صحافة دولية

تحقيق يكشف شبكات خارجية تغذي الكراهية والتحريض الطائفي في سوريا

60 بالمئة من الحسابات حُدِّد موقعها الجغرافي في العراق واليمن ولبنان وإيران- الأناضول
كشف تحقيق استقصائي أجرته "بي بي سي" عن وجود شبكات خارجية من الحسابات على منصة "إكس" تعمل على تأجيج الطائفية ونشر خطاب الكراهية في سوريا، بالتزامن مع التحولات السياسية في البلاد، مستهدفة الحكومة السورية الجديدة والأقليات.

وأوضح التحقيق أن هذه الشبكات تُدار بشكل منسّق ومنهجي ضمن حملات إلكترونية تستخدم حسابات مبرمجة ووهمية، وتلجأ إلى تكتيكات متعددة من بينها النشر المتزامن، وإعادة تدوير المحتوى القديم، وترويج روايات ملفّقة تهدف إلى التأثير على الرأي العام السوري.

وقال فريق تقصي الحقائق في "بي بي سي" إنه تتبع أكثر من مليوني منشور متعلق بسوريا منذ سقوط نظام بشار الأسد، موضحا أنه أجرى تحليلا لعينة تضم أكثر من 400 ألف منشور، منها نحو 50 ألف منشور تضمن ادعاءات كاذبة ضد الإدارة الجديدة، صدر 60% منها عن حسابات حُدِّد موقعها الجغرافي في العراق واليمن ولبنان وإيران.

وأشار التحقيق إلى أن الحسابات المعادية اعتمدت على نشر أخبار مزيفة، من بينها ادعاء كاذب في 9 آذار /مارس الماضي حول "إعدام كاهن كنيسة مار إلياس على يد عصابات الجولاني"، وهي رواية نفتها الكنيسة لاحقا، لكنها انتشرت بسرعة عبر عشرات الحسابات باستخدام نفس الصياغة والصور.

وأضاف التحقيق أن من الأساليب المستخدمة أيضا إعادة نشر مقاطع فيديو قديمة لا تمت بصلة للأحداث الجارية، مثل مقطع نُشر في كانون الأول /ديسمبر 2024 يُظهر رجلا يدمر تمثالا للسيدة مريم العذراء، وقد نسبته الحسابات إلى "عصابات الجولاني"، ليتبيّن لاحقا أنه يعود لعام 2013.

ولفت التحقيق إلى أن هذه الشبكات تظهر أنماط تلاعب مُنسق، منها الحسابات التي تتبع تسلسلا رقميا في أسمائها مثل "قاصف 1" و"قاصف 2"، أو تلك التي تستخدم تركيبات من أحرف وأرقام عشوائية، وهو ما يشير إلى أنها حسابات وهمية تُستخدم لتنفيذ حملات منظمة لإغراق المنصات بخطاب مكرر وموجّه.

وإلى جانب الشبكات المناهضة، كشف التحقيق أيضا عن شبكة مؤيدة للرئيس السوري أحمد الشرع، نشرت أكثر من 80 ألف منشور تركزت في تركيا والسعودية، وتظهر هي الأخرى مؤشرات على التلاعب المنسق باستخدام عبارات متطابقة أو معدّلة لتقديم صورة إصلاحية للرئيس الجديد.

كما رصد التحقيق نشاطًا مكثفًا لحسابات تنشر خطاب كراهية وتحريضًا ضد الطائفة العلوية، حيث وثّق نشر أكثر من 100 ألف تعليق مسيء ومحرض منذ تشرين الثاني /نوفمبر 2024، تكررت فيها عبارات مثل "كفّار" و"الطغمة العلوية" و"مجرمون"، مع تحريض صريح على القتل في بعض المنشورات.

وأشار التحقيق إلى أن هذه الحسابات تتبع نمطًا متطابقًا في النشر، إذ تُغرق المنصة بمنشورات متماثلة خلال فترات زمنية قصيرة، وتتبادل المحتوى فيما بينها بشكل منسّق، وهو ما يعزز من فرضية وجود حملات تضخيم منظم ضد العلويين.

وفي تعليقه على نتائج التحقيق، قال الباحث في مختبر أبحاث الأدلة الرقمية (DFRLab)، رسلان طراد، إن النقاشات على وسائل التواصل حول سوريا أصبحت "بيئة معقدة، ومجزّأة، وذات استقطاب شديد"، مشيرا إلى أن "الخطاب الطائفي يعيد تأطير النقاشات حول المكونات الدينية بطرق تقسيمية وتحريضية، ما يعكس توترا مجتمعيا متجذرا".

وأكد طراد أن "هناك دلائل تشير إلى حملات تضليل طائفية منسقة تخدم أجندات إيرانية وإسرائيلية، إلى جانب حسابات من تركيا والإمارات والسعودية ومصر منخرطة في هذا التأجيج، فضلًا عن نشاط لافت للحسابات الروسية".

وشدد طراد على أن "أعمال العنف الأخيرة، بما فيها الهجمات على الدروز والعلويين، تُؤطَّر طائفيا على المنصات، ما يعزز الدعوات للحكم اللامركزي وحماية الأقليات، في مقابل خطاب حكومي يدعو للوحدة الوطنية وينكر الانقسامات".