فنون منوعة

حسين فهمي: الدراما مرآة للإنسان.. وما يجري في غزة جريمة إبادة لا حرب

حسين فهمي.. رحلة أيقونة السينما المصرية بين الأدوار المبهرة والمهرجانات العالمية - جيتي
أكد الفنان المصري حسين فهمي خلال الجلسة النقاشية "سينما من أجل عالم أفضل"، ضمن فعاليات مهرجان الجونة السينمائي، أن الدراما والفن يحملان مسؤولية أخلاقية في استعادة الحس الإنساني لدى الجمهور، في زمن طغت عليه التكنولوجيا والعنف البصري.

وقال فهمي إن "كل الأعمال الدرامية تتحدث في جوهرها عن الإنسان ومشاعره. الدراما تعالج الجروح الإنسانية وتوقظها من جديد، لأنها مرآة العواطف والتجارب البشرية". وأضاف: "حين نبتعد عن البعد الإنساني وننغمس في مشاهد العنف، نفقد القدرة على لمس مشاعر الناس".

وأشار إلى أن السينما في الماضي كانت قادرة على تحريك وجدان المشاهد بعمق، قائلا: "كان المشاهد يخرج من الفيلم وهو ممتلئ بالمشاعر تجاه الشخصيات، لأن الفن الحقيقي لا يتركك محايدا، بل يجعلك تشعر وتتعاطف".


وحذر فهمي من أن هيمنة التكنولوجيا في الإنتاج الفني قد أضعفت هذا البعد الإنساني، مضيفا: "دخلت التكنولوجيا حياتنا بقوة، لكنها في بعض الأحيان جعلتنا مجرد مشاهدين من بعيد، من غير تفاعل حقيقي. عندما نجد عملا دراميا نابضا بالمشاعر، نعود لنرى الإنسان كما هو، بضعفه وقوته، بحبه وألمه".

وفي مداخلة لافتة خلال الجلسة، تحدث الفنان المصري عن الحرب الإسرائيلية على غزة، قائلا: "ما يجري هناك ليس حربا، بل عملية إبادة جماعية لشعب أعزل. لا يمكن أن نصف ما يحدث بالحرب لأنها لا تجري بين جيوش متقابلة، بل بين قوة عسكرية مفرطة وشعب يبحث عن البقاء".

وشبه فهمي ما يتعرض له الفلسطينيون بما حدث لـ"الهنود الحمر" في أمريكا، مضيفا: "المدافعون عن وطنهم في غزة يوصمون بالإرهاب، بينما هم يدافعون عن أرضهم وحقهم في الحياة". ودعا الفنانين والإعلاميين إلى "توظيف السينما ووسائل التواصل الاجتماعي في نقل الحقيقة والدفاع عن القيم الإنسانية".

كما كشف حسين فهمي أنه قدم استقالته من منصبه كسفير للنوايا الحسنة بالأمم المتحدة عقب قصف الاحتلال الإسرائيلي لمخيم قانا في لبنان عام 2006، قائلا: "لم أقبل أن يقال عني سفير نوايا حسنة في زمن بلا نوايا حسنة".


ويأتي هذا النقاش في إطار شعار مهرجان الجونة السينمائي لهذا العام، "سينما من أجل الإنسانية"، وهو الشعار الذي تبناه المهرجان منذ انطلاقه عام 2018 ليكون منصة فنية وحوارية تعزز التفاهم بين الثقافات من خلال صناعة الأفلام. 

وتضم الدورة الحالية أكثر من 80 فيلما من فئات مختلفة، بينها الروائي الطويل والوثائقي والقصير، إلى جانب جوائز تتجاوز قيمتها 230 ألف دولار، أبرزها جائزة سينما من أجل الإنسانية، ونجمة الجونة الخضراء التي تكرم الأعمال المدافعة عن القضايا الإنسانية والبيئية.

ويعد حسين فهمي، الذي ينحدر من أصول شركسية، أحد أبرز وجوه السينما المصرية والعربية، إذ تمتد مسيرته الفنية لأكثر من أربعة عقود منذ سبعينيات القرن الماضي. وقدم عبرها عشرات الأفلام والمسلسلات التي رسخت مكانته كرمز للأناقة والجاذبية الفنية، واستطاع التنقل بسلاسة بين الأدوار الكوميدية والدرامية والاجتماعية، جامعا بين الحضور الآسر والقدرة التعبيرية العالية.