نشرت صحيفة "
الغارديان" تقريرًا يسلط
الضوء على أبعاد زيارة الرئيس الأمريكي دونالد
ترامب إلى منطقة الشرق الأوسط،
وتحديدا السعودية وقطر والإمارات.
وقالت الصحيفة في تقريرها الذي ترجمته "
عربي21"، إن زيارة ترامب للشرق خلطت المفاهيم وأعادت تشكيل التوازن في العلاقات
بين الولايات المتحدة ودول
الخليج، لكن لا يبدو أن هناك أي تأثير على مسار الحرب
الإسرائيلية على
غزة.
مصالح متبادلة
وذكرت الصحيفة أن ترامب الذي حظي باستقبال فيه
الكثير من المديح والبذخ، بدا منسجما تماما مع حكام الخليج واتخذ قرارات مهمة
بينها رفع العقوبات عن سوريا، متغاضيا عن الخلفية الجهادية للرئيس السوري أحمد
الشرع.
واعتبرت الصحيفة أن دعوة الرئيس الأمريكي للاعتراف بدور
دول الخليج كقوة سياسية واقتصادية، وتبنيه لرؤيتهم حول ما تحتاجه سوريا بغض النظر
عن الماضي، جاءت متناقضة مع توجهات الإدارة السابقة، وآخرها إدارة بايدن التي وعدت
بمحاسبة السعودية بسبب مقتل المعارض جمال خاشقجي وتورطها في حرب اليمن قبل أن
تتراجع لاحقا.
وحسب الصحيفة، فإن ترامب كان واضحًا في علاقته مع
دول الخليج الثلاث، السعودية وقطر والإمارات: "أنتم أثرياء ونحن بحاجة إليكم،
افعلوا ما تشاؤون".
اظهار أخبار متعلقة
لذلك تخلى ترامب عن التظاهر بالتزام الولايات
المتحدة بالقانون الدولي ودورها التقليدي في المنطقة، مقابل المنافع المتبادلة
والصفقات بمليارات الدولارات والمقايضات أمام مرأى العالم.
أما بالنسبة للدول الخليجية الثلاث، فقد أشبع
اعترافه بمشاريعها الضخمة في التحول الاقتصادي، وموقعها في السياسة الخارجية
للولايات المتحدة، رغبتها في أن تكون في قلب الأحداث وتُؤخذ مواقفها على محمل
الجد، وفقا للصحيفة.
وترى الصحيفة أن مركز ثقل السياسة الخارجية
الأمريكية بدأ يتحول بعيدًا عن أوروبا وحلف شمال الأطلسي، نحو منطقة لا تزعج ترامب
بإدانات أخلاقية بشأن أوكرانيا، ولا تهتم بالرأي العام، ولديها فائض بالمليارات
للاستثمار والتملق.
وتساءلت: هل يمكن لكير ستارمر كسب تأييد ترامب من
خلال تقديم دعوة رسمية تاريخية لزيارة البلاد، وهل يستطيع منافسة الخليجيين في
المظاهر الاستعراضية؟
مفارقة جوهرية
ذكرت الصحيفة أن هناك مفارقة جوهرية في رحلة ترامب
كانت واضحة في وسائل الإعلام الحكومية والتصريحات السياسية في الشرق الأوسط
الأسبوع الماضي.
ففي الوقت الذي كثفت فيه إسرائيل غاراتها في غزة -ما
يوضح عدم اكتراثها بأي جهود لوقف إطلاق النار- كان هناك صخب متصاعد في إدانة
العدوان، لكن دون أي إشارة لدور ترامب باعتباره رئيس الدولة التي تزود إسرائيل
بالأسلحة والدعم السياسي في حملتها لزعزعة استقرار المنطقة.
وأضافت الصحيفة أن هذه المفارقة شكّلت السمة الأبرز
للزيارة، بينما ظلّ السؤال قائمًا: هل النفوذ المتصاعد لدول المنطقة يهدف فقط
لتعزيز اقتصاداتها وعلاقاتها مع واشنطن، وتنفيذ سياساتها دون محاسبة، أم يمكن توظيفه
فعليًا للتأثير على مواقف الولايات المتحدة، خصوصًا تجاه فلسطين، التي باتت في صلب
السياسات العربية؟
اظهار أخبار متعلقة
وحسب الصحيفة، فإن التهديدات لا تشمل فلسطين وحدها،
حيث امتدت الحرب إلى لبنان وسوريا، واشتد الضغط الشعبي في الأردن ومصر، وأصبحت
القضية الفلسطينية أكثر تأثيرا على الرأي العام حتى في الأنظمة الملكية المستقرة.
وتزامنا مع ترويج ترامب خطته الجديدة لـ"إعادة
توطين" سكان غزة في ليبيا، صعّدت إسرائيل حملتها لاحتلال المزيد من المناطق
في قطاع غزة، وتلاشى زخم التوصل لاتفاق قريب، بينما تتناقض مشاهد البذخ في زيارة
الرئيس الأمريكي للمنطقة مع مشاهد الجوع والعطش في غزة.
وختمت الصحيفة بأن زيارة ترامب -وإن بدت تاريخية-،
قد لا تثمر شيئًا إذا كانت الدول الخليجية لا تملك القدرة على تقرير مصيرها داخليا
أو التأثير على استقرار محيطها ومحاولة إنقاذ الفلسطينيين من الجوع والتهجير، ما
يعني أن كل ما جرى ليس سوى مسرحية هدفها بعض المكاسب الاقتصادية.