات الأخيرة المدنية والعسكرية في الدولة السورية الجديدة.

وجاء الاتفاق الذي وصف بالتاريخي في إطار مساعي الحكومة السورية الجديدة بقيادة الشرع لحل كافة الفصائل المسلحة وبسط سيطرتها على كافة التراب الوطني.

ونص الاتفاق المكون من 8 بنود، على "ضمان حقوق جميع السوريين في التمثيل والمشاركة في العملية السياسية وكافة مؤسسات الدولة بناء على الكفاءة بغض النظر عن خلفياتهم الدينية والعرقية".

كما نص على "دمج كافة المؤسسات المدنية والعسكرية في شمال شرق سوريا ضمن إدارة الدولة السورية بما فيها المعابر الحدودية والمطار وحقول النفط والغاز".

إلا أن الاتفاق الذي حدد له مدة عام لتنفيذه بشكل كامل يواجه العديد من التحديات، التي طفت إلى السطح بعد مؤتمر الحوار الكردي الذي عقد الشهر الماضي في مدينة القامشلي، داعيا إلى "اللا مركزية".

ودفعت مخرجات المؤتمر الرئاسة السورية إلى تحذير قوات سوريا الديمقراطية "قسد" من السعي إلى تكريس الانفصال، أو الحكم الذاتي.

وشددت على رفض دمشق "بشكل واضح أي محاولات لفرض واقع تقسيمي أو إنشاء كيانات منفصلة تحت مسميات الفيدرالية أو الإدارة الذاتية دون توافق وطني شامل".

صحنايا والسويداء
مطلع شهر أيار /مايو الجاري، شهدت مناطق ذات غالبية درزية على أطراف العاصمة دمشق مثل جرمانا وأشرفية صحنايا توترات واشتباكات عنيفة بين قوات الأمن ومجموعات مسلحة وصفتها دمشق بـ"الخارجة عن القانون".

وأثار ذلك مخاوف من تصاعد الأوضاع إلى صدام واسع بين الجانبين، في حين دخل الاحتلال الإسرائيلي على خط الأزمة عبر شن سلسلة من الغارات العنيفة على مناطق متفرقة من سوريا تحت ذريعة "حماية الدروز".

اظهار أخبار متعلقة


انتهت الاشتباكات باتفاق مع أهالي مدينة جرمانا ودخول قوات الأمن السوري أشرفية صحنايا، فيما أصدرت مشيخة عقل الطائفة الدرزية ووجهاء من السويداء بيانا بعد اجتماع مع وفد من الحكومة نص على "رفض التقسيم أو الانسلاخ أو الانفصال" وتفعيل دور وزارة الداخلية والضابطة العدلية في المدينة الواقعة جنوبي البلاد.

لكن لا يزال أمام السلطات السورية العمل على ضمان تفعيل دور جهاز الأمن بالمحافظة ذات الغالبية الدرزية، كما أن عليها مواجهة التدخل الإسرائيلي المتواصل تحت ذريعة حماية الأقليات بما في ذلك الدروز.

الصورة الأوسع
تعمل السلطات في دمشق على رأب الصدع الذي خلفه نظام الأسد في النسيج الاجتماعي، بالتوازي مع سعيها الدبلوماسي الحثيث لرفع العقوبات الدولية وإعادة ترميم علاقات البلاد مع الخارج، من أجل ضمان تسريع تعافي البلاد المنهكة من الحرب.

إلا أن ملفي العقوبات والتدخل الإسرائيلي عبر الغارات الجوية تارة واحتلال المزيد من الأراضي تارة أخرى، يشكلان أبرز التحديات الضاغطة على دمشق، ما يضع على كاهل صانعي القرار في قصر الشعب واجب التعامل مع هذين الملفين من أجل المضي قدما في مرحلة إعادة بناء "سوريا الجديدة" على كافة الصعد.
التعليقات (0)

خبر عاجل