أصدرت جماعة
الإخوان المسلمين في
سوريا وثيقة جديدة بعنوان "العيش المشترك في سورية"، طرحت من خلالها رؤيتها لمستقبل البلاد بعد سقوط نظام بشار الأسد.
وأكدت الجماعة أن المرحلة المقبلة تتطلب تأسيس دولة مدنية تقوم على العدالة والمواطنة المتساوية بين جميع السوريين بغض النظر عن انتماءاتهم الدينية أو العرقية.
وقالت الجماعة في مقدمة الوثيقة إن سوريا التي أنهكتها "عقود من الاستبداد وانتهاك الحقوق وهدر الكرامة البشرية"، تقف اليوم على أعتاب مرحلة جديدة تتطلب توافقًا وطنيًا واسعًا يقوم على إرادة العيش المشترك والحوار بين جميع المكونات، محذّرة من استمرار الخطابات الانقسامية التي خلّفها النظام السابق.
مرتكزات للعيش المشترك
استندت الوثيقة إلى نصوص قرآنية لتؤكد أن وحدة الأصل الإنساني وحقّ الاختلاف والتنوع هي من سنن الله في خلقه، وأن العيش المشترك يقوم على أربعة أسس رئيسية هي:
- الاحترام والاعتراف بالآخر وحقه في الوجود والمشاركة.
- البرّ وحسن الخلق في التعامل مع جميع المكونات دون تمييز ديني أو عرقي.
- العدالة والقسط في توزيع الحقوق والواجبات باعتبارها القيمة الإنسانية العليا.
- التعاون والتعاقد على المصالح المشتركة في إطار دولة القانون والمواطنة.
وأشارت الوثيقة إلى أن تجربة صحيفة المدينة التي أقرّها النبي محمد صلى الله عليه وسلم، تمثل نموذجًا مبكرًا للعقد الاجتماعي والمواطنة التعاقدية التي تصون الحقوق وتمنع الصراع بين المكونات.
دور الدولة والمجتمع المدني
ورأت الجماعة أن على الدولة السورية الجديدة أن تضمن الإطار القانوني الذي يحمي الحقوق والحريات لكل مكونات المجتمع، ويعزز قيم العدالة والمساواة والمواطنة، مع إطلاق مبادرات حوارية لتعزيز السلم الأهلي، ودعم التعليم والثقافة كركيزتين لبناء الوعي المشترك.
كما دعت الوثيقة إلى دور فاعل لمنظمات المجتمع المدني في بناء الهوية السورية المشتركة، ومواجهة ثقافة الكراهية والانغلاق، عبر مبادرات للحوار الوطني، والتثقيف الأسري، والإعلام الهادف، والمشاريع التي تعزز الثقة بين المكونات.
قيم ومعايير الدولة المنشودة
وحددت الجماعة جملة من المبادئ التي تراها أساسًا لبناء سورية الجديدة، منها:
- قيام الدولة على الديمقراطية والتعددية والتداول السلمي للسلطة.
- حرية الاعتقاد وتجريم خطاب الكراهية والتحريض على العنف.
- المشاركة السياسية المتكافئة لجميع المواطنين وفق الكفاءة.
- حصر السلاح بيد الدولة ومنع تدخل الجيش في السياسة.
- تمكين المرأة والشباب ورفض تهميشهم في الحياة العامة.
- سيادة القانون والمواطنة المتساوية بين جميع السوريين في الكرامة والحقوق والواجبات.
دعوة للتعاون ونبذ الأحقاد
وختمت الجماعة وثيقتها بالتأكيد على أن تحقيق العيش المشترك في سورية يتطلب تعاونًا صادقًا بين جميع القوى والمكونات، بعيدًا عن الأحقاد التاريخية أو التعميمات الطائفية، داعيةً إلى تجاوز الماضي وبناء مستقبل يستند إلى الحقوق والحريات و"السلوك الحضاري الذي يرفض التعصب والاستعلاء".
وقالت الجماعة إن الوثيقة تمثل رؤية جامعة لكل السوريين، ونداءً لإنقاذ المجتمع من آثار الانقسام، وبناء دولة حديثة يتشارك أبناؤها في صنع القرار وفي حفظ الأمن والاستقرار.
يشار إلى أن جماعة الإخوان المسلمين لم تعد إلى سوريا بشكل رسمي، ولم تُفتح مكاتبها التي أغلقت في عهد حافظ الأسد قبل عدة عقود.
وبرغم ذلك، قالت مصادر لـ"عربي21" إن السلطات السورية رحبّت بعودة قادة الجماعة بصفتهم الفردية إلى بلدهم الذي هُجّروا منه في مطلع ثمانينات القرن الماضي.