سياسة عربية

تعاون صيني روسي لبناء نظام عالمي أكثر عدلاً.. الهدف مواجهة الهيمنة الغربية

يسعى البلدان لتعزيز مصالحهما ومكانتهما على الساحة العالمية عبر إصلاح النظام الدولي وإعادة توزيع النفوذ بعيدًا عن الهيمنة الغربية.
أعلنت وزارة الخارجية الصينية اليوم أن بكين مستعدة للعمل مع روسيا لبناء نظام عالمي أكثر عدلاً وعدّلًا للحكم الدولي، في خطوة تعكس رؤية مشتركة لتعزيز الاستقرار الدولي وتقليل هيمنة القوى الغربية التقليدية على مؤسسات الحكم العالمي.

وقال المتحدث باسم الوزارة في مؤتمر صحفي دوري إن الصين وروسيا تتبنيان رؤية مشتركة لإصلاح النظام الدولي القائم على تعددية الأطراف والعدالة بين الدول، بما يضمن احترام السيادة الوطنية وتوازن القوى. وأضاف أن التعاون بين البلدين يشمل مجالات السياسة، الاقتصاد، الطاقة، والتكنولوجيا، بهدف إقامة شراكات دولية تدعم التنمية المستدامة وتخفف من المخاطر الجيوسياسية والاقتصادية العالمية.

تداعيات التعاون على السياسة الدولية

تأتي هذه التصريحات في وقت يشهد العالم توترات كبيرة في مناطق عدة، أبرزها الشرق الأوسط، أوروبا الشرقية، والمحيط الهادئ، حيث تعمل الصين وروسيا على تعزيز نفوذهما الاستراتيجي مقابل الولايات المتحدة وحلفائها الأوروبيين. ويعكس هذا التعاون رغبة مشتركة في تقديم بدائل للمؤسسات الغربية التقليدية مثل الأمم المتحدة والبنك الدولي وصندوق النقد الدولي، وإرساء قواعد أكثر توازنًا في الاقتصاد والسياسة العالمية.

هذه الشراكة قد تؤدي إلى تحولات ملموسة في موازين القوة العالمية، من خلال دعم مبادرات مثل مشروع الحزام والطريق الصيني والتعاون العسكري والتكنولوجي الروسي ـ الصيني، مما يضع ضغطًا متزايدًا على الولايات المتحدة وحلفائها الأوروبيين لإعادة تقييم استراتيجياتهم في آسيا وأفريقيا وأوروبا الشرقية.

ويُتوقع أن تواجه هذه المبادرة الصينية ـ الروسية مراقبة دقيقة من واشنطن وبروكسل، حيث قد يتم تفسيرها على أنها محاولة لتوسيع نفوذ اقتصادي وسياسي بعيدًا عن السيطرة الغربية. كما قد تؤدي إلى تصعيد المنافسة في المؤسسات الدولية، بما في ذلك صندوق النقد والبنك الدولي ومنظمة التجارة العالمية، لتوجيه قرارات التمويل والاستثمار نحو دول الشرق.

وأكدت بكين أن الهدف من التعاون ليس الهيمنة على الدول الأخرى، بل تعزيز التنمية الاقتصادية المستدامة، وإيجاد حلول مشتركة للأزمات العالمية مثل تغير المناخ، الأمن الغذائي، وأزمات الطاقة. ويعكس هذا توجه الصين وروسيا نحو تقديم نموذج عالمي بديل قائم على التعاون متعدد الأطراف والمصالح المتبادلة، على الرغم من المخاوف الغربية بشأن الطموحات الاستراتيجية لهذه الدولتين.

ويوضّح إعلان الصين وروسيا عن هذه الشراكة تحولًا كبيرًا في الديناميات الدولية، حيث يسعى البلدان لتعزيز مصالحهما ومكانتهما على الساحة العالمية عبر إصلاح النظام الدولي وإعادة توزيع النفوذ بعيدًا عن الهيمنة الغربية. ومع استمرار الصراعات الاقتصادية والسياسية في مناطق حيوية حول العالم، فإن هذه المبادرة قد تكون بداية مرحلة جديدة من المنافسة متعددة الأبعاد بين الشرق والغرب.