انتظرت لطيفة أبو حميد مع عائلتها بفارغ الصبر حلول يوم السبت، الذي شهد الإفراج عن ثلاثة من أبنائها المحكومين بالسجن المؤبد في إسرائيل، كجزء من اتفاق الهدنة في قطاع
غزة. ومع ذلك، لن تتمكن من رؤيتهم على الفور، حيث تم إبعادهم خارج الأراضي
الفلسطينية.
وأُفرج عن نصر (50 عامًا)، وشريف (45 عامًا)، ومحمد (35 عامًا) أبو حميد، الذين كانوا محكومين بالسجن المؤبد بتهمة الانتماء لكتائب شهداء الأقصى، الذراع العسكري لحركة فتح، وتنفيذ هجمات مسلحة ضد أهداف إسرائيلية. وقالت العائلة إنهم أُبعدوا إلى خارج فلسطين كشرط للإفراج عنهم.
وعبّرت لطيفة أبو حميد (73 عامًا) عن فرحتها قائلة: "أنا سعيدة جدًا. الأولاد تكلموا معي من النقب وسمعت أصواتهم".
ويأتي الإفراج عن أبنائها في إطار اتفاق وقف إطلاق النار الذي تم بوساطة أمريكية وقطرية ومصرية، والذي ينص على وقف العمليات القتالية بين المقاومة الفلسطينية والاحتلال الإسرائيلي في غزة بعد أكثر من 15 شهرًا من الحرب، والإفراج عن الأسرى الإسرائيليين المحتجزين في غزة والمعتقلين الفلسطينيين.
وبدأت المرحلة الأولى من الاتفاق، التي تمتد لستة أسابيع، الأحد الماضي، وتشمل الإفراج عن 33 أسيرة و1900 معتقل فلسطيني. وبحسب مصادر فلسطينية، فإن 217 معتقلًا من المقرر إبعادهم، معظمهم محكومون بعقوبات طويلة.
وكانت لطيفة أبو حميد قد قالت قبل أيام: "لا أنام الليل، رغم أنني فقدت ناصر، وإسلام سيبقى في السجن، لكن فرحتي لا توصف"، في إشارة إلى ابنها الذي توفي في المعتقل وآخر لا يزال رهن الاعتقال.
وأعربت عن استيائها من قرار
الإبعاد، لكنها قالت: "على الأقل سألتقي بهم في الخارج. إبعاد إبعاد، الدنيا لن تبقى على حالها".
نطفة مهربة وحياة جديدة
في غرفة الضيوف بمنزلها، تحيط لطيفة أبو حميد نفسها بصور ستة من أبنائها العشرة، إلى جانب عشرات الدروع التقديرية التي قدمتها لها جهات سياسية مختلفة. وقد اعتقل أربعة من أبنائها خلال الانتفاضة الفلسطينية الثانية (2000-2004)، بينما اعتقل ابنها الخامس، إسلام، عام 2018 بتهمة قتل جندي إسرائيلي خلال حملة عسكرية في مخيم الأمعري.
وقبل ثلاث سنوات، توفي ابنها البكر ناصر، الذي كان محكومًا بالسجن المؤبد بتهمة الانتماء لكتائب الأقصى واستهداف إسرائيليين، بعد مرض ألمّ به داخل السجن.
من جهتها، عبّرت آلاء، زوجة نصر أبو حميد، عن فرحتها بالإفراج عن زوجها، قائلة: "نفكّر كيف سيكون اللقاء، خصوصًا أننا لم نجتمع معًا منذ سنوات سوى في غرفة زيارة السجون".
وأشارت إلى أن زوجها أمضى "ما مجموعه 33 عامًا في المعتقل"، عشر منها قبل الانتفاضة. وعندما ارتبطت به، كانت في السادسة عشرة من عمرها، ولم تعش معه سوى عام وتسعة أشهر، أنجبت خلالها ابنها رائد (22 عامًا)، الذي اعتقل بدوره قبل أربعة أشهر بتهمة التحريض عبر مواقع التواصل الاجتماعي.
وفي عام 2019، نجح نصر أبو حميد في تهريب نطفة منه إلى زوجته، مما أدى إلى ولادة ابنهما يمان (6 سنوات). وروت آلاء: "قررنا أن ننجب طفلاً جديدًا للحياة يحمل فرحة وبسمة وحرية"، مضيفة: "يرى نصر في يمان روحه التي في الخارج".
وتعد ممارسة تهريب النطف من معتقلين فلسطينيين محكومين لسنوات طويلة في السجون الإسرائيلية أمرًا شائعًا منذ سنوات، حيث يتم التهريب خلال الزيارات، ويشارك في نقلها وحفظها أطباء تمهيدًا لتخصيب الزوجات بها.
وقالت آلاء: "صحيح أن الإبعاد موجع، لكنه سيبقى أفضل بكثير من البقاء في السجون، لا سيما أن زوجي وصل إلى الخمسين من عمره".
45 عامًا من المعاناة
وتحدثت لطيفة أبو حميد عن معاناة عائلتها المتواصلة منذ 45 عامًا. ففي عام 1994، قتل ابنها عبد المنعم في عملية خاصة للقوات الإسرائيلية، وكان ناشطًا في حركة حماس. ومنذ عام 2000، هدم الجيش الإسرائيلي منزل العائلة في مخيم الأمعري قرب رام الله أربع مرات، بعد كل هجوم على إسرائيليين شارك فيه أحد أفراد العائلة.
وقالت العائلة إن الرئيس الفلسطيني محمود عباس تكفّل في آخر مرة بشراء منزل آخر لها خارج المخيم.
واختتمت لطيفة أبو حميد حديثها قائلة: "فرحتي غير كاملة لأن هناك أسرى لا يزالون في السجن. حتى لو خرج إسلام، لن تكتمل إلا بخروج جميع الأسرى".