ملفات وتقارير

هل تغير المواجهات بين إيران والاحتلال استراتيجية الجيش المصري؟

تزايدت الدعوات لإعادة العقيدة العسكرية للجيش المصري تزامنا مع التهديدات في المنطقة- جيتي
تزايدت الدعوات لإعادة العقيدة العسكرية للجيش المصري تزامنا مع التهديدات في المنطقة- جيتي
دفع اندلاع العديد من المواجهات العسكرية في إقليم الشرق الأوسط، وبؤر التوتر والصراع العالمي الأخرى، مراقبين وخبراء لإعلان مخاوفهم من التأثير السلبي لانشغال الجيش المصري بأعماله الاقتصادية، وخاصة سلاح الجو، الذي أظهر تفوقًا في بلدان عديدة على الأسلحة التقليدية في المعارك الإقليمية الجارية التي انتهت مؤخرًا.

ومع الضربة التي وجهها الاحتلال الإسرائيلي فجر الجمعة لإيران، وما سبقها من حروب بين روسيا وأوكرانيا، والحرب في السودان، وبين الهند وباكستان، عبر خبراء مصريون بينهم الصحفي جمال سلطان، عن مخاوفهم من "وضع متردٍ لسلاح الجو المصري، خاصة مع تحوله عبر (جهاز مستقبل مصر) منذ عام 2022، لأعمال الاقتصاد من الزراعة والاستصلاح الزراعي، وصيد الأسماك، والصناعة، وتطهير البحيرات، والاستيراد والتصدير، والبناء والتشييد، وغيرها من الأنشطة الاقتصادية".

وطرح ضابط الجيش المصري السابق الدكتور محمد محيي الدين تساؤلات من قبيل: "هل يمكن لسلاح الطيران المصري الهجوم بمئات الطائرات متنوعة الطرازات على أهداف لإسرائيل كما فعلت إيران؟ وهل يمكن للقوات الجوية والدفاعات الجوية صد هجوم بمئات الطائرات من العدو؟".

وأكد أن مصر هي الهدف الأول والأخير لإسرائيل، داعيًا إلى "وجوب التفرغ الكامل للقوات المصرية لواجباتها الوطنية"، و"التركيز على حمل السلاح وتسليم المشروعات القومية التي تعمل عليها أسلحة الجيش للجهات المدنية المسؤولة".

وأشار مصريون إلى قول آخر "وزير حربية" مصري قبل تحويلها لـ"وزارة الدفاع"، المشير محمد عبد الغني الجمسي (1921- 2003): "الرجل العسكري لا يصلح للعمل السياسي قط، وسبب هزيمتنا عام 1967 اشتغال وانشغال رجال الجيش بألاعيب ميدان السياسة؛ فلم يجدوا ما يقدموه بميدان المعركة".
 
لمن التفوق الجوي؟
وفق تصنيف موقع "Global Firepower" السنوي لأقوى جيوش العالم 2025، حل الجيش الإسرائيلي في المرتبة الـ15 عالميًا، بينما تراجع الجيش المصري من تلك المرتبة العام الماضي 4 درجات، مسجلًا الـ19 عالميًا، فيما تُعتبر القوات الجوية المصرية والإسرائيلية من الأقوى في الشرق الأوسط.

تؤكد التقارير أن سلاح الجو الإسرائيلي يعتمد على أسلحة أمريكية وأخرى تصنيع محلي متطورة، حيث يمتلك صواريخ جو-جو "إيه آي إم-120 أمرام"، و"إيه آي إم-9 سايدويندر"، و"بايثون" الإسرائيلية.

وصواريخ جو-أرض، "إيه جي إم-65 مافريك"، و"بوباي" الإسرائيلي، وقنابل "SPICE" الإسرائيلية، و"JDAM" الأمريكية، و"جي بي يو-39"، وصاروخ "دليلة"، و"كروز تكتيكي" الإسرائيلي بمدى 250 كم.

تعتمد القوات الجوية المصرية على صواريخ أمريكية، وفرنسية، وروسية، منها صواريخ (جو-جو)، "إيه آي إم-9 سايدويندر"، و"إيه آي إم-7 سبارو"، و"إيه آي إم-120 أمرام"، و"إم بي دي إيه ميكا" (على الرافال)، و"R-73"، و"R-77" (على الميج-29).

وصواريخ (جو-أرض) و(جو-بحر)، "إيه جي إم-65 مافريك"، و"إيه جي إم-114 هيلفاير"، و"MBDA SCALP-EG" (على الرافال، صاروخ كروز شبحي)، و"M39 إكزوست" (مضاد للسفن على الرافال)، و"Kh-31" (مضاد للرادار ومضاد للسفن على الميج-29)، وقنابل موجهة "AASM Hammer" (على الرافال).

وتمتلك إسرائيل نظام دفاع جوي يعتمد على التكنولوجيا الأمريكية والإسرائيلية، ومنه "السهم"، لاعتراض الصواريخ الباليستية بعيدة المدى (Arrow-2 و Arrow-3). و(مقلاع داود)، لاعتراض الصواريخ الباليستية متوسطة المدى وصواريخ كروز، بجانب (القبة الحديدية)، لاعتراض صواريخ قصيرة المدى وقذائف المدفعية، مع (الشعاع الحديدي) نظام الليزر الدفاعي، وكذلك "باتريوت" الأمريكي لاعتراض الصواريخ والطائرات.

أما مصر، فتمتلك شبكة دفاع جوي تعتمد على أنظمة روسية وأمريكية وأوروبية، ومنها "إس-300 في إم" الروسي لاعتراض الطائرات والصواريخ الباليستية (بعيد المدى)، بجانب نظام "بوك" الروسي متوسط المدى، و"تور إم2" الروسي قصير المدى، و"بانستير-إس1" الروسي، و"باتريوت" الأمريكي، و"آيرس-تي إس إل إم" الألماني.

وتشير التقارير إلى التفوق التكنولوجي النوعي الإسرائيلي، خاصة طائرات "F-35I" الشبحية، وقدرات متقدمة في مجال الحرب الإلكترونية، والتشويش، والتحكم والقيادة، والدمج الشبكي بين المنصات. فيما قامت بتطوير طائراتها الأمريكية "F-15I" و"F-16I" و"F-35I"، ما يمنحها تفوقًا تقنيًا على الطرازات الأخرى.

في المقابل، تمتلك القوات الجوية المصرية أسطولًا أكبر من حيث عدد الطائرات الإجمالي، وخاصة "F-16"، و"الرافال"، و"الميج-29"، التي منحت سلاح الجو المصري القدرة على حمل أسلحة متقدمة (مثل صواريخ SCALP-EG).

وبهذا يتميز سلاح الجو الإسرائيلي بالتفوق النوعي والتكنولوجي، بينما القوات الجوية المصرية تتميز بحجمها وتنوع أسطولها، وامتلاكها قوة ردع كبيرة وقدرة على الدفاع عن مجالها الجوي.

اظهار أخبار متعلقة


"جرس إنذار لمصر"
وفي حديثه لـ"عربي21"، أجاب الباحث المصري والمتخصص في تحليل البيانات حسام عبد الكريم، على السؤال: "هل تمثل المواجهات العسكرية الإسرائيلية الإيرانية فرصة لمراجعة الجيش المصري خططه الاقتصادية واستعادة عقيدته العسكرية؟".

وقال: "حرصت الولايات المتحدة الأمريكية على الحفاظ على التفوق العسكري النوعي لدولة الاحتلال في المنطقة، وعمدت في سياق ذلك إلى فرض قيود على استخدام المقاتلات الأمريكية من طراز (إف-16) التي بدأ تسليمها للجيش المصري أوائل تسعينيات القرن الماضي، بداية من تقييد المدى المرئي وبيانات تحديد المواقع، وحتى تقييد نوعية الصواريخ المحمولة".

وأوضح أن "شكل المقاتلات الأمريكية يمثل 48 بالمئة من عدد مقاتلات سلاح الجو المصري، 90 بالمئة منها لم يتم تحديثها منذ عقود، وتصنف حاليًا ضمن الأقدم والأكثر محدودية من حيث القدرات القتالية والإمكانات التقنية بين نظيراتها في العالم".

ويعتقد الباحث المصري أن "هذا التقييد نتج عنه أن أصبحت هذه المقاتلات غير قادرة -أو قادرة بصعوبة بالغة- على الاشتباك الجوي أو تنفيذ عمليات الإقفال على الهدف مع طائرات سلاح الجو الإسرائيلي الأكثر تقدمًا".

ولفت أيضًا إلى أن "المدى الأقصى الفعال لصواريخ المقاتلات المصرية من تلك الطرازات القديمة ما بين 50 إلى 80 كم، في المقابل المدى الفعال لصواريخ مقاتلات الجو الإسرائيلية يصل إلى 200 كم".

ولتقريب الصورة، أوضح عبد الكريم أن "المقاتلات الإسرائيلية يمكنها قصف قواتنا المسلحة المتواجدة في المنطقة (أ) شرق قناة السويس، من خلال التحليق فوق صحراء النقب بدون الحاجة إلى الدخول إلى الأراضي المصرية".

وأضاف: "في الوقت الذي تحتاج مقاتلاتنا الأمريكية القديمة إلى الوصول إلى منتصف المنطقة (ب) وسط سيناء، كي تتمكن من استهداف الجيش الإسرائيلي على الشريط الحدودي فقط وليس أبعد من ذلك".

ومضى يؤكد أن "سلاح الجو المصري سعى كثيرًا إلى تحديث أسطوله الجوي، وواجه تعنتًا ورفضًا أمريكيًا سواء فيما يتعلق بالحصول على المقاتلات الأمريكية الحديثة من طراز إف-15، أو حتى المقاتلات الروسية المكافئة من طراز سوخوي 35، وذلك للحفاظ على التفوق الإسرائيلي النوعي وضمان بسط سيطرته والسيادة الجوية في المنطقة".

وخلص للقول إن "العدوان الإسرائيلي الصارخ على الأراضي الإيرانية، يشكل جرس إنذار لمصر، التي لا يفصلها شيء عن عدوها الأبدي، الذي عادت الطموحات والنزعات التوسعية والاستعمارية القديمة تداعب خياله من جديد".
التعليقات (0)

خبر عاجل