كتاب عربي 21

ترامب نهاية نتنياهو

"تبيّن أن حتى أمريكا ترامب، وهي تغطيه، لها تحفظاتها التي تحوّلت الآن إلى أزمة صارخة في العلاقات"- جيتي
الأزمة التي اندلعت بين الحليفين القديمين ترامب ونتنياهو، ستكون "الشعرة التي تقصم ظهر البعير"، أي الضربة التي ستوجع نتنياهو الذي يُواجه أزمة خانقة، لا يخرج منها.

كم حاول نتنياهو أن يخفي أزمته الخانقة له حتى السقوط، وذلك بإشعال الحرب الثانية في غزة، وقد ادّعى هذه المرّة أن هدفها الوحيد القضاء على حماس، والبدء بتهجير سكان غزة جميعا، فضلا عن التوسّع في الاعتداءات على لبنان وسوريا، وصولا إلى الحديث عن تغيير خريطة "الشرق الأوسط".. ويقصد بالطبع الدول العربية.

من استمع إلى نتنياهو، وهو يتهدّد غزة بتوسيع الحرب حتى احتلالها كاملة، ومن يُتابع إمعانه في القتل الجماعي للأهالي، ومن تابع اعتداءاته على كل من لبنان وسوريا، فضلا عن خطبه، كان سيتوهّم بأن نتنياهو يتصرف من مواقع القدرة والقوّة،
لم يبقَ لدى نتنياهو غير خيار واحد، هو الهروب للحرب والاعتداءات، ومحاولة جرّ ترامب لتحمّل الخسائر المترتبة عن تغطيته، والانجرار وراءه
وليس من مواقع الضعف والعزلة، والأزمة الداخلية والخارجية (حتى على المستوى الأوروبي- الأمريكي).

كان نتنياهو منذ قرّر أن يشنّ الحرب الثانية على قطاع غزة، هاربا من الأزمة حتى السقوط، فكيف لا يكون في مأزق حقيقي، وضعف حقيقي، مع تصاعد التظاهرات الداخلية ضدّه، وقد علت أصوات ضدّه، من القضاء والجيش والاحتياط، والطيران والنقابات، وقيادات الدولة العميقة، ومن قيادات سابقة.. وكيف لا يكون ضعيفا، وهو يخوض حربا لا أمل له في كسبها، ولا تحظى بإجماع داخلي، ولم تؤيّده دولة واحدة في العالم. وقد تبيّن أنه حتى أمريكا ترامب، وهي تغطيه، لها تحفظاتها التي تحوّلت الآن إلى أزمة صارخة في العلاقات.

كل هذه الأزمة، وكل هذا الضعف، كانا يفرضان على نتنياهو الانحناء لتدبّر الالتفاف عليهما، ولكن تحالفه مع سموتريتش وبن غفير أخذ يتحكّم في قراراته، إلى جانب تحكم خوفه إلى حد الرعب، من السجن الذي ينتظره إذا سقطت حكومته. لهذا لم يبقَ لدى نتنياهو غير خيار واحد، هو الهروب للحرب والاعتداءات، ومحاولة جرّ ترامب لتحمّل الخسائر المترتبة عن تغطيته، والانجرار وراءه.

ما هو أشدّ نكاية عليه، فالخطوة الثانية التي تتعلق بصفقة أكبر يسعى لها المبعوث الأمريكي ويتكوف، لأن حماس جعلت الإفراج عن عيدان ألكسندر خطوة مرتبطة بالصفقة المطلوبة

على أن ترامب له سياسات عربية، تتعارض مع السكوت المدمّر عما يرتكبه نتنياهو من جرائم، بحق الشعب الفلسطيني في غزة ولا وفي الضفة الغربية ثانيا. وقد ثبت أن الوضع العربي له بعض الثقل في التأثير في سياسات ترامب، بالرغم مما يوصف به هذا الوضع من ضعف وعجز ولا فاعلية.

ولهذا اضطر ترامب من أجل إنجاح زيارته السعودية-الخليجية، أن يحاول الضغط على نتنياهو، لوقف الحرب وإطلاق الأسرى، مع تلميح، غير مؤكد، حول إعلان "دولة فلسطينية"، الأمر الذي أدخل أزمة نتنياهو إلى مواجهة "الشعرة التي تقصم ظهر البعير"، في الصفقة التي تمت لإطلاق عيدان ألكسندر، حامل الجنسية الأمريكية أيضا. وقد شكّل تنفيذها مساء 12 أيار/ مايو 2025 إهانة وإذلالا لنتنياهو، يحتاجان إلى "جِلد تمساحي" حتى يتحملهما.

أما ما هو أشدّ نكاية عليه، فالخطوة الثانية التي تتعلق بصفقة أكبر يسعى لها المبعوث الأمريكي ويتكوف، لأن حماس جعلت الإفراج عن عيدان ألكسندر خطوة مرتبطة بالصفقة المطلوبة، لتشمل وقف الحرب، والانسحاب من القطاع، والتبادل الشامل للأسرى، ولغالبية الأسرى الفلسطينيين من حملة المؤبّدات.

بكلمة، يا للخيار الأصعب الذي ينتظر نتنياهو، ونهايته التي حان وقتها.