قال الخبير في الشأن الإسرائيلي، محمود يزبك، إن خيبة أمل كبيرة تعتري شريحة واسعة من الإسرائيليين، على خلفية فشل رئيس الحكومة، بنيامين
نتنياهو في إعادة الأسرى الإسرائيليين، ووقف الحرب على
غزة.
وفي مقابلة مع "عربي21" قال يزبك، إن قناعة تتعزز لدى المحللين والجمهور الإسرائيلي على حد سواء بشأن عدم سعي نتنياهو أو رغبته في وقف الحرب في غزة، وتحرير الأسرى الإسرائيليين، رغم الضغوط الكبيرة التي تمارس عليه.
نتنياهو يختبئ خلف اليمين المتطرف
وأكد يزبك أن نتنياهو يختبئ وراء اليمين المتطرف الاسرائيلي، ويظهر للداخل والخارج أنه يقع تحت ضغطه، محاولا تسويق أن الوزيرين المتطرفين، ايتمار بن غفير، وبتسيئيل سموترتيش يهددانه بشكل واضح بأن التوصل لاتفاق لإطلاق النار في غزة سيؤدي بالضرورة إلى إسقاط الحكومة الاسرائيلية.
ويعتقد يزبك أن "نتنياهو نفسه لا يريد التوصل لاتفاق ويستعمل اليمين المتطرف كشماعة، ولهذا رأينا أهم الشروط التي وضعها نتنياهو على المفاوضات في الدوحة خارطة الانسحاب من غزة، بما فيها محور موراج، فهو يريد إبقاء منطقة رفح جميعها تحت السيطرة الإسرائيلية".
ولفت إلى أن هدف الإبقاء على رفح في يد الجيش الإسرائيلي، إقامة ما يسمى المدينة الإنسانية وهو في الحقيقة معسكر اعتقال كبير يخضع للمراقبة الدقيقة، وهو أشبه بالمعسكرات النازية التي أقيمت لليهود من أجل الابادة".
تحاول حكومة الاحتلال تشجيع الناس للدخول إلى منطقة رفح، تحت ذريعة أن هناك سيجدون الغذاء والمساعدات والرعاية الطبية، حتى إذا تكدسوا فيها تصبح اللحظة مناسبة لتهجيرهم إلى مناطق مختلفة خارج قطاع غزة، إما إلى سيناء أو الى مناطق أخرى".
استغلال أي فرصة للمماطلة
وشدد يزبك على أن "إسرائيل" تدفع بحركة حماس للقبول بمشروعها للتهجير في غزة، والذي لا يقبل به أي إنسان، وعمليا يضغط نتنياهو في هذا الاتجاه، وهو يعلم أنه لن ينجح في انتزاع قبول من حماس، لكنه يعلم أن المفاوضات ستفشل وتتوقف عند هذا الحد، وهذا ما يريده بالضبط لاستمرار خطته في التهجير.
ولفت إلى أن نتنياهو لا يدخر فرصة للماطلة والتسويف إلا ويستغلها، فمثلا يحاول التهرب من ملف قانون التجنيد ويماطل فيه وصولا إلى إجازة الكنيست الصيفية، وبالتالي يحمي حكومته من الانهيار لشهرين أو ثلاثة شهور.
واستطرد: في هذه الحالة لا يمكن تمرير أي قانون لحل الحكومة إلا من خلال الكنيست، والأخير حين يدخل في إجازته لن يعود للانعقاد مجددا إلا بعد انتهاء الإجازة، وفي هذه الحالة لن تسقط الحكومة".
ماذا يريد نتنياهو إذا؟
ووصف يزبك نتنياهو بأنه أكثر يمينية من اليمين المتطرف ولا يسعى للوصول إلى اتفاق مع حماس، إنما يريد أن يشغل الجيش ويمسكه بقضية القضاء على حماس، وهذه مجازفة كبيرة جدا من قبل نتنياهو (..) ويريد أيضا أن يظهر في صورة البطل الأهم في تاريخ إسرائيل، ولكن هذه الآمال قد تسكن عقل نتنياهو، لا يمكن تحقيقها في الواقع، وفق ما يقوله كل الخبراء العسكريين في "إسرائيل".
ويرى يزبك أن هناك إجماع سياسي وعسكري إسرائيلي على أن الحرب في غزة لا يمكن أن تكسبها "إسرائيل" بهذه الطريقة، بينما يعتقد أن مساعي نتنياهو لاستمرار الحرب نابع من مصلحة شخصية سياسية، وليس في مصلحة "إسرائيل".
وأضاف: "نتنياهو يطبق ما كتبه في كتابه الأول الذي نشره قبل 30 ويردد فيه الشعار النظري، وبات يتحدث عنه كثيرا في الفترة الأخيرة، ومفاده أن ما لم يتحقق بالقوة، يتحقق بمزيد من القوة، ودأب مؤخرا على القول، أنظروا كيف انتصرنا على سوريا ولبنان وإيران وغيرها، لكنه يريد أيضا أن ينتصر على حماس فطالما أن هناك من يقاتل في قطاع غزة، فإذا المعركة مستمرة ولم تنته بالنسبة لنتنياهو".
وشدد يزبك على أن نتنياهو يريد أن يضع كل رؤساء الحكومات الإسرائيلية السابقة في كفة، وهو نفسه في كفة أخرى، وهو يحاول أن يظهر أنه مؤسس لإسرائيل الحديثة (..) هذا هو حلمه بأن يكون الزعيم الأول بين كل من حكموا إسرائيل".
ولفت إلى أن نتنياهو بهذا النفس وهذه النظرة يريد أن يخوض الانتخابات القادمة، وإذا ما نجح سيكون لدينا رئيس حكومة أكثر بطشا وعنجهية وعنفا في الداخل والخارج، وسيعمل على تغيير النظام الحكومي بالكامل بما يدعم بقاءه السياسي.
ماذا عن ربط الاتفاق في غزة بإجازة الكنيست؟
يعتقد الخبير في الشؤون الإسرائيلية، في حديثه لـ"عربي21" أن المتفائلين فقط هم من يذهبون إلى القول بأن نتنياهو يقع تحت ضغط اليمين، ويريد أن يصل إلى إجازة الكنيست قد يأخذ نفسا عميقا ويعيد ترتيب أوراقه السياسية.
ويؤكد يزبك أن الوضع الحالي في "إسرائيل" يعكس واقعًا معقدًا ومليئًا بالتحديات، حيث يبدو أن نتنياهو يماطل في التوصل إلى اتفاق مع حركة حماس، معتمدًا على استراتيجية كسب الوقت حتى دخول الكنيست في إجازته الصيفية.
ويقول يزبك، إن المتشائمين، يعتقدون أن نتنياهو لا يربط خططه بالعطلة الصيفية للكنيست، وقد يمر الوقت فعلا دون التوصل إلى اتفاق، بل لا يسعى إلى الوصول إلى اتفاق مع حماس أصلا، وإنما يريد أن يشغل الجيش بقضية القضاء على حماس، وصولا إلى دخول مريح نحو الانتخابات القادمة.