في مشهد يلخّص حجم المأساة التي تعايشها
غزة، قسرا، وثّقت عدسات الكاميرا أربعة رُضع
حديثي الولادة يتشاركون حاضنة واحدة داخل أحد مستشفيات القطاع المحاصر، وسط صراع يومي يخوضه الأطباء للحفاظ على حياة المرضى، في وقت تحذّر فيه الأمم المتحدة من أنّ: "نقص الوقود وصل إلى مرحلة حرجة تهدد بانهيار القطاع الصحي بشكل كامل".
وتتزايد حالات الولادة المبكرة في القطاع، نتيجة القصف المتواصل والنزوح المتكرر والتوتر النفسي الشديد، فيما تتحول حياة الأطفال "الخدّج" إلى سباق محموم مع الموت، في خضمّ النقص الحاد في الحاضنات، والأدوية المنشطة لرئة الجنين، وأجهزة الأوكسجين.
ويضطر الأطباء، تحت ضغط نقص الإمكانيات، إلى اتخاذ قرارات قاسية، مثل وضع طفلين أو أكثر في ذات الحاضنة، أو المفاضلة بين الأطفال وفق فرص بقائهم على قيد الحياة.
أرقام صادمة وواقع مأساوي
بحسب دائرة نظم المعلومات في وزارة الصحة بغزة، فقد توفي 323 طفلاً خدّيجاً خلال عام 2024، وهو رقم مرتفع بشكل مأساوي مقارنة بما كان عليه الوضع قبل الحرب.
وكانت مستشفيات مدينة غزة وشمال القطاع تضم قبل العدوان أكثر من 110
حضانات للأطفال، لكن هذا الرقم تراجع بشكل حاد نتيجة استهداف الاحتلال للمرافق الطبية.
وكان قسم الحضانة في مستشفى الشفاء هو الأكبر في فلسطين٬ ويحتوي وحده على 65 حاضنة، إلا أن دمار المستشفى قد أفقد القطاع معظم قدراته في هذا المجال.
وإلى جانب ذلك، يشكو القطاع الطبي من فقدان الحليب الخاص بالأطفال الخدّج، والذي يتميز بسعراته الحرارية العالية ويُعدّ أساسياً لنموّهم.
ويؤكد أطباء أن هذا النوع من الحليب مفقود في جميع أنحاء غزة، وإن توفر فهو باهظ الثمن لا قدرة للناس على شرائه، داعين إلى فتح المعابر فوراً لإدخال الأجهزة الطبية والأدوية والحليب العلاجي اللازم.
اليونيسف: آلاف الرضّع مهددون بالموت جوعاً
في السياق ذاته، حذّرت منظمة الأمم المتحدة للطفولة (اليونيسف) من أن آلاف الأطفال الرضّع في قطاع غزة يواجهون خطر الموت بسبب الجوع الحادّ، وذللك في ظل التدهور غير المسبوق في الأوضاع الإنسانية الناتج عن الحصار والعدوان المستمر.
وقالت المديرة التنفيذية للمنظمة، كاثرين راسل، في منشور على موقع التواصل الاجتماعي "إكس"، إنّ "كل دقيقة تمرّ تُعتبر حاسمة لإنقاذ الأرواح"، مشيرة إلى أنّ: "معظم الأمهات إما استُشهدن جراء القصف أو يعانين من سوء تغذية حاد يمنعهن من إرضاع أطفالهن".
وأضافت راسل أنّ: "الرضّع الفلسطينيين محرومون من الغذاء الكافي، وأن فرص نجاتهم تتضاءل يوماً بعد يوم، مطالبةً المجتمع الدولي بالتحرك الفوري لإنقاذ أرواحهم".
الحصار يخنق غزة والمجتمع الدولي صامت
بحسب بيانات اليونيسف، فإن نحو 2.4 مليون شخص في غزة يواجهون خطر الجوع نتيجة القيود المشددة على دخول الغذاء والمساعدات الطبية، وهو ما يعرض الأطفال والأمهات والمرضى لخطر الموت البطيء.
ومنذ 2 آذار/ مارس الماضي٬ يمنع الاحتلال الإسرائيلي دخول أي مساعدات إنسانية إلى غزة، في إطار حرب مدمّرة مستمرة منذ 7 تشرين الأول/ أكتوبر 2023، على الرغم من قرارات محكمة العدل الدولية والدعوات الدولية المتكررة لوقف العدوان.
ويُظهر الواقع الإنساني الكارثي أن الاحتلال يواصل تجاهله لكافة نداءات العالم، إذ تجاوز عدد الشهداء والجرحى في القطاع 194 ألفاً، معظمهم من النساء والأطفال، فيما لا يزال أكثر من 11 ألف شخص في عداد المفقودين. أما النازحون، فمئات الآلاف منهم يكافحون من أجل البقاء وسط انعدام شبه كامل للغذاء والماء والرعاية الصحية.
وفي ختام بيانها، دعت اليونيسف المجتمع الدولي إلى تحمّل مسؤوليته، مؤكدة أن "صمت العالم لم يعد مقبولاً" في مواجهة كارثة إنسانية متفاقمة تهدّد وجود جيلٍ كامل من أطفال غزة.