انطلقت سفينة "مادلين" المدنية ضمن تحالف أسطول الحرية (FFC)، باتجاه قطاع
غزة محمّلة بمساعدات إنسانية ونشطاء بارزين ومدافعين دوليين عن حقوق الإنسان، في تحدٍّ مباشر للحصار الإسرائيلي غير القانوني والإبادة الجماعية المستمرة منذ أكثر من 20 شهرًا.
وأعلنت بعثة السفينة أن هذه الرحلة للتضامن مع سكان غزة، ضمن مهمة مدنية تهدف إلى كسر الحصار عن غزة بشكل رمزي، وأن الإنسانية تُحتِّم النضال من أجل فلسطين.
وتضم السفينة العديد من النشطاء العالميين والشخصيات البارزة على الساحة الدولية على مختلف الساحات السياسية والحقوقية والفنية، وسُميت السفينة بهذا الاسم "تكريمًا لأول صيّادة أسماك في غزة، والتي واجهت بعزيمتها ظروف الحصار عام 2014".
ويُعد هذا الاسم رمزًا لصمود الشعب الفلسطيني، كما يعكس تصاعد التضامن العالمي مع ضحايا الحصار وسياسات العقاب الجماعي.
غريتا ثونبرغ
ناشطة بيئية سويدية معروفة عالميًا بتحركاتها المناخية، وشاركت في هذه الرحلة للتضامن مع سكان غزة، حيث صرّحت قبيل الإبحار في ميناء كاتانيا الإيطالي أنها في "مهمة مدنية تهدف إلى كسر الحصار عن غزة بشكل رمزي".
وقالت ثونبرغ إنها هنا لأن "بقاء ذرّة واحدة من الإنسانية يعني وجوب النضال من أجل فلسطين الحرّة، والسكوت على معاناة الفلسطينيين لم يعد مقبولًا، ونحن نشهد تجويعًا منهجيًا لمليوني إنسان.. لا يمكن للعالم أن يظل متفرجًا صامتًا. كل واحد منّا لديه مسؤولية أخلاقية لفعل كل ما بوسعه من أجل فلسطين حرّة".
وعلى مدى الأشهر الأخيرة، اتجهت ثونبرغ نحو دعم القضية الفلسطينية علنًا، رغم أنها اشتهرت سابقًا بأعمالها المناخية، وقد أثار موقفها الداعم لحقوق الفلسطينيين الجدل في بعض الأوساط، بما في ذلك منعها من المشاركة في فعالية تضامنية في ألمانيا عُقدت في تشرين الأول/ أكتوبر 2024، بزعم مخاوف أمنية.
ليام كانينغهام
ممثل أيرلندي، الشهير بدوره في مسلسل "صراع العروش" وشخصية الفارس "دافوس سيوورث"، وهو أحد المتطوعين على متن سفينة "مادلين"، ومن النشطاء البارزين عالميًا في دعم القضية الفلسطينية على مدار السنوات الماضية.
وأعلن كانينغهام انضمامه إلى الرحلة تضامنًا مع سكان قطاع غزة، مؤكدًا رفضه البقاء صامتًا أمام ما يتعرض له أهل غزة من موت وجوع، وقد ربط بين الموقف الأيرلندي التاريخي ضد الاحتلال البريطاني بمعاناة الشعب الفلسطيني تحت الاحتلال الحالي.
وفي مؤتمر صحفي قبيل الإبحار أكد كانينغهام أنه لا يريد أن يكون من بين الذين قالوا "إنهم لم يفعلوا شيئًا"، مشددًا على ضرورة إيقاف الحرب وحصار غزة.
ريما حسن
نائبة في البرلمان الأوروبي عن اليسار الفرنسي، هي صحفية ومحامية ذات أصول فلسطينية وأوروبية، وانضمت إلى الرحلة انطلاقًا من أن "الصمت ليس حيادًا بل تواطؤًا، وأن الحرب الحالية ضد قطاع غزة إبادة جماعية يجب أن تُدان عالميًا".
ومن على متن السفينة قالت: "نحن على متن مادلين لأن الصمت ليس حيادًا، بل تواطؤ. يتم تجويع الشعب الفلسطيني في غزة وقتله والعالم يكتفي بالمشاهدة.. تحمل هذه السفينة مطلبًا واضحًا: أوقفوا الحصار. أوقفوا الإبادة".
وتاريخيًّا، عُرفت حسن بمواقفها المناهضة للاحتلال الإسرائيلي؛ فقد تعرضت سابقًا لمضايقات واتهامات في فرنسا و"إسرائيل" بسبب دعواتها لإنهاء الحصار وإحقاق حقوق الفلسطينيين.
وكانت ريما حسن قد رُفضت من قِبل سلطات الاحتلال لزيارة الأراضي الفلسطينية في شباط/ فبراير الماضي، وأكدت حينها رفضها لمواصلة إفلات "إسرائيل" من العقاب.
عمر فياض
صحفي ومذيع مصري يعمل مع قناة الجزيرة ويواكب في عمله الإعلامي القضايا العربية، وقد انتقل إلى البحر للتغطية وبثّ دعمه لغزة مباشرةً من السفينة.
ونشر فياض تسجيلات مصورة يوثّق فيها اليوميات على متن "مادلين"، مؤكدًا أن هدف الرحلة إيصال المساعدة والحقيقة حول معاناة سكان قطاع غزة.
وفي تصريح مكتوب له قبل المغادرة، دعا لوقف العنف ولفتح المعابر الإنسانية إلى القطاع، مؤكدًا ضرورة كسر الحصار وتقديم المساعدة العاجلة للسكان المحاصرين.
باسكال موريراس
ناشط فرنسي باريزي يعمل في المجال الإنساني، وشارك في تنظيم حملات إغاثية سابقة لكسر الحصار المستمر ضد قطاع غزة لأكثر من 18 عامًا.
وتأتي مشاركة موريراس في إطار موقفه الثابت الرافض للعدوان على غزة والجرائم الإسرائيلية المستمرة، وسبق أن شارك في تظاهرات ومسيرات عديدة داعمة للقضية الفلسطينية وقطاع غزة في فرنسا.
في نيسان/ أبريل 2025، شارك في إضراب عن الطعام تحت شعار "جوع من أجل العدالة لفلسطين"، احتجاجًا على تقاعس فرنسا والاتحاد الأوروبي في مواجهة الجرائم المرتكبة من قبل حكومة الاحتلال الإسرائيلي.
خلال هذا الإضراب، صرّح باسكال أمام مجلس الشيوخ الفرنسي قائلًا: "نحن جائعون من أجل العدالة، عطشى للعدالة"، مؤكدًا أنه يصوم تضامنًا مع سكان غزة ولحثّ صناع القرار على التحرك.
ريفا فيار
ناشطة فرنسية تُعرف بتأييدها لمبادرات التضامن مع فلسطين، وهي من ضمن من رفعوا شعار "فلسطين حرّة"، في تظاهرات سابقة لدعم القضية الفلسطينية.
تُعرف ريفا فيار بمواقفها العلنية ضد الاحتلال الإسرائيلي، وتعتبر أن الصمت الدولي إزاء ما يحدث في غزة يُعد تواطؤًا مع الجرائم المرتكبة هناك.
شاركت فيار في عدة حملات تضامنية مع الشعب الفلسطيني، مؤكدة على أهمية العمل الجماعي الدولي للضغط من أجل إنهاء الحصار ووقف الانتهاكات.
تياغو أفيلا
ناشط برازيلي وعضو بلجنة توجيه تحالف أسطول الحرية، يعرف بعمله منذ سنوات في تنسيق أساطيل دولية لكسر الحصار عن غزة، وكان من ضمن طاقم سفينة "حنظلة" في عام 2010.
وأكد أفيلا بأن عائلات غزة لا تقل أهمية عن عائلته الشخصية، قائلًا: "صدفةً فقط لم تكن أسرنا من المحاصرين هناك"، موضحًا أن رحلتهم "غير مسلحة وسلمية بالكامل وستستمر حتى تحرير فلسطين".
وأضاف أن هذا التضامن الشعبي العالمي الذي تشكّله هذه الأساطيل هو ردّ فعل أخلاقي لنداء الفلسطينيين، داعيًا الجميع للمشاركة في المهمة وتعزيز صوت غزة.
يانيس حمّدي
صحفي فرنسي ينشر تقارير رأي حول القضية الفلسطينية والاحتلال الإسرائيلي في وسائل إعلام فرنسية ويسارية، أعرب عن إداناته للجرائم الإسرائيلية في غزة ودعمه لحركات المقاطعة والعمل ضد الاحتلال.
في تصريح نشره عبر حساباته أكد أنه يقف مع "أهالي غزة الذين يئنّون تحت القصف والحصار"، مشيرًا إلى أن المهمّة الحالية "عمل تضامني لمساعدة شعب محاصر وتعزيز ضمير العالم تجاه ما يحدث".
ياسمين آكار
ناشطة ألمانية من أصول عربية وعضو بلجنة التوجيه في "أسطول الحرية"، وتولّت سابقًا مناصب قيادية في المجتمع الإسلامي بألمانيا، وهي معروفة بمواقفها القوية الداعمة للقضية الفلسطينية.
قالت آكار إنّ الانضمام إلى الرحلة هو واجب إنساني ضد الجريمة المنظمة التي تُرتكب في غزة، ودعت الدول الغربية إلى الكف عن تقديم الدعم السياسي والعسكري لـ"إسرائيل".
وطالبت آكار المجتمع المدني بعدم "إدارة ظهره لغزة"، مؤكدة أن السكوت الآن هو "مساهمة في الجريمة".
وتاريخيًا، دافعت آكار عن حقوق الفلسطينيين في وسائل الإعلام الألمانية وحثّت على إنهاء الاحتلال عبر قرارات سياسية وسلام عادل.
شعيب أوردو
مهندس تركي يشترك أيضًا في الرحلة الإنسانية إلى غزة، وهو من ذوي الخبرة المهنية بعيدًا عن السياسة، لكنه شارك في محاولة كسر الحصار بصفتها عملًا تضامنيًا إنسانيًا.
ويشارك أوردو في الجهود التضامنية مع غزة، وحضوره على متن "مادلين" يمثل دعمًا من متطوعين أتراك لكسر الحصار.
سيرجيو توريبيو
ناشط إسباني داعم للقضية الفلسطينية وعمل ضمن منظمات إنسانية دولية، وله مشاركات في حملات سابقة لكسر الحصار عن غزة.
عبر وسائل التواصل قال إن حضوره على متن "مادلين" هو نصرة للمظلومين وإدانة للعنف الذي تمارسه "إسرائيل" ضد المدنيين.
وأكد توريبيو أنه لن يصمت في وجه قتل الأطفال وهدم البيوت، مطالبًا المجتمع الدولي بإنقاذ غزة من المجاعة والدمار.
مارك فان رين
ناشط هولندي ضمن طاقم سفينة "مادلين"، وتأتي مشاركته ضمن تأكيد موقفه الرافض لسياسات الاحتلال الإسرائيلي، وتضامنًا مع الشعب الفلسطيني في قطاع غزة الذي يعاني من حرب إبادة مستمرة منذ 7 تشرين الأول/ أكتوبر 2023.
"مافي مرمرة"
تُعد مهمة "مادلين" امتدادًا مباشرًا لمهمة سفينة "مافي مرمرة"، التي تعرّضت لهجوم إسرائيلي دامٍ في عام 2010، أسفر عن استشهاد عشرة متطوعين أثناء محاولتهم إيصال مساعدات إنسانية إلى غزة.
ويرى منظمو الحملة أن هذه المهمة تمثل استمرارًا لذلك الإرث الإنساني، ورفضًا للصمت الدولي والخضوع للابتزاز السياسي.
وأكد ائتلاف أسطول الحرية أن الإبحار بسفينة "مادلين" هو فعل سلمي مقاوم، ينطلق من إيمان راسخ بأن المدنيين الفلسطينيين يستحقون الحرية والكرامة وحقوق الإنسان الكاملة.
وأضاف أن جميع المتطوعين على متن السفينة مدربون على اللاعنف، ولا يحملون أي سلاح.
ودعا التحالف الحكومات إلى ضمان المرور الآمن للسفينة وسائر السفن الإنسانية، كما طالب وسائل الإعلام بتغطية الحدث بمهنية وشفافية، وناشد أصحاب الضمائر الحية حول العالم بالتحرك الفوري لإنهاء معاناة غزة وكسر الحصار المفروض عليها.
عقوبة جماعية
منذ عام 2007، يفرض الاحتلال الإسرائيلي حصارًا مشددًا على قطاع غزة، عقب فوز حركة حماس في الانتخابات البلدية، ما حوّل القطاع إلى أكبر سجن مفتوح في العالم.
ويُعتبر هذا الحصار أحد أطول وأقسى أنظمة العقوبات الجماعية في العصر الحديث، وامتدادًا لسياسات عزل ممنهجة استهدفت القطاع سياسيًا واقتصاديًا واجتماعيًا.
وقد شمل الحصار جميع جوانب الحياة اليومية، من إغلاق المعابر البرية والبحرية والجوية، إلى منع دخول المواد الأساسية، وتقييد حركة الأفراد والبضائع، وفرض قيود صارمة على الوقود والكهرباء والمعدات الطبية ومواد البناء.
وتشير تقارير الأمم المتحدة والمنظمات الحقوقية الدولية إلى أن هذا الحصار يُصنَّف كـ"عقوبة جماعية غير قانونية" تطال أكثر من مليوني نسمة، نصفهم من الأطفال.
ومع كل عدوان إسرائيلي جديد، تتفاقم المأساة الإنسانية في غزة، ويتحوّل الحصار من إجراء عسكري إلى أداة خنق ممنهجة للحياة المدنية، تُستخدم لفرض شروط سياسية على حساب الحقوق الأساسية للسكان، فيما تُقيّد إمكانية إعادة الإعمار أو التعافي الإنساني.