نددت منظمة "هيومن رايتس ووتش" الخميس، بالقضاء
الإماراتي الذي رفض الأربعاء جميع الطعون المقدمة من المدانين في ثاني أكبر محاكمة جماعية في البلاد، وصفتها المنظمة بـ"الجائرة".
وقالت جوي شيا، باحثة الإمارات في "هيومن رايتس ووتش" إن "إبرام الإدانات والأحكام القاسية ضد 53 معارضا سياسيا وناشطا حقوقيا في الإمارات يؤكد أن القمع العنيف للمنتقدين السلميين ما زال هو النظام السائد في البلاد. ويكشف هذا القرار مهزلة نظام العدالة الإماراتي عندما يتعلق الأمر بالمعارضة السياسية".
وفي كانون الأول/ ديسمبر 2023، وخلال استضافة مؤتمر الأمم المتحدة لتغير المناخ (كوب 28) وجهت السلطات الإماراتية اتهامات إلى 84 شخصا على الأقل انتقاما لتشكيلهم مجموعة مناصَرة مستقلة في العام 2010. وكان العديد منهم يقضون أصلا أحكاما بالسَّجن للتهم نفسها أو جرائم مماثلة.
وشابت المحاكمة الجماعية الجائرة بحسب المنظمة، انتهاكات خطيرة للإجراءات القانونية الواجبة والمحاكمة العادلة، شملت تقييد الحصول على مواد القضية ومعلوماتها، والمساعدة القانونية المحدودة، وقيام القضاة بتلقين الشهود، وانتهاكات مبدأ عدم جواز المحاكمة مرتين على الجرم نفسه، وادعاءات ذات مصداقية بشأن الانتهاكات وسوء المعاملة الجسيمة، وجلسات الاستماع التي أحيطت بالسرية.
وفي يوليو/ تموز 2024، حكمت المحكمة على 43 متهما بالمؤبد، وبين خمس سنوات و15 سنة، وردّت الدعاوى الجنائية بحق 24 آخرين. واستأنف المدعي العام القضايا التي رُفِضَت، وستنظر المحكمة في هذا الاستئناف في 8 أبريل/ نيسان.
بالإضافة إلى المتهمين في محاكمة جماعية غير عادلة سابقة، حوكم في القضية الجديدة نشطاء بارزون مثل أحمد منصور، وهو عضو في المجلس الاستشاري للشرق الأوسط وشمال أفريقيا في "هيومن رايتس ووتش"، والأكاديمي ناصر بن غيث.
وقالت "هيومن رايتس ووتش" إنه ينبغي للسلطات الإماراتية إلغاء الإدانات فورا والإفراج عن جميع المتهمين، نظرا لاستناد الاتهامات فقط إلى قيام المتهمين بممارسة حقوقهم الإنسانية سلميا واعتمادها أساسا على محاكمة ظالمة.
وقال قريب أحد المتهمين للمنظمة، إن السلطات الإماراتية منعت محاميا آخر على الأقل من حضور الجلسة وقالت إنه سيتم تزويده بنتائج الاستئناف في غضون يومين.
وتسمح المادة 245 من "قانون الإجراءات الجزائية" الإماراتي بالاستئناف في غضون 30 يوما. لكن الأسرة قالت إن السلطات كانت ما زالت لم تمنح محامي المتهم حق الحصول على ملف القضية عندما مر 30 يوما على الحكم.
وبعد أكثر من 30 يوما على صدور الحكم في يوليو/ تموز، استدعت السلطات الإماراتية أخيرا المحامي إلى مكتب المدعي العام وسمحت له بالاطلاع على ملفات القضية لمرة واحدة على جهاز حاسوب، بحسب قريب المتهم. ولم يُمنح المحامي نسخة ورقية أو إلكترونية من الوثائق لدراستها خارج مكتب المدعي العام ومُنح فقط القدرة على تدوين الملاحظات.
وقال مركز الإمارات الحقوقي إنه بالكاد يُعرف أي شيء عن المتهمين الـ53 لأن معظمهم محرومون من الزيارات والمكالمات مع أفراد أسرهم. وقال أحد الأقارب: "مما سمعناه، فقد نُقلوا من الحبس الانفرادي، لكن لا شيء مؤكدا لأنه لا يوجد مصدر موثوق للمعلومات. لا توجد طريقة حقيقية للحصول على معلومات. نعتقد أنها مجرد محاكمة صُوَرية".
في بيان صدر في كانون الثاني/ يناير 2024، اتهمت السلطات الإماراتية المتهمين الـ84 بتأسيس وإدارة منظمة إرهابية سرية في الإمارات تُعرف باسم "لجنة العدالة والكرامة". يبدو أن التهم ترتكز على القانون الإماراتي لعام 2014 بشأن مكافحة الإرهاب، وهو قانون تعسفي، ينص على عقوبات تصل إلى المؤبد، وحتى الإعدام، لأي شخص ينشئ مثل هذه المنظمات أو ينظمها أو يديرها.
وقال مركز الإمارات إن 60 متهما على الأقل كانوا قد أدينوا أصلا في العام 2013 لارتباطهم بـ لجنة العدالة والكرامة. وفي العام 2013، أسفرت محاكمة "الإمارات 94" البالغة الجور عن إدانة 69 منتقدا للحكومة، ثمانية منهم غيابيا، بتهم تنتهك حقوقهم في حرية التعبير وتكوين الجمعيات والتجمع.
وكان هؤلاء الـ69 من بين 94 شخصا اعتقلوا بدايةً في آذار/ مارس 2012 في موجة اعتقالات تعسفية وسط حملة قمع غير مسبوقة ضد المعارضة.
وقالت شيا: "ينبغي للسلطات الإماراتية إلغاء هذه الإدانات والإفراج عن المتهمين فورا دون قيد أو شرط".