ملفات وتقارير

"العودة الصغرى".. كيف يستعد أهالي غزة لاستقبال وقف إطلاق النار؟

تشمل المرحلة الأولى وقفا مؤقتا للعمليات العسكرية المتبادلة وانسحاب قوات الاحتلال من المناطق المأهولة في غزة بما فيها محور نتساريم إلى مناطق بمحاذاة الحدود- الأناضول
حالة من الترقب والانتظار ممزوجة بالفرح والحزن يعيشها أهالي قطاع غزة في انتظار بدء سريان وقف إطلاق النار، والذي يبدأ عند الساعة الثامنة والنصف من صباح يوم غد الأحد.

ويصف بعض الفلسطينيين عودتهم إلى منازلهم وأحيائهم بــ"العودة الصغرى"، على أمل أن يكتب لهم يوما ما العودة إلى بلداتهم وقراهم التي هجروا منها قسرا عام 1948.

يقول عبد الكريم الذي نزح من مخيم جباليا إلى مدينة غزة قبل أكثر من 100 يوم، إنه ينتظر بفارغ الصبر العودة إلى منزله، رغم علمه بأن الاحتلال دمره بالكامل وسواه بالأرض.

ويضيف عبد الكريم في حديث خاص لـ"عربي21"، إنه يعد الدقائق والساعات بفارغ الصبر ليذهب "ولو زحفا" إلى حيه ومنزله، قائلا: "أعرف أن بيتنا مهدم، ولكن سنضع خيمة على أنقاضه، ونحتضن ترابه ونقبله".

ويقول: "غادرنا مخيمنا مرغمين تحت نيران القصف والإبادة التي ارتكبها الاحتلال بحق أبناء وبيوت وشوارع وكل معالم المخيم، وننتظر الآن على أحر من الجمر لنعود إليه، رغم تغير معالمه الجميلة وتحوله إلى كومة من الركام".

سيتمكن عبد الكريم من العودة إلى مخيم جباليا فور بدء سريان وقف إطلاق النار عند الساعة الثامنة والنصف من صباح يوم غد، لكن محمد حسن سيضطر مع عائلته للانتظار أسبوعا كاملا كي يعود إلى منزله في مخيم الشاطئ.

نزح حسن إلى جنوب القطاع مع بداية الحرب التي اندلعت في تشرين الأول/ أكتوبر 2023، واستقر في نزوحه الخامس والأخير في مدينة خانيونس منتظرا عودته إلى منزله المدمر جزئيا في المخيم المذكور.

يضيف: "منذ إعلان وقف إطلاق النار بدأنا في تجهيز اليسير من الأمتعة، وسنترك الخيمة التي شهدت على مأساتنا وصبرنا، تمهيدا لعودتنا الصغرى إلى المخيم، على أمل أن نعود يوما إلى بلادنا الأصلية التي سرقها الاحتلال وهجرنا منها".

لكن حسن لا يأمن مكر الاحتلال في الساعات القليلة المتبقية من دخول الاتفاق حيز التنفيذ مشيرا إلى أن "المجازر لم تتوقف منذ إعلان الاتفاق يوم الأربعاء الماضي، القصف لم يرحم طفلا أو امرأة، وكأن الاحتلال يزيد انتقامه منا على إثر اضطراره إلى التوقيع على الاتفاق".

أما علاء صهيب، والمقيم في مدينة غزة، فيؤكد أنه "ينتظر دخول الاتفاق حيز التنفيذ ليتسنى له تكريم ذكرى أخيه الشهيد، والذي قضى في مجزرة قبل أشهر، واضطر إلى دفنه في فناء منزله وسط المدينة".

يقول صهيب لـ"عربي21" ومشاعر الحزن تسيطر عليه: "لا أريد شيئا الآن سوى أن أكرم أخي محمد بدفنه في مقبرة الشيخ رضوان إلى جانب والدي (..) اضطررت لدفنه هنا في منزلنا بسبب شدة القصف والعدوان وقت استشهاده".

والأربعاء الماضي، أعلن رئيس الوزراء وزير خارجية قطر محمد بن عبد الرحمن، نجاح جهود الوسطاء (الدوحة والقاهرة وواشنطن) في التوصل إلى اتفاق لوقف إطلاق النار في غزة وتبادل الأسرى، على أن يبدأ تنفيذه غدا الأحد.

ويتكون اتفاق وقف إطلاق النار بغزة وتبادل الأسرى من 3 مراحل مدة كل منها 42 يوما.

وتشمل المرحلة الأولى وقفا مؤقتا للعمليات العسكرية المتبادلة، وانسحاب قوات الاحتلال من المناطق المأهولة في غزة بما فيها محور نتساريم إلى مناطق بمحاذاة الحدود.

وينص الاتفاق خلال المرحلة الأولى على فتح معبر رفح (جنوب القطاع) بعد 7 أيام من بدء تطبيقه، ودخول 600 شاحنة يوميا من المساعدات الإنسانية، والإفراج تدريجيا عن 33 إسرائيليا محتجزين بغزة سواء الأحياء منهم أو جثث الأموات مقابل 1977 أسيرا فلسطينيا وفق ما أفاد به موقع "واي نت" الإخباري العبري الخاص، و1737 أسيرا بحسب تصريحات صحفية لرئيس هيئة شؤون الأسرى والمحررين الفلسطينيين قدورة فارس.

وتخفض "إسرائيل" قواتها تدريجيا في منطقة معبر رفح بمحور فيلادلفيا في المرحلة الأولى.

وتتعلق المرحلة الثانية من الاتفاق بعودة الهدوء المستدام التام، وتبادل أعداد أخرى من الأسرى والمحتجزين، وانسحاب القوات الإسرائيلية بالكامل إلى خارج غزة.

أما المرحلة الثالثة فتركز على بدء خطة إعادة إعمار غزة على مدى 3 إلى 5 سنوات، وتبادل جثامين ورفات الموتى الموجودة لدى الطرفين، وفتح جميع المعابر والسماح بحرية حركة الأشخاص والبضائع.

ويستمر تنفيذ جميع إجراءات المرحلة الأولى في المرحلة الثانية من الاتفاق، طالما استمرت المفاوضات حول الشروط، مع بذل ضامني الاتفاق (مصر وقطر والولايات المتحدة) قصارى جهودهم من أجل ضمان استمرار المفاوضات غير المباشرة حتى يتمكن الطرفان من التوصل إلى اتفاق بشأن شروط تنفيذ المرحلة الثانية.