طالبت قوات
الاحتلال الإسرائيلي، اليوم الأربعاء، عبر مكبرات الصوت أهالي مخيم
نور شمس في طولكرم بمغادرته.
وأفادت صحيفة "يديعوت أحرونوت" الإسرائيلية، نقلاً عن مصدر أمني، بأنه في حال تنفيذ الخطة المتعلقة بطولكرم، فمن المتوقع أن تبقى قوات الجيش الإسرائيلي بشكل دائم في
مخيمي طولكرم ونور شمس للاجئين خلال الأشهر المقبلة على الأقل.
وأضاف المصدر أن هذا القرار سيترتب عليه تداعيات عملياتية وسياسية ومدنية كبيرة، مشيرًا إلى أن جيش الاحتلال يسعى من خلال هذه الخطوة إلى منع الكتائب المسلحة من استعادة قدراتها.
وكانت الصحيفة قد كشفت في وقت سابق عن دراسة تجريها قيادة المنطقة الوسطى في الجيش الإسرائيلي، تهدف إلى تخصيص كتيبة للعمل بشكل دائم في مخيمي طولكرم ونور شمس لعدة أشهر.
في 21 كانون الثاني/ يناير الماضي، بدأ جيش الاحتلال الإسرائيلي عدواناً عسكرياً على شمال
الضفة الغربية، مستهدفاً مدينة جنين ومخيمها وبلدات محيطة، ما أدى إلى استشهاد 25 فلسطينياً وفق وزارة الصحة الفلسطينية.
ثم وسّع جيش الاحتلال عدوانه ليشمل مدينة طولكرم في 27 كانون الثاني/ يناير الماضي، حيث قُتل 5 فلسطينيين، وبدأ في 2 شباط/ فبراير الجاري٬ عملية أخرى في بلدة طمون ومخيم الفارعة بمحافظة طوباس، لينسحب بعد 7 أيام من طمون، وبعد 11 يوماً من مخيم الفارعة.
وفي فجر الأحد الماضي، وسع جيش الاحتلال عدوانه ليشمل مخيم نور شمس شرق مدينة طولكرم، مدعياً استهداف عدد من "المخربين" واعتقال آخرين.
وفي المخيمات المستهدفة تُسمع أصوات تفجيرات وإطلاق نار، بينما يدفع الجيش الإسرائيلي بمزيد من قواته وسط أعمال تجريف وتدمير وتفجير، ما أدى إلى حركة نزوح مستمرة من مخيمات شمال الضفة إلى القرى المجاورة.
خيمة بسيطة
وتعيش عائلات فلسطينية نزحت من مخيم طولكرم للاجئين شمال الضفة الغربية تحت خيمة واحدة، بعد أن هجّرها عدوان الاحتلال الإسرائيلي المتواصل منذ كانون الثاني/ يناير الماضي.
وأفاد النازحون من الرجال بأنهم تمكنوا من العثور على منزل يؤوي النساء، بينما اتخذوا من الخيمة المقامة على أراضي ضاحية "ذنابة" شرقي مدينة طولكرم مسكناً لهم.
يشعل الشبان النار في موقد في إحدى زوايا الخيمة للتدفئة من البرد القارس، ويحتسون القهوة والشاي المعدين على نار الحطب. وقالوا إن طعامهم وفراشهم جاء بتبرعات من أهل الخير، إذ إنهم خرجوا دون حمل أي من أمتعتهم.
وفي مكان قرب موقد النار، قال سفيان عبدو: "في ساعات الليل، اقتحم الجيش الإسرائيلي منازلنا وأجبرنا على النزوح مع أولادي وزوجتي وإخوتي".
وأضاف عبدو: "كل الجيران في حي الحمام بالمخيم أجبروا على النزوح. تركنا بيوتنا مفتوحة لا نعرف عنها شيئاً، هل فُجرت، أم أُحرقت، أم هُدمت؟ نعيش أوقاتاً صعبة للغاية، والمصير مجهول".
وتابع الفلسطيني المهجر بأن جيش الاحتلال الإسرائيلي أجبرهم على النزوح بشكل مفاجئ دون السماح لهم بحمل أي أمتعة.
وأشار إلى الخيمة قائلاً: "هي بسيطة لكنها تؤوي اليوم 8 عائلات. استطعنا تأمين النساء في منزل لأقاربنا، بينما نعيش نحن الشباب هنا مع أولادنا".
وأردف: "نعيش في الأمطار والبرد القارس، أليس حراماً أن يعيش هؤلاء الأطفال هذه الحياة بلا مأوى ولا مدارس؟".
ووصف حالهم بـ"النكبة الثانية"، وقال: "لكن عام 2025 لن نكرر النكبة، سنعود إلى المخيم، وحتى لو فجرت المنازل سنعيد البناء، فنحن أقوياء بعزيمتنا وإرادتنا، لا نريد شيئاً من أحد".
إصرار على العودة
إلى جانب عبدو، جلس النازح سامر علي، وقال: "منذ 14 يوماً ونحن في وضع صعب للغاية، نعيش هنا في خيمة بسيطة تدخلها الرياح والأمطار".
وأشار إلى أنهم لم يتوقعوا أن يكون مصير عوائلهم العيش في خيمة من الخشب والنايلون بينما يدخلها الماء من كل مكان.
وأضاف: "نأمل أن تكون فترة ليست طويلة ونعود بعدها للمخيم. خرجنا قسراً بعد أن اقتحم الجيش الإسرائيلي منازلنا، ولا نعلم ما يجري هناك".
وتابع علي: "نسمع أصوات انفجارات ويقولون إن بيوتاً تحترق، لكننا سنعود ونعيد منازلنا كما كانت".
نزوح قسري
وقال رئيس اللجنة الشعبية في مخيم طولكرم للاجئين، فيصل سلامة، لوكالة الأناضول: "ما يزيد على الـ85 بالمئة من سكان المخيم نزحوا قسراً جراء العدوان الإسرائيلي المستمر".
وأشار إلى أن "الجيش الإسرائيلي حول المخيم إلى خراب، وبات غير صالح للسكن".
ووصف سلامة الوضع في المخيم الذي يضم نحو 13 ألف لاجئ فلسطيني بأنه "كارثي وصعب للغاية". وقال: "مئات البيوت دمرت كلياً أو جزئياً، وأخرى أحرقت، ودمر الأثاث والبنية التحتية".
وأوضحت وكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين "أونروا" أن العملية العسكرية الإسرائيلية الحالية هي الأطول في الضفة الغربية منذ الانتفاضة الثانية عام 2002، وأدت إلى
تهجير 40 ألف لاجئ فلسطيني.
وأضافت الوكالة في بيان الاثنين الماضي، أن آلاف العائلات الفلسطينية هُجِّرت قسراً منذ بدء جيش الاحتلال الإسرائيلي بتنفيذ عمليات واسعة النطاق في الضفة الغربية المحتلة منتصف عام 2023.
وأكدت أن "العمليات المتكررة والمدمرة جعلت مخيمات اللاجئين الشمالية غير صالحة للسكن، ما أدى إلى حصار السكان في نزوح دوري".
منذ 7 تشرين الأول/ أكتوبر 2023، وسّع جيش الاحتلال الإسرائيلي والمستوطنون اعتداءاتهم في الضفة الغربية، بما فيها القدس، ما أسفر عن استشهاد 911 فلسطينياً، وإصابة نحو 7 آلاف، واعتقال 14 ألفاً و500 آخرين، وفق معطيات فلسطينية رسمية.