صحافة دولية

شبكة كولومبيا تضغط من وراء الكواليس لترحيل واعتقال الطلاب المحتجين

تصرفات الجامعة ضد الطلاب المؤيدين لفلسطين- جيتي
نشر موقع "ذي انترسبت" الأمريكي، تقريرا، للصحفيتين ناتاشا لينارد وأكيلا لاسي، قالتا فيه: "عندما أصدر الرئيس دونالد ترامب أمرا تنفيذيا، يهدّد بترحيل الطلاب الدوليين المشاركين في الاحتجاجات المؤيدة لفلسطين، أعرب المدافعون عن قلقهم الفوري من أن هذه الخطوة قد تستهدف المتظاهرين لمشاركتهم في أنشطة محمية بموجب التعديل الأول من الدستور".

وتابع الموقع في التقرير الذي ترجمته "عربي21" بأنه "مع ذلك، انتهز بعض أعضاء مجتمع جامعة كولومبيا الفرصة، لاعتقال وترحيل الشباب الذين يزعمون أنهم مؤيدون لحماس. ورحب العديد من الأشخاص بخطة ترامب، في مجموعة خريجي كولومبيا من أجل إسرائيل على واتساب (تضم أكثر من 1000 عضو) بمن فيهم الآباء، وطالب حالي واحد على الأقل، وأساتذة كولومبيا".

وأضاف: "كان ترحيل المحتجين دعما لغزة أصلا موضوعا للنقاش في مجموعة خريجي كولومبيا من أجل إسرائيل (على واتساب) قبل صدور أمر ترامب. في اليوم الأول للرئيس في منصبه، شارك أعضاء المجموعة منشورات تعلن عن إضراب مؤيد لفلسطين في 21 كانون الثاني/ يناير لدفع الجامعة لإسقاط الإجراءات التأديبية ضد المتظاهرين المناهضين للحرب".

وفقا لصور رسائل مجموعة واتساب، التي حصل عليها موقع "انترسبت"، قالت الأستاذة المساعدة السابقة في كلية المعلمين في جامعة كولومبيا، لين بورسكي تمام، في الدردشة: "إن تحديد هوية الطلاب المتعاطفين مع حماس في كولومبيا الذين يظهرون هو المفتاح لترحيل أولئك الذين يحملون تأشيرات طلابية".

وردّ خريج آخر وناشط مؤيد لدولة الاحتلال الإسرائيلي، فيكتور موسلين: "إذا كانت هناك صور لشخص يحتاج إلى تحديد هويته (حتى مع وجود وجه غير واضح جزئيا)، فلدي إمكانية الوصول إلى التكنولوجيا التي قد تكون قادرة على المساعدة. أرسلي لي رسالة مباشرة".

وأبرز التقرير أنه "في أواخر كانون الثاني/ يناير، شارك أحد أعضاء المجموعة مقالا عن الطلاب الذين رشوا مبنى بالطلاء، ووضعوا الأسمنت في خط الصرف الصحي؛ احتجاجا على الذكرى السنوية لقتل إسرائيل للطفلة هند رجب، البالغة من العمر ست سنوات". فيما ردت بورسكي تمام على المقال، وتساءلت عن من يموّل المتظاهرين، مضيفة: "اعتقالهم بتهمة جرائم الكراهية ليس كافيا. يجب أن نتخلص منهم".

وبحسب التقرير نفسه، قامت جامعة كولومبيا بتأديب المتظاهرين وإيقافهم عن العمل، ما ساعد في خلق بيئة أدّت لإثارة الهجمات باستخدام المحاكم، من بين تكتيكات أخرى. كان أعضاء مجموعة واتساب المؤيدة لدولة الاحتلال الإسرائيلي جزءا من هذه الجهود، إذ ناقشوا كيفية الإبلاغ عن الأشخاص إلى سلطات إنفاذ القانون.

وأردف: "مع تولي ترامب للرئاسة، ركز الناشطون اليمينيون المؤيدون لإسرائيل طاقتهم على استخدام سياسات الهجرة القاسية للتعامل مع منتقدي إسرائيل". فيما قال المدير التنفيذي لمجموعة الحقوق المدنية لجنة مكافحة التمييز الأمريكية العربية، عابد أيوب: "من المزعج للغاية أن يفعل الخريجون والآباء هذا. في الحقيقة، إنها محاولة شاملة لإسكات وسلب حق التعديل الأول من الناس لمجرد أنهم لا يتفقون معهم. إنها سابقة خطيرة للغاية".

والخميس الماضي، كتب أستاذان من جامعة كولومبيا مقالا يطالبان فيه الجامعة بإدانة الدعوات إلى ترحيل طلابها. بينما قالت محامية في مجموعة الحريات المدنية Palestine Legal، التي قدمت شكوى بشأن التمييز ضد الفلسطينيين في جامعة كولومبيا التي أدّت إلى تحقيق فيدرالي، سابيا أحمد: "استثناء فلسطين من التعديل الأول، لحقنا في حرية التعبير، كان شيئا قائما لسنوات عديدة".

وقال أيوب: "كانت هذه الجامعات تضع الأساس لأي شيء يريد ترامب القيام به. لم يبدأ هذا الاستهداف للطلاب بمجرد تنصيب ترامب. بدأ هذا في العام الماضي. بدأ عندما بدأوا في استهداف الطلاب.. واستدعاء سلطات إنفاذ القانون والشرطة إلى الحرم الجامعي وتعريض الطلاب للأذى".

"مع تزايد الاحتجاجات في الحرم الجامعي ردا على الهجوم الإسرائيلي على غزة، بدأت مجموعة "خريجو كولومبيا من أجل إسرائيل" على واتساب في العمل بشكل مكثف. وسرعان ما أصبحت مركزا للجهود الرامية إلى تحديد هوية المتظاهرين من الطلاب وأعضاء هيئة التدريس، والادعاء بأنهم مرتبطون بحماس" استرسل التقرير ذاته.

وأردف: "كما تم استهداف العديد من الطلاب المذكورين في مجموعة واتساب بالاسم من قبل مجموعات مثل كناري ميشين التي تنشر ملفات تعريف للطلاب المشاركين بالنشاط المناهض للصهيونية، أو في منشورات وسائل التواصل الاجتماعي من قبل مجموعة "توثيق كراهية اليهود في الحرم الجامعي في جامعة كولومبيا"، والتي يشارك فيها على الأقل أحد أعضاء الدردشة".

وتابع: "كما تم ذكر اسم أحد الطلاب المذكورين في الدردشة في منشور على تويتر من المجموعة الصهيونية Betar، والتي أرسلت الشهر الماضي قائمة بالطلاب الذين تريد ترحيلهم إلى البيت الأبيض والوكالات الفيدرالية بما في ذلك ICE".

كتبت عميدة مساعدة لخدمات التوظيف في جامعة كولومبيا، هيذر كراسنا: "هناك أسباب تجعل بعض هذه الجهود غير علنية"، في إشارة إلى اجتماعات مع كبار المسؤولين في جامعة كولومبيا. 

وأضافت كراسنا، التي تشارك في مجموعة واتساب تحت اسم "H": "على سبيل المثال، إذا تم الإعلان عن جهود معينة، فمن المحتمل أن يتم فصل أفراد محددين"، متوقّعة أن "تأتي جهودهم بنتائج عكسية من خلال منح أعضاء هيئة التدريس المؤيدين لحماس أسلحة سياسية من خلال الادعاء بأن القوى الخارجية تحاول التأثير على الجامعة أو سحق حرية التعبير؛ يحدث الكثير مما هو سري لهذه الأسباب وغيرها". 

وبعيدا عن دافع الجامعة لاستهداف الطلاب وأعضاء هيئة التدريس بشكل فردي -بما في ذلك الدعوات لإزالة عميدين- وضع أعضاء مجموعة واتساب، أيضا، استراتيجية حول أفضل السبل لبناء القضايا لتصوير المحتجين الطلاب على أنهم "مؤيدون لحماس".

وكان ترامب قد تعهّد "بإلغاء تأشيرات الطلاب بسرعة لجميع المتعاطفين مع حماس في الحرم الجامعي"، وذلك عبر ورقة أصدرها البيت الأبيض في 30 كانون الثاني/ يناير ونشرت جنبا إلى جنب مع أمره التنفيذي. ومثل ترامب، يشير أعضاء مجموعة واتساب بانتظام إلى المعارضة للحرب على غزة باعتبارها تعاطفا أو دعما لحماس.

كذلك، تناولت الأستاذة السابقة في جامعة كولومبيا، بورسكي تمام، كيف يمكن استهداف المواطنين الأمريكيين المؤيدين لفلسطين. وكتبت في إشارة إلى احتجاج هند رجب: "إذا كان بإمكان أي شخص تعقب أي من تمويله إلى منظمات إرهابية، وهي ليست مهمة بسيطة، فيمكن اعتقاله على أساس تقديم "دعم مادي" للمنظمات الإرهابية. هذا هو المفتاح لاعتقال هؤلاء المواطنين الأمريكيين المؤيدين لحماس، وما إلى ذلك".

وأوضح التقرير: "حتى قبل الأمر التنفيذي لترامب، أرسل خريج جامعة كولومبيا، موسلين، رسالة يسأل فيها عن كيفية تحديد ما إذا كان الطلاب الأجانب يحملون تأشيرات، وبالتالي مؤهلين للإبعاد".

"كان موسلين، وهو مسؤول تنفيذي في مجال التكنولوجيا، صريحا في دفع الكليات إلى التعامل مع انتقاد تصرفات إسرائيل كأمثلة على معاداة السامية. أسس CU-Monitor، وهي منصة عبر الإنترنت تتعقب معاداة الصهيونية في الحرم الجامعي" استرسل التقرير.

وفي تشرين الأول/ أكتوبر الماضي، طلب مدير مجموعة واتساب والرئيس التنفيذي لشركة ايليا كابيتال، آري شراغ، من المجموعة، المساعدة في "تحديد الطلاب الذين كانوا يحتجون" وقادة المجموعات التابعة لائتلاف جامعة كولومبيا ضد الفصل العنصري. وكتب شراغ، الذي شارك في تأسيس جمعية خريجي كولومبيا اليهود، "لدينا قائمة ونحتاج إلى أشخاص لإجراء بعض الأبحاث".

وفي الشهر الماضي، أشاد بالأمر التنفيذي الذي أصدره ترامب والذي يستهدف المتظاهرين في الحرم الجامعي. ومن بين الطلاب اليهود المستهدفين من قبل النشطاء المؤيدين لدولة الاحتلال الإسرائيلي، كان الغضب محصورا بشكل خاص على صوت اليهود من أجل السلام، وهي مجموعة مناهضة للصهيونية تم حظر فرعها في كولومبيا بالفعل من الحرم الجامعي. 

وفي إحدى صور الشاشة، أشار أحد أعضاء المجموعة إلى أعضاء صوت اليهود من أجل السلام باسم "كابو"، وهي "إهانة" تشير إلى السجناء اليهود الذين أجبروا على العمل كحراس في معسكرات الاعتقال النازية. فيما طلب عقب ذلك، معلومات عن الطلاب المشاركين في المجموعة.

وفي مناقشة في أواخر عام 2023 حول كيفية جعل المانحين مثل مالك فريق كرة القدم الملياردير، روبرت كرافت يؤثرون على تصرفات الجامعة، كتب شراغ: "روبرت مدرك تماما للموقف". وأعلن كرافت في نيسان/ أبريل الماضي أنه سوف يسحب الدعم المالي من كولومبيا بسبب تعاملها مع الاحتجاجات.

إلى ذلك، رئيس قسم الهندسة الكهربائية في جامعة كولومبيا، جيل زوسمان، إلى جانب أساتذة كلية كولومبيا للأعمال ران كيفيتز وشاي ديفيداي، هم أعضاء في مجموعة واتساب. حيث اشتهر ديفيداي بهجماته اللاذعة ضد احتجاجات غزة واتهمه العديد من الطلاب بالتحرش عبر الإنترنت. في مرحلة ما، شارك كيفيتز عريضة تحث على إقالة عميد بسبب تعليقات عامة في حفل التخرج بالجامعة العام الماضي. 

وأوضح التقرير أن "زوسمان، عضو في فريق عمل معاداة السامية بالجامعة، الذي تم تشكيله في تشرين الثاني/ نوفمبر 2023 وسط الاحتجاجات. ودفعت فرقة العمل، التي تضم مؤيدين صريحين لإسرائيل، الجامعة، إلى إدراج تعبيرات معاداة الصهيونية ضمن تعريفها لمعاداة السامية".

وأضاف: "يشارك زوسمان بانتظام في مجموعة الواتساب من خلال نشر قصص إخبارية ومشاركة منشوراته على وسائل التواصل الاجتماعي وطلب من الناس حفظ مواد الاحتجاج لأرشيف في الجامعة".

وفي نيسان/ أبريل الماضي، وقّع أكثر من 1600 شخص، بينهم خريجون بارزون من جامعة كولومبيا ومتبرعون، على رسالة مفتوحة، تدعو الرئيسة مينوش شفيق إلى إخلاء المخيمات ومعاقبة الطلاب المحتجين. واستقالت شفيق في آب/ أغسطس الماضي وسط ضغوط بسبب تعاملها مع الاحتجاجات. 

آنذاك، كتب أحد مسؤولي مجموعة واتساب، شراغ، في الأول من أيار/ مايو أنه شارك في تأليف الرسالة مع ليزا كارنوي، وهي عضو فخري في مجلس أمناء جامعة كولومبيا وعضو حالي في أحد مجالس زوار مركز الدراسات الأمريكية بالجامعة. فيما لم تستجب كارنوي لطلب التعليق.

وقال شراغ، في مجموعة واتساب، إن الخريجين والمانحين كتبوا الرسالة "للضغط على الجامعة". وأضاف في إشارة إلى كارنوي وشفيق: "لقد وظفت ليزا مينوش، وكانت رئيسة مشاركة سابقة لمجلس الإدارة". 

وفي رسالة أخرى إلى المجموعة في تشرين الثاني/ نوفمبر، كتب شراغ: "خريج جامعة كولومبيا ديفيد فريدمان، مستشار ترامب والسفير السابق لإسرائيل، كان من بين أول 22 شخصا وقعوا على الرسالة".

وفي وقت سابق، عارضت جامعة كولومبيا التحركات التي اتخذتها الحكومة الفيدرالية، والتي أثرت على الطلاب الأجانب. وشاركت الجامعة في دعوى قضائية ضد قيود ICE التي تؤثر على الطلاب الدوليين في عام 2020، وأصدرت بيانا يندد بأمر ترامب بمنع المهاجرين من العديد من الدول الإسلامية في عام 2017.

وكتب رئيس الجامعة في ذلك الوقت، لي بولينغر، أنه في حين كان من المهم للجامعة تجنب المواقف السياسية أو الإيديولوجية، إلا أنها تتحمل مسؤولية التحرك "عندما تتعارض السياسات وإجراءات الدولة مع قيمها الأساسية، وخاصة عندما تعبر عن أغراض وعقلية تتعارض مع مهمتنا الأساسية".

بالنسبة لأعضاء مجموعة واتساب الذين يسعون إلى الترحيل واتهامات الإرهاب، فإن تصرفات الجامعة ضد الطلاب المؤيدين لفلسطين توصف بانتظام بأنها غير كافية على الإطلاق. ومع ذلك، قالت أحمد من منظمة Palestine Legal إن تصرفات مجموعات مثل خريجي جامعة كولومبيا من أجل دولة الاحتلال الإسرائيلي مدعومة بقمع الجامعة للاحتجاجات المؤيدة لفلسطين.

وقالت: "كل هذه الأشياء التي كانت الجامعة تقوم بها كانت تهدف إلى تطبيع حقيقة مفادها أنه من الخطأ قول شيء عن فلسطين، وأن الاحتجاج من أجل فلسطين يتعارض مع سياساتنا. هذا هو نوع الرسالة التي كانت الجامعة ترسلها".