سياسة عربية

الإمارات في موريتانيا.. تمدد إستراتيجي أم بحث عن موطئ قدم جديد في الساحل؟

يُنظر إلى هذه المباحثات كخطوة ضمن سلسلة من التحركات التي تعكس رغبة موريتانيا في تنويع شراكاتها الدفاعية، والاعتماد على التكنولوجيا الحديثة لرفع جاهزية جيشها.. فيسبوك
يُنظر إلى هذه المباحثات كخطوة ضمن سلسلة من التحركات التي تعكس رغبة موريتانيا في تنويع شراكاتها الدفاعية، والاعتماد على التكنولوجيا الحديثة لرفع جاهزية جيشها.. فيسبوك
شهدت العلاقات الدفاعية بين موريتانيا والإمارات دفعة جديدة مع اللقاء الذي جمع وزير الدفاع الموريتاني حنن ولد سيدي بوزير الدولة الإماراتي لشؤون الدفاع محمد بن مبارك بن فاضل المزروعي، وذلك على هامش معرض دبي للطيران في دورته التاسعة عشرة.

اللقاء الذي اكتفى الجيش الموريتاني بالكشف عن خطوطه العريضة فقط، عكس اهتمامًا متزايدًا من أبوظبي بإعادة مأسسة حضورها الأمني والعسكري في المنطقة، في وقت باتت فيه الساحة الإفريقية ـ وخصوصًا فضاء الساحل ـ مسرحًا لتنافس دولي وإقليمي محموم.

وبحسب بيان مقتضب نشرته المؤسسة العسكرية الموريتانية، فقد بحث الجانبان تعزيز التعاون الأمني والعسكري، دون الإفصاح عن طبيعة الملفات قيد النقاش أو مجالات التعاون التي تسعى الدولتان إلى تطويرها.

غير أن زيارة الوزير الموريتاني لجناح الشركات الدفاعية المشاركة في المعرض واطلاعه على أحدث تقنيات الطائرات المسيّرة وتطبيقات الذكاء الاصطناعي وأنظمة المحاكاة، تشير إلى اهتمام موريتانيا بتطوير بنيتها الدفاعية في مجالات تشهد طفرة تكنولوجية متسارعة وتعتبرها الإمارات إحدى نقاط قوتها الصناعية الصاعدة.



وتأتي المباحثات في لحظة حساسة تمر بها منطقة الساحل بعد تراجع النفوذ الفرنسي، وتنامي حضور قوى جديدة مثل روسيا والصين وتركيا، ما يجعل موريتانيا ـ الدولة الأكثر استقرارًا في الإقليم ـ محطة جذب أساسية للشراكات الدفاعية. وفي هذا السياق، تحرص أبوظبي على توسيع شراكاتها مع الدول المؤثرة، خصوصًا تلك التي تقع عند تقاطعات جيوسياسية مهمة مثل الساحل والصحراء.

وعلى الجانب الموريتاني، يعكس هذا الانفتاح رغبة نواكشوط في تنويع مصادر التعاون الأمني والبحث عن شركاء قادرين على دعمها في ملف مكافحة الإرهاب وتأمين حدودها الطويلة مع مالي، وهي ملفات كانت لعقود مرهونة لعلاقات موريتانيا التقليدية مع فرنسا والولايات المتحدة.

غير أن قراءة التحركات الإماراتية في موريتانيا لا يمكن فصلها عن مسار ممتد من الحضور الاستراتيجي لأبوظبي في إفريقيا والعالم العربي. فمن القرن الإفريقي إلى البحر الأحمر، ومن ليبيا إلى تشاد والنيجر، سعت الإمارات خلال العقد الأخير إلى بناء شبكة نفوذ متنوعة تجمع بين الاستثمار الاقتصادي والدعم الأمني والعسكري. ويبدو أن موريتانيا باتت ضمن هذا المسار، بوصفها بوابة مهمة إلى عمق الساحل وبحكم موقعها السياسي المستقر نسبيًا مقارنة بجوارها.

اظهار أخبار متعلقة




ويطرح تكثيف الحضور الإماراتي في هذا التوقيت سؤالًا جوهريًا: هل تبحث أبوظبي عن تعزيز شراكات دفاعية طبيعية، أم أنها في طريقها لتثبيت موطئ قدم جديد في منطقة تشهد فراغًا إستراتيجيًا متسعًا؟

في ظل صمت الطرفين عن تفاصيل الاتفاقات المحتملة، تبدو الإجابة مرهونة بمآلات التعاون خلال الأشهر المقبلة، وبمدى قدرة موريتانيا على إدارة التوازن بين انفتاحها على شركاء جدد والحفاظ على استقلال قرارها الأمني في منطقة لا تتسامح مع الفراغ ولا مع التبعية.

وينظر إلى الاتجاه الإماراتي نحو موريتانيا بأنه ليس خطوة معزولة، بل جزء من سياسة ممتدة تهدف إلى ترسيخ حضور قوي في أهم المواقع الأمنية والإستراتيجية في إفريقيا، ضمن رؤية تعتبر القارة ساحة نفوذ مستقبلية ذات أهمية جيوسياسية واقتصادية متنامية.

التعليقات (0)

خبر عاجل