دعت منظمة "الديمقراطية الآن للعالم
العربي" (DAWN) إلى الإفراج
الفوري عن رئيس البرلمان
التونسي السابق ومؤسس حركة النهضة، راشد
الغنوشي، معتبرةً
احتجازه المستمر منذ عامين "جائرًا" ومرتبطًا بسلسلة محاكمات ذات طابع
سياسي تستهدف المعارضة التونسية.
وفي ظل تصاعد المخاوف بشأن تراجع الحريات
العامة في تونس، تبرز قضيّة راشد الغنوشي، رئيس البرلمان السابق وزعيم حركة
النهضة، باعتبارها نموذجًا صارخًا لما تصفه منظمات حقوقية محلية ودولية بأنه
"قمع ممنهج" للمعارضة السياسية.
ويواجه الغنوشي، البالغ من العمر 83 عامًا،
عدة أحكام بالسجن في قضايا يعتبرها مراقبون ذات طابع سياسي، فيما تصر السلطات على
شرعية الإجراءات القضائية.
تقول منظمة "الديمقراطية الآن للعالم
العربي" (DAWN) في تقريرها: إن استمرار
احتجاز الغنوشي منذ أبريل/ نيسان 2023، رغم ضعف الأدلة في معظم القضايا الموجهة
ضده، يعدّ مؤشرًا على انهيار استقلال القضاء في تونس، ومحاولة لإقصاء أحد أبرز
رموز الانتقال الديمقراطي في البلاد.
وأدانت المنظمة ما وصفته بـ"الملاحقات
السياسية" التي تستهدف الغنوشي منذ استحواذ الرئيس قيس سعيّد على السلطات في
يوليو/ تموز 2021، حيث صدرت بحقه ثلاثة أحكام بالسجن بتهم تتعلق بـ"التحريض
على الإرهاب" و"تلقي تمويل أجنبي" و"التآمر على أمن
الدولة". وفي آخر هذه القضايا، المعروفة بـ"قضية إنستالينغو"، حُكم
عليه بالسجن 22 سنة، وسط تشكيك واسع في مصداقية الأدلة والإجراءات.
ويؤكد محامو الغنوشي أنه لم يُمنح حق الدفاع
الكامل، وأن السلطات منعتهم من تقديم مستنداتهم أمام المحكمة. كما جرى تغيير
القضاة وتبديل المحكمة دون مبرر قانوني، وهو ما تعتبره DAWN دليلاً إضافيًا على التوظيف السياسي للجهاز
القضائي.
لكن الرئيس قيس سعيّد وأنصاره يرفضون هذه
الاتهامات، ويتمسكون بالقول إنهم يحترمون استقلال القضاء، وإن المحاكمات تجري وفق
القانون، وعلى الجميع تحمل مسؤولياتهم أمام العدالة دون استثناء.
ولا يُعدّ راشد الغنوشي الوحيد الذي يقبع في
السجن اليوم على خلفية مواقفه السياسية، بل يشترك معه في المصير ذاته عدد من رموز
المعارضة التونسية من مختلف الأطياف والتوجهات، ممن يُحاكمون أمام القضاء بتهم
فضفاضة، أبرزها "التآمر على أمن الدولة". وقد صدرت بحق عدد منهم أحكام
قاسية بالسجن لسنوات طويلة، في ما تعتبره منظمات حقوقية حملة ممنهجة لإسكات
الأصوات المعارضة وإقصاء الخصوم السياسيين تحت غطاء قانوني.
وتشير DAWN إلى أن السلطات التونسية كثّفت استخدام
قوانين مكافحة الإرهاب، خاصة المرسوم 2015، لملاحقة معارضي الرئيس، بما في ذلك
قادة أحزاب، ونشطاء، وصحفيين. كما استفادت أجهزة الأمن من دعم دولي، بينها برامج
أمريكية وأوروبية، عززت قدراتها الأمنية تحت شعار "مكافحة الإرهاب"، قبل
أن تُستخدم داخليًا في ملفات سياسية بحتة.
وتعكس هذه القضيّة، بحسب تقارير حقوقية،
تدهورًا غير مسبوق في الحريات وسيادة القانون، وسط تصاعد الانتقادات الدولية
لتونس، بعد أن كانت تُعتبر نموذجًا للتحول الديمقراطي في المنطقة عقب ثورة 2011.