في قراءة تحليلية معمّقة، خصّ المفكر الليبي
الدكتور علي الصلابي،
"عربي21"، بتصريحات حول
توصيات اللجنة الاستشارية
المنبثقة عن
البعثة الأممية، التي نشرت مؤخرًا تقريرًا يهدف إلى كسر الجمود
السياسي في
ليبيا، وفتح الطريق أمام تسوية تنتهي بانتخابات وطنية شاملة.
ورغم ما وصفه الصلابي بـ"العوامل
المساعدة" التي تتضمنها التوصيات، إلا أنه شدد على أن هذه المبادرات لا ترتقي
لحل جذري للأزمة الليبية المعقّدة، ما دامت الأجسام السياسية "الهزيلة
والعاجزة" هي من تتصدر المشهد.
توصيات استشارية.. ولكن الأزمة أعمق
وقد حمل تقرير اللجنة الاستشارية أربعة
مسارات محتملة لحلحلة المشهد الليبي، أبرزها: الانتخابات بعد حكومة
جديدة مؤقتة لمدة لا تتجاوز 24 شهرًا، انتخاب مجلس تشريعي بغرفتين يتولى صياغة
دستور دائم، الاستفتاء على دستور 2017 أو صياغة مسودة جديدة كأساس دستوري
للانتخابات.
خيار "الفرصة الأخيرة" عبر تشكيل
جمعية تأسيسية لصياغة دستور مؤقت وقيادة انتقالية.
وتضمّنت التوصيات تعديلات مثيرة للجدل، مثل
السماح لمزدوجي الجنسية بالترشح بشرط التنازل لاحقًا، وإتاحة الترشح للعسكريين
بضوابط، ورفع تمثيل المرأة والمكونات الثقافية في مجلس الشيوخ، كما أوصت بتشكيل
حكومة موحدة خلال 6 أشهر برعاية أممية.
لكن اللجنة لم تُخفِ انتقادها للتعديل
الدستوري الـ13، الذي ربط بين المسارين التشريعي والرئاسي، معتبرة ذلك "مسًّا
غير مبرر بالحق في الترشح والانتخاب"، ودعت إلى فك الارتباط القانوني بين
الاستحقاقات الانتخابية.
الصلابي: الجيل الجديد هو الحل.. لا تنتظروا
من الجيل القديم إصلاحًا
علّق الدكتور الصلابي بأن مثل هذه التوصيات
"تصلح كإجراءات فنية مساعدة، ولكنها لا تمس جوهر المعضلة الليبية"، التي
تكمن، برأيه، في غياب مشروع وطني يتجاوز الولاءات الضيقة ويستند إلى قيم دينية
وحضارية تجمع الليبيين.
ورأى أن المخرج يكمن في جيل شاب متعلم
ونظيف، قادر على تقديم قيادة جديدة مؤمنة بالمشروع الوطني الجامع، مضيفًا أن
"من عاشوا تحت أنظمة القهر والطغيان لعقود أصيبوا بأمراض لا تمكّنهم من قيادة
التحول".
واستشهد بمرحلة "التيه" التي
أصابت بني إسرائيل بعد زوال حكم فرعون، قائلاً: "الاستبداد الطويل يورث الذل
والجحود، ولا بد من بناء جيل جديد كجيل يوشع بن نون، ليحمل الراية بعد موسى عليه
السلام".
دعوة لتوحيد الجهد ونبذ الانقسام
الصّلابي وجه رسائل مباشرة إلى الشباب
الليبي، دعاهم فيها إلى الاتحاد حول قيم القرآن والدين والإنسانية، ونبذ التراشق
والتخوين والصراعات القديمة التي أنهكت ليبيا. وقال: "لا يليق بالمتصدرين
للمشهد السياسي والمهتمين بالشأن العام أن تكون أخلاقهم بذيئة وأخلاق سب وشتم، هذا
ليس من أخلاق القيادة ولا من الخوف من الله في الشعب والبلاد". ودعا إلى
الاقتداء بالنبي صلى الله عليه وسلم القائل: "أحسنكم أخلاقا أقربكم مني مجلسا
يوم القيامة".
كما دعا إلى تشكيل كتلة وطنية نظيفة تقود
الشعب نحو التحرير والاستقرار، مؤكدًا أن "المجتمع الدولي سيحترم من يملك
الرؤية والشرعية الشعبية وقيادات شبابية جديد، تمتلك فهما عميقا ووعيا للواقع
المحلي والإقليمي والدولي ومنظومة حاكمة تنتمي للجذور الحضارية والتاريخية للشعب
الليبي"، وفق تعبيره.