وجه الحقوقي
التونسي المعروف كمال الجندوبي،
نقدًا لاذعًا للسلطة التونسية، واصفًا صدور أحكام بالسجن القاسي في ما يسمى
بـ"قضية التآمر على أمن الدولة 2"، بأنه ليس محاكمة بل "مهزلة
قانونية واغتيال سياسي مغلف بعباءة القضاء".
وكتب الجندوبي على صفحته على منصة
"فيسبوك": "في قاعة محكمة
هجرتها العدالة وتلاشت فيها معايير المحاكمة العادلة، وقّعت المنظومة القضائية
التونسية، بيد مرتعشة وخاضعة، على فصل جديد من فصول الانحراف بالقانون."
ويصف الجندوبي هذه الأحكام التي صدرت يوم
الثلاثاء 8 تموز / يوليو 2025، والتي تراوحت بين 12 و35 سنة سجنا، بأنها أحكام
جائرة صادرة عن دائرة "مختصة في الإرهاب"، تتحول ـ في نظره ـ إلى مسرح
سياسي لخدمة السلطة الحاكمة، حيث يتم تصفية الخصوم السياسيين تحت غطاء قانوني واهن.
ويرى الجندوبي أن الملف بأكمله خالٍ من
الوقائع والأدلة، بل ومبني بالكامل على شهادة "شاهد سري"، يلقب بـ"X"، مجهول
الهوية، متناقض الأقوال، يُستخدم كأداة مرنة تخضع للسلطة.
"وقال: "شاهد
بلا وجه، بلا اتساق، وبلا مصداقية. تتغير رواياته بتغير التعليمات… ورغم ذلك، تبني
المحكمة أحكامها عليه، دون تسجيلات، دون مستندات، دون أسلحة، ودون اعترافات."
الغنوشي… الخصم الذي يراد محوه
خصص الجندوبي حيزًا كبيرًا من تدوينته
للحديث عن راشد الغنوشي، البالغ من العمر 84 عامًا والمصاب بمرض باركنسون، والذي
حكم عليه بالسجن 14 عامًا. واعتبر أن ما يتعرض له الغنوشي لا يمكن وصفه إلا بـ "الاغتيال
البطيء".
وقال: "الغنوشي ليس سجينًا عاديًا.. إنما هو هدف
لسلطة لم تعد تحكم، بل تطارد. ما يجري ليس احتجازًا، بل تعذيب ممنهج. إذلال يومي.
انتقام بارد تحوّل إلى سياسة ممنهجة."
ويذكّر الجندوبي بأن الغنوشي ليس مجرد زعيم
سياسي بل شخصية محورية في تاريخ تونس الحديث: "سُجن في عهد بورقيبة، نُفي في
عهد بن علي، وكان من أبرز رموز المرحلة الديمقراطية بعد 2011. أما اليوم، فإن
السلطة تسعى إلى "محو صوته وصورته ووجوده".
لا فرق بين الخصوم
ولا يقتصر الاستهداف ـ بحسب الجندوبي ـ على
الغنوشي أو "الإسلاميين"، بل يشمل طيفًا واسعًا من السياسيين، من مختلف
الخلفيات والتوجهات، من نور الدين البحيري وعلي العريض إلى غازي الشواشي وجوهر بن
مبارك وكمال اللطيف، وصولًا إلى عبير موسي، أحد أشد خصوم النهضة.
وقال: "هذا النظام لم يعد يفرّق بين الإسلامي
والعلماني، بين المحافظ والتقدمي. بل يستهدف كل من يفكر، كل من يعارض، كل من يرفع
صوته."
يشير الجندوبي إلى أن تونس اليوم تنزلق نحو
منحدر خطير، ويقول: "ما يجري ليس
قضاء، بل عروض رعب قضائية… آلة تُفكك
المعارضة، وجهًا بعد وجه، صوتًا بعد صوت."
ويُحذّر من أن ما يحدث في تونس اليوم هو
تجريف شامل للدولة: القضاء مستعبد، الإعلام مخنوق، المؤسسات خاوية من معناها،
بينما تغرق السلطة في هوس أمني وتوزع أحكامًا "فلكية" ضد خصومها.
وفي خاتمة التدوينة، وجه كمال الجندوبي صرخة
مدوية: " هذه المحاكمة وصمة عار
في جبين العدالة، هذه الأحكام ليست قضائية، بل اضطهاد سياسي متنكر، استمرار احتجاز
الغنوشي بهذه الطريقة هو اغتيال بطيء، الصمت الدولي والتونسي ليس حيادًا، بل تواطؤ
بالصمت{، وفق تعبيره.
أحكام بالجملة في محاكمة تُوصف بالانتقامية
في 8 تموز / يوليو 2025، أصدرت الدائرة
الجنائية المختصة في قضايا الإرهاب أحكامًا قاسية تراوحت بين 12 و35 سنة سجنًا، في
ما تُعرف إعلاميًا بـ"قضية المؤامرة 2". شملت الأحكام شخصيات سياسية
بارزة من مختلف الأطياف، على رأسهم راشد الغنوشي (84 عامًا)، المحكوم بـ14 سنة، رغم
معاناته من مرض باركنسون واحتجازه لأكثر من عامين في عزلة قاسية دون علاج أو
زيارات.
ورغم غياب الأدلة المادية، وارتكاز الملف
على شهادة "شاهد سري" يفتقر للمصداقية، مضت المحكمة في إصدار ما وصفه
مراقبون بـأحكام انتقامية مُعلبة مسبقًا، استهدفت تصفية المعارضين لا تحقيق
العدالة.
وقد رأى حقوقيون أن المحاكمة كانت صورية،
وأن الأحكام تمثل استخدامًا ممنهجًا للقضاء كأداة للإقصاء السياسي، في ظل مناخ عام
يسوده القمع، وتغيب فيه ضمانات المحاكمة العادلة.
اظهار أخبار متعلقة