سياسة عربية

بعد أيام من بدء تصدير أولى شحناته.. تسرّب بأحد آبار الغاز في موريتانيا

تسرّب الغاز في المياه الإقليمية الموريتانية من شأنه التأثير على البيئة البحرية- عربي21
كشفت وسائل إعلام موريتانية، الثلاثاء، عن تسرّب للغاز من أحد آبار حقل "السلحفاة آحميم الكبير" بالمياه الإقليمية الموريتانية، والذي بدأ تصدير أولى الشحنات منه قبل أربعة أيام فقط.

وقالت صحيفة الأخبار الموريتانية، إنّ "التسرب اكتشف من البئر GTA A02، في المياه الإقليمية الموريتانية، مردفة بأنه ما يزال مستمرا (مساء الثلاثاء 25 -02 -2025) رغم الإجراءات التي اتخذتها الشركات المشغلة له".

وأضافت هذه المصادر أنه "تم اكتشاف التسرب عند رأس البئر أثناء أنشطة التشغيل الجارية".

ووفق المصدر فقد "راسلت الشركة البريطانية عددا من موظفيها، وأوصتهم بعدم الرد على الاستفسارات حول الموضوع، وتوجيه الأسئلة إلى رئيسة المنطقة، أو إلى المكتب الإعلامي للشركة".



تفعيل فريق إدارة الحوادث
قالت الشركة، عبر رسالة وجّهتها لموظفيها، ووقعها نائب الرئيس التنفيذي لـ"بريتيش بتروليوم"، ديف كامبل، إنها قامت بتفعيل فريق إدارة الحوادث وفريق الاستجابة للأعمال، كما قامت بنشر موارد متخصصة للاستجابة لهذا الحادث.

كذلك، طمأنت الشركة، موظفيها، بأن جميع العاملين في البحر بخير، مؤكدة أنها تركز في الوقت الحالي على ضمان سلامة الأفراد والبيئة، وتحديد سبب التسرب، وكذا تحديد خيارات الاستجابة.



إجراءات للحد من التسرب
وفق صحيفة "الأخبار" الموريتانية التي أوردت الخبر، فقد بدأت الشركة المشغلة للحقل العمل على إجراءات للحد من التسرب، مبرزة أنّ "الخيارات بهذا الخصوص تتضمن إغلاق البئر باستخدام معدات مقدمة من شركة Trendsetter Engineering، وهي شركة متخصصة في تقديم حلول تحت سطح البحر".

"بما في ذلك معدات "capping stacks" المصمّمة للتحكم في الآبار البحرية في حالات التسرب" أوضحت الصحيفة نفسها، فيما تابعت: "الشركة نبّهت إلى أنه يمكن نقل هذه المعدات بسرعة من الولايات المتحدة، وربما عبر طائرة من طراز أنتونوف لضمان وصول سريع".

وأضافت: "أما الإجراء الثاني المتاح للشركة -يضيف المصدر-  فهو العمل على إغلاق البئر باستخدام معدات مقدمة من شركة Oil Spill Response Ltd (OSRL حيث تقدم OSRL خدمات الاستجابة لحوادث تسرب النفط، بما في ذلك معدات إغلاق الآبار، إذ يتم تخزين معداتهم في مواقع مختلفة حول العالم، بما في ذلك النرويج، ويمكن نقل هذه المعدات بحريًا من النرويج إلى موقع الحادث".

تعليق وزارة البترول
في أول تعليق لها وصفت وزارة البترول والطاقة الموريتانية، التسرّب الذي وقع في أحد آبار الغاز في المياه الإقليمية الموريتانية بأنه "منخفض وتأثيره البيئي ضئيل وتحت التحكم".

وقال المستشار الإعلامي لوزير البترول والطاقة، أحمد فال ولد محمدن، في تصريح صحفي، إنه "لا يوجد حاليا أي تأثير مباشر على أنشطة الإنتاج الجارية من الآبار الأخرى للحقل".

وأكد ولد محمدن أنه "في الوقت الذي تواصل فيه الفرق الفنية عملها في انتظار تنفيذ الحل النهائي في الساعات القادمة والمتمثل في تركيب رأس أنبوب متعدد الوظائف، تمت تعبئة معدات متخصصة وفرق فنية لدعم جهود الإصلاح".

وأشار إلى أنّ "الفرق الفنية العاملة في أنظمة مشروع حقل "السلحفاة آحميم الكبير" اكتشفت فقاعات غاز تحت البحر في إحدى الآبار، وتم تصنيف التسرب على أنه بسيط، وتواجهه الفرق الفنية بشكل دوري في مثل هذه المشاريع الواقعة تحت سطح البحر وتتم السيطرة عليه بوسائل ومعدات فنية معروفة وجاهزة للاستخدام".



تصدير أولى الشحنات
بدأت موريتانيا، السبت الماضي، بتصدير أول الشحنات من حقل "السلحفاة آحميم الكبير" المشترك مع جارتها السنغال.

إلى ذلك، يمثّل "حقل السلحفاة" الواقع على الحدود البحرية بين موريتانيا والسنغال، أحد أكبر الاستكشافات الغازية فائقة العمق في البحر "ويهدف إلى استغلال الموارد الطبيعية الغازية بطريقة مستدامة بما يعود بالنفع على سكان واقتصادات البلدين".

وتم تطوير "السلحفاة آحميم الكبير" ضمن شراكة بين الشركة الموريتانية للمحروقات وشركة بيتروسن السنغالية وشركتي بي بي (bp) البريطانية وكوسموس إنيرجي الأمريكية.

وتقدر احتياطيات هذا الحقل بـ 25 تريليون قدم مكعب، ويقع على عمق مائي يصل إلى 2850 مترا. ويعتبر هذا الحقل الذي بلغت كلفته الإجمالية 4.8 مليار دولار، واحدا من أكبر حقول الغاز على المستوى الأفريقي، وقد تم إعلان اكتشافه في نيسان/ أبريل 2015.

ومن المتوقع أن ينتج حقل الغاز نحو 2.3 مليون طن من الغاز الطبيعي المسال سنويا، في مرحلته الأولى، فيما يتوقع أن يرتفع الإنتاج إلى 6 ملايين طن بين عامي 2027 و2028، على أن يصل الإنتاج إلى 10 ملايين طن بحلول عام 2030.

وتضم منشآت المشروع أربعة مكونات كبرى هي: أنظمة الآبار وخطوط الأنابيب تحت سطح البحر، ومنصة إنتاج وتخزين وتفريغ الغاز، ومحطة تسييل الغاز، بالإضافة إلى منشآت المرافق الفنية كالسكن والجسور الفولاذية والحائط كاسر الأمواج الذي تم إنشاؤه لحماية المنصات العائمة من تقلبات البحر.

وتبلغ القدرة التخزينية لمنشأة الغاز الطبيعي المسال 125 ألف متر مكعب، وبإمكانها تبريد الغاز الطبيعي المسال حتى 162 درجة مئوية تحت الصفر. وبالإضافة للحقل المشترك مع السنغال، تمتلك موريتانيا العديد من حقول الغاز الخاصة بها، والتي لم يبدأ استغلالها حتى الآن.

فعلى بعد 60 كيلومترا شمالي "حقل السلحفاة الكبرى آحميم" يكتنز الحوض الساحلي الموريتاني "حقل بير الله" العملاق الذي صنّف من ضمن أفضل حقول الغاز في العالم، من حيث الحجم والجودة، مع انخفاض نسبة ثاني أكسيد الكربون، وتقدر احتياطيات هذا الحقل بـ 80 تريليون قدم مكعب من الغاز.

مخاطر بيئية
يرى متابعون أن تسرّب الغاز في المياه الإقليمية الموريتانية من شأنه التأثير على البيئة البحرية، وهو ما قد يشكل خطرا على الثروة السمكية في البلاد.

وفي تعليق له على التسرب قال النائب في البرلمان الموريتاني، محمد الأمين ولد سيد مولود، إن "تكتم شركة BP على تسرب الغاز من أحد الآبار في مياهنا الاقليمية قد يؤدي إلى كارثة بيئية وربما بشرية".

وشدد في تدوينة عبر حسابه على موقع التواصل الاجتماعي "فيسبوك"، على "ضرورة أن تتصرف السلطات الموريتانية بحزم وسرعة وشفافية بهذا الخصوص، لا أن تتكتم أو تتجاهل أو تقصر".



وفي سياق متصل، فإن شواطئ موريتانيا المطلة على المحيط الأطلسي، بطول 755 كلم، تعدّ من أغنى الشواطئ العالمية بالأسماك والأنواع البحرية الأخرى. ووفقا لأرقام وزارة الصيد، فإن مياه موريتانيا الإقليمية تحوي نحو 300 نوع من الأسماك، بينها 170 نوعا قابلا للتسويق عالميا.

ويشكل قطاع الصيد موردا رئيسيا لإيرادات خزينة الدولة الموريتانية، وذلك عبر الاتفاقيات التي تبرمها الحكومة مع عدد من الدول أبرزها الاتحاد الأوروبي واليابان والصين.