مدونات

هكذا الحب يا فتى..

"الحب لا يكون بإحياء الذكرى أو تعليق الصور.. الحب يكون بالطاعة والتزام وصايا من تحب"-CC0
ذهب أحد الشباب في سن المراهقة حيث يعيش مع والدته إلى أحد الاستشاريين النفسيين، تعوّد على الكلام معه، يفضفض ويعبر عما بداخله، تلك المرة كانت الشكوى أو الاستشارة على وجه خاص في علاقته مع أبيه المتوفَى، أخذ يحكي عن حبه لأبيه وتكريمه له..

تساءل الطبيب: لكن لماذا يبدو عليك الحيرة والقلق؟

الشاب: أحسست من كلام والدتي أن والدي غاضب مني.

الطبيب: لماذا تقول هذا؟

الشاب: اتهمتني رغم كل ما أفعله، أنه غير راض عني.

الطبيب: ماذا فعلت له؟

الشاب: أنا يا دكتور لا أنساه في مناسبة، دائما اضع صورة له على غرفتي بل وداخل كشكول محاضراتي تجد صوره، أحتفل بذكراه وأجعلها يوما خاصا لي في حياتي، يكون عطلة من العمل. دائما ما أذكره وأتغنى بسيرته، أحتفل بكل مناسباته، وفي ذكراه أوزع الطعام على الفقراء، رغم كل هذا والدتي تؤكد لي أنه غاضب مني.

الطبيب: الوالدة على حق.

الشاب: لماذا تقول هذا؟

الطبيب: حكت لي الوالدة الكثير عن والدك وحكت لي أكثر عن وصاياه لك، كان يتمنى أن تذاكر وتتخرج طبيبا ترفع من اسمه لكنك لم تتجاوز الستين في المائة في الثانوية العامة وبالكاد دخلت معهد سنتين، كان يوصيك على أختك التي تركتها ولا تزورها إلا كل عام. أوصاك على والدتك نفسها التي تتركها تعيش وحدها وتتضايق من زيارتها لبيتك لأن زوجتك على خلاف معها، أوصاك بترك صديق لك في الجامعة لسوء خلقه وأنت لا تفارقه حتى الآن.

الحب لا يكون بإحياء الذكرى أو تعليق الصور.. الحب يا صديقي يكون بالطاعة والتزام وصايا من تحب، عندما تذكر أنك تحب شخصا وتبّجله وتحترمه وأنت لا تسير على منهجه ولا وصاياه وكل علاقتك به مجرد احتفالات واهية لذكراه؛ فأنت لست محبا ولكنك مدعي الحب.

وكما قيل سابقا عمن يقيمون الليالي والحفلات لمولد الرسول الكريم، وهم أبعد ما يكون عن سنته وهديه: "من يدعي حب النبي ولم يفد من هديه فسفاهة وهراء، فالحب أول شرطه وفروضه إن كان صدقا طاعة ووفاء".