منذ الرابع من أيار
/ مايو 2025، تعرضت مدينة
بورتسودان شرقي
السودان، لهجمات متتالية بالطائرات
المسيّرة استهدفت المنشآت الحيوية ذات الطابع المدني والاستراتيجي، شملت الميناء
الجنوبي، مستودعات الوقود، محطة الحاويات، مطار المدينة، وقاعدة فلامنغو البحرية.
ووصفت الهجمات بأنها
تصعيد ممنهج ضد مؤسسات الدولة الحيوية، حيث استهدف ميناء عثمان دقنة بثلاث طائرات
مسيّرة في السابع من أيار / مايو، في تصعيد وصف بالخطير يهدد عصب الدولة ومقدراتها
المدنية.
وتكررت الضربات
على المدينة في الثامن من أيار/ مايو، ما يشير إلى نية واضحة لفرض ضغوط مستمرة على
المنطقة ومحاولة إعاقة أي مسعى لاستقرار إداري أو لوجستي في شرق السودان.
الخسائر
والتأثيرات على الحياة العامة
ومن جهتها أكد رئيسة
حملة "سودان المستقبل" زكية صديق في تصريحات خاصة لـ"عربي21"
أن الهجمات لم تقتصر على تدمير البنية التحتية فقط، بل كان لها تأثيرات عميقة على
الحياة اليومية للمواطنين.
وقالت إن الضربات
الجوية تسببت في انقطاع شامل للتيار الكهربائي عن كامل ولاية البحر الأحمر، بما في
ذلك بورتسودان، هيا، سواكن، وسنكات، إلى جانب ولاية نهر النيل والشمالية.
وأضافت صديق أن هذا
الانقطاع المفاجئ ألحق شللًا شبه كامل في الخدمات الأساسية، مثل الكهرباء والمياه،
مما أدّى إلى توقف الأنشطة التجارية وتفاقم المعاناة الإنسانية.
طعنة في خاصرة
الجهود الإغاثية
وأشارت رئيس حملة
"سودان المستقبل" إلى أن استهداف مطار بورتسودان يعد بمثابة ضربة قاصمة
للجهود الإنسانية في السودان، حيث يعتبر المطار أهم ممر إنساني في شرق البلاد.
اظهار أخبار متعلقة
وتابعت أن الهجوم
يهدد قدرة السودان على استقبال المساعدات الإنسانية في وقت يعاني فيه البلد من
أزمة إنسانية خانقة، كما يعرض حركة الطيران المدني في المدينة للتوقف، مما يزيد من
عزلتها.
القدرات
العسكرية للميليشيا.. الدعم الخارجي
من ناحية أخرى
أشارت صديق إلى أن امتلاك الميليشيا لتقنيات هجومية متقدمة، مثل الطائرات المسيرة،
يثير تساؤلات حول مصدر هذه القدرات، حيث تُشير زكية صديق إلى أن هذه الهجمات
"لا يمكن أن تحدث من دون دعم خارجي، سواء كان ماليًا أو تقنيًا"، مضيفة
أنه من هنا، يرى العديد من المراقبين أن هناك قوى إقليمية أو دولية تسعى إلى تفكيك
السودان لصالح مصالحها الخاصة.
المستفيدون
الحقيقيون: الصراع الإقليمي
وتابعت صديق، إن
المستفيدين من هذه الهجمات ليسوا فقط العناصر المسلحة المحلية، بل القوى الإقليمية
التي تتطلع إلى الهيمنة على الموانئ والمعابر السودانية.
وقالت رئيس حملة
سودان المستقبل إن "الصراع في السودان قد تحول من صراع داخلي إلى أداة في
أيدي قوى إقليمية تسعى لفرض سيطرتها على موارد البلاد."
ضرب مؤسسات
الدولة
في السياق ذاته
أكدت صديق أن اختيار بورتسودان كهدف للهجوم له بُعد سياسي واضح، حيث تعد المدينة مركزًا
إداريًا ورمزيًا للدولة، واستهدافها يهدف إلى إضعاف مؤسسات الدولة وزعزعة الثقة في
قدرة الحكومة على الحفاظ على الأمن والاستقرار في الأراضي السودانية.
وقالت صديق إن "هذه الهجمات تهدف إلى إضعاف
الثقة في المؤسسات السودانية وتدمير أي محاولة للتوافق الوطني."
الرد العسكري
والدور المدني في التصدي
في تحليلها
للوضع قالت صديق إنه على الرغم من أهمية الرد العسكري، إلا أن الحل لا يكمن في
التوسع العسكري فقط، بل في تشكيل جبهة وطنية مدنية موحدة تقف ضد هذا النوع من
التخريب الممنهج.
وأضافت:
"نحن بحاجة إلى تعزيز الدفاعات الجوية، وتطوير الاستخبارات، وفتح حوار مع
المجتمع الدولي لتوضيح الجهات الراعية لهذه الميليشيات."
إعادة تعريف
طبيعة الصراع
وأخيرًا، ترى
صديق أن من الأهمية بمكان إعادة تعريف طبيعة الصراع القائم في السودان. تقول:
"هذه المعركة ليست بين مناطق أو مجموعات داخل السودان، بل هي معركة بين مشروع
دولة ديمقراطية مدنية وبين مشروع تفتيت الدولة لصالح أطراف خارجية.
وتدعو القوى
الوطنية، خاصة التيارات المؤمنة بالديمقراطية، إلى الوقوف صفًا واحدًا في وجه هذه
التحديات من أجل الحفاظ على وحدة السودان واستقراره.