يحاول الأوروبيون مساعدة أوكرانيا بما يستطيعون بعد تنكر الولايات المتحدة الأمريكية لها عسكريا وماليا، وتفضيل إدارة الرئيس دونالد
ترامب لعب دور الوساطة بدلا من دور الداعم المطلق الذي لعبته إدارة الرئيس السابق، جو بايدن.
ما اللافت في الأمر؟
اللافت أن المساعدات الأوروبية لا يمكن بحال من الأحوال تعويض المساعدات الأمريكية المالية والعسكرية والاستخبارية التي كانت توفرها إدارة بايدن للنظام في أوكرانيا.
كما أن التخلي الأمريكي عن أوكرانيا يشي بتخلي واشنطن عن حلفائها الأوروبيين أيضا الذين يدعون منذ وصول ترامب إلى البيت الأبيض إلى تعزيز اعتماد
أوروبا على نفسها.
أوروبا تلتفت إلى نفسها
على الجانب الأوروبي، تعهد التكتل تقديم حوالي 30 مليار يورو لأوكرانيا خلال العام 2025.
وأعلنت فرنسا أنها ستقدم معلومات استخبارية عسكرية لأوكرانيا، بعد تجميد واشنطن تبادل هذه المعلومات معها، خوفا من تقويض قدرتها على الدفاع عن نفسها.
وقدمت رئيسة المفوضية الأوروبية أورسولا فون دير لايين خطة من خمسة أجزاء لتخصيص حوالي 800 مليار يورو للدفاع الأوروبي والمساعدة في تقديم دعم عسكري "فوري" لأوكرانيا بعد قرار واشنطن.
واقترحت فرنسا أن تضع قارة أوروبا تحت مظلتها "النووية".
وأعلن رئيس الوزراء البريطاني كير ستارمر عن صفقة جديدة قيمتها مليارا دولار أمريكي تسمح لأوكرانيا بشراء 5000 صاروخ دفاع جوي.
وأعلنت وزارة الخزانة البريطانية أنها أبرمت مع وزير المالية الأوكراني سيرغي مارتشينكو اتفاقا لتقديم قرض قيمته 2.84 مليار دولار أمريكي لأوكرانيا.
ماذا قالوا؟
◼ قال مدير وكالة المخابرات المركزية الأمريكية جون راتكليف إن ترامب أمر بوقف التعاون الاستخباراتي مع أوكرانيا وكذلك المساعدات العسكرية، لكن واشنطن ستعمل لتهيئة الظروف المناسبة حتى تمضي مفاوضات السلام قدما.
◼ قال وزير الجيوش الفرنسي سيباستيان لوكورنو: "استخباراتنا سيادية (...) بقدرات تخصّنا. وسننقلها إلى الأوكرانيين للاستفادة منها".
◼ قال
زيلينسكي إنه يعرض هدنة مع
روسيا في الجو والبحر لبدء مفاوضات حول "سلام دائم" بقيادة ترامب وأنه مستعد لتوقيع اتفاق معادن مع واشنطن.
◼ قالت فون دير لايين إن أوروبا تواجه خطرا واضحا وحاضرا بحجم لم يشهد أي منا مثله في حياتنا، وإن من شأن خطة "إعادة تسليح أوروبا" أن تحشد ما يقرب من 800 مليون يورو لنفقات التسلح من أجل أوروبا آمنة وصامدة.
◼ قال ماكرون إنه يريد فتح نقاش استراتيجي بشأن حماية أوروبا بالمظلة النووية الفرنسية على أن يكون اللجوء لهذا الخيار في يد "الرئيس الفرنسي".
مؤخرا
أعلنت واشنطن تجميد مساعدتها العسكرية لأوكرانيا بعد تقارب بين واشنطن وموسكو، ومشادة ترامب مع نظيره الأوكراني.
وأكد وزير الخارجية الأمريكي ماركو روبيو أن الرئيس دونالد ترامب عازم على إنهاء الحرب الروسية الأوكرانية وأن المبادرات الدبلوماسية مستمرة في هذا الإطار.
وأوضح فيها روبيو أن البيت الأبيض سيواصل الدبلوماسية مع روسيا ومع أوكرانيا وسيكون بمثابة "جسر" بين الطرفين لإنهاء الحرب.
ولفت روبيو إلى أن الولايات "محظوظة" بوجود رئيس يريد إنهاء الحرب التي كلفت مليارات الدولارات ومئات الآلاف من الأرواح، في أقرب وقت ممكن.
ماذا قدمت الولايات المتحدة لأوكرانيا؟
يرى معهد كيل الألماني أن الولايات المتحدة قدمت بمفردها نحو نصف قيمة المساعدات العسكرية لأوكرانيا في الفترة من 2022 إلى 2024.
الدفاع المضاد للطائرات
تتعرض أوكرانيا باستمرار لوابل من الصواريخ والمُسيَّرات ضد مدنها وبلداتها أو بنيتها التحتية. تؤدي هذه الهجمات الكبيرة إلى إنهاك الدفاعات الأوكرانية وإجبارها على استخدام كميات كبيرة من الذخيرة.
بعيدا عن خط المواجهة، تمتلك أوكرانيا سبعة أنظمة باتريوت أمريكية حصلت عليها من الولايات المتحدة وألمانيا ورومانيا، ونظامين أوروبيين من طراز SAMP/T حصلت عليهما من روما وباريس لتنفيذ عمليات اعتراض على ارتفاعات عالية. ولدى كييف قدراتها الخاصة وحصلت على أنظمة أخرى تعمل على مدى أقل.
ويشرح ليو بيريا-بينييه من مركز إيفري الفرنسي للأبحاث: "مع الباتريوت، كما هي الحال مع جميع الأنظمة الأمريكية، لدينا مشكلتان، مشكلة الذخائر ومشكلة قطع الغيار للصيانة.
لتوفير ذخائر الباتريوت، تقوم ألمانيا ببناء أول مصنع لها خارج الولايات المتحدة، ولكن من غير المتوقع أن يبدأ الإنتاج قبل عام 2027. وسوف تجد أوروبا صعوبة في تعويض أي نقص في هذا المجال.
الصواريخ بعيدة المدى
يمكن للمعدات الأمريكية توجيه ضربات من مسافة بعيدة خلف خط المواجهة، وهو ما يجعلها بالغة الأهمية بفضل صواريخ أتاكمس أرض-أرض التي تطلقها راجمات هايمارز التي أعطت واشنطن نحو أربعين منها لأوكرانيا.
ورغم أن "هناك أنظمة تشيكية" يمكن لأوكرانيا استخدامها إلا أنها،"أقل شأنا".
يومكن استخدام الضربات الجوية لضرب عمق روسيا باستخدام صواريخ مثل سكالب الفرنسية، وستورد شادو البريطانية، لكن لا يبدو أن هناك ضوءا أخضر بعد لاستخدامها في المرحلة المقبلة.
القذائف المدفعية ومضادات الدبابات
في هذا المجال، الأوروبيون في وضع أفضل، فإلى جانب صواريخ جافلين الأمريكية الشهيرة، طور الأوكرانيون أنظمتهم الخاصة، كما أن أوروبا حققت زيادة في القدرات الإنتاجية من القذائف لا سيما عيار 155 ملم.
الاستطلاع والاستعلام
تشتد الحاجة إلى الولايات المتحدة في هذا المجال الأساسي بفضل أقمارها الاصطناعية وطائراتها ومُسيَّراتها التي تقوم بجمع المعلومات ومعالجتها.
ويشير يوهان ميشال، الباحث في جامعة ليون إلى أن "الأوروبيين لديهم بعض الأدوات، ولكنها ليست بالحجم نفسه على الإطلاق، والعديد منهم يعتمدون بشكل كامل على الولايات المتحدة في هذا المجال".
الخلاصة
يتعين على أوكرانيا، والأوروبيين الآن اتخاذ قرار باستمرار الحرب بين روسيا وأوكرانيا بقدرات أوروبية وأوكرانية محلية، والاستغناء عن خدمات واشنطن، أملا في ردع روسيا، أو الإذعان للوساطة الأمريكية التي ربما تستثني أوروبا في سبيل إنهاء الحرب.