في الوقت
الذي تبدو فيه
الكويكبات مجرد مادة لأفلام الخيال العلمي أو الأخبار المثيرة عن
خطر محتمل يهدد
الأرض، إلا أن الحقيقة أكثر تعقيداً وأهمية، فعلى مدار الساعة،
تراقب منظمات دولية وعشرات المراصد الفلكية هذه الأجسام الصخرية التي تشكلت قبل
نحو 4.6 مليار سنة، باعتبارها مفاتيح لفهم ماضي كوكبنا، وربما مستقبله أيضاً.
ويدور معظم الكويكبات،
التي يزيد عددها المعروف على مليون كويكب، في "حزام الكويكبات الرئيسي"
بين المريخ والمشتري، لكن بعضها يتقاطع مع مدار الأرض. بعض هذه الأجسام الصغيرة لا
يشكل أي تهديد، بل يحمل مركّبات عضوية قد تكشف كيف بدأت الحياة على الأرض، كما
تشرح البروفيسورة مونيكا غرادي، الخبيرة في علوم الفضاء بالجامعة المفتوحة في
بريطانيا.
وتوضح غرادي
أن "الفرضية الأكثر إثارة هي أن الكويكبات قد تكون قد جلبت اللبنات الأولى
للحياة إلى الأرض في بداياتها". ولذا، فالعلم لا يراقب هذه الأجسام خوفاً
فحسب، بل طمعاً في المعرفة.
وفي سياق
الحذر أيضاً، تعكف وكالات مثل "
ناسا" على تتبع الكويكبات القريبة من
الأرض بدقة شديدة. أحد أبرز هذه الأجسام هو كويكب "أبوفيس"، الذي كان
يثير القلق منذ اكتشافه عام 2004، قبل أن تعلن ناسا أنه لن يشكل تهديداً خلال
القرن المقبل، ومن المتوقع أن يمر على بعد 32 ألف كيلومتر من الأرض في أبريل 2029،
وهي مسافة قريبة بما يكفي لرؤيته بالعين المجردة.
أما الكويكب
"2024 YR4"،
الذي اكتشف حديثاً، فقد أثار موجة من القلق بعد تقديرات أولية بإمكانية اصطدامه
بالأرض، قبل أن تُستبعد هذه الفرضية لاحقاً، ورغم ذلك، تبقى نسبة ضئيلة لإمكانية
اصطدامه بالقمر، بحسب ناسا.
وقد تجاوزت
مراقبة الكويكبات حدود التلسكوبات، لتصل إلى مراحل متقدمة من التجريب؛ ففي 2022،
نفّذت ناسا تجربة تاريخية عبر اصطدام مركبتها بمقمر كويكب "ديديموس"
الصغير، في اختبار عملي للدفاع الكوكبي.
ومن جانب
آخر، تواصل ناسا مهمتها لدراسة كويكب "سايكي"، الذي يُعتقد أنه يمثل
نواة معدنية مكشوفة لكوكب أولي، ما قد يفتح نافذة لفهم أعمق لتشكّل الكواكب.
ومع التطورات
الأخيرة في تقنيات الرصد، مثل تلسكوب مرصد "فيرا روبين"، الذي رصد أكثر
من ألفي كويكب جديد في يوم واحد، يتوقّع العلماء اكتشاف ملايين الكويكبات في
السنوات القادمة، ما يوسّع من فهمنا للمخاطر والفرص التي تحملها هذه الأجسام
الفضائية.