حض الموفد الأمريكي إلى الشرق الأوسط توم
باراك، السلطات
اللبنانية، السبت، على الدخول في مفاوضات مباشرة مع الاحتلال
الإسرائيلي، في ظل تصاعد المخاوف من توسع رقعة التوتر جراء تكثيف الغارات الإسرائيلية على معاقل حزب الله في جنوب لبنان، رغم مرور نحو عام على اتفاق وقف إطلاق النار بين الجانبين.
وخلال مشاركته في "حوار المنامة" الذي ينظمه المعهد الدولي للدراسات الاستراتيجية في البحرين، قال باراك للصحفيين إن "الحوار يجب أن يكون مع إسرائيل، يجب أن يكون فقط مع إسرائيل، وإسرائيل مستعدة"، داعيا بيروت إلى "سلوك هذا الطريق، إلى إسرائيل، وإجراء محادثة مباشرة معها، فهذا لن يضر".
وأشار الموفد الأمريكي في تصريح لوكالة فرانس برس إلى أن القادة اللبنانيين "متوترون عن حق" إزاء فكرة التفاوض المباشر، مضيفا: "إنهم مترددون عن حق لأن البيئة خطيرة، لكن إذا كنتم تريدون القيام بذلك، فسنساعدكم، وسنضغط على إسرائيل لتكون معقولة".
وقال الموفد الأميركي إن لبنان يعيش حالة انهيار شامل، مؤكدا أن البلاد "دولة فاشلة لا تمتلك مؤسسات فاعلة"، في ظل غياب سلطة الدولة لصالح "حزب الله" الذي بات، وفق تعبيره، الجهة التي تؤمن معظم الخدمات العامة وتتحكم بالمشهد السياسي والعسكري.
وأوضح باراك، خلال حديثه، أن لبنان "لا يمتلك بنكا مركزيا فعالا، وأن النظام المصرفي منهار بالكامل بعدما اختفى نحو 60 مليار دولار من ودائع اللبنانيين"، مضيفا أن قطاعات الكهرباء والمياه والتعليم تشهد انهيارا مشابها، ما جعل المواطنين يعتمدون على المولدات الخاصة والخدمات البديلة.
وأضاف الدبلوماسي الأمريكي أن "حزب الله" أصبح يقوم مقام الدولة من خلال دفع الرواتب وتقديم الخدمات العامة، مشيرا إلى أن التنظيم يضم نحو 40 ألف مقاتل، في مقابل 60 ألفا في الجيش اللبناني.
وقال: "مقاتل حزب الله يتقاضى حوالي 2200 دولار شهريا، بينما لا يتجاوز راتب الجندي اللبناني 275 دولارا، فكيف يمكن الحديث عن توازن؟"، قبل أن يتساءل بلهجة حادة: "من هو الجيش الحقيقي في لبنان؟".
وفي حديثه عن المشهد السياسي، رأى باراك أن لبنان تحكمه "حكومة مشلولة" تضم "وزراء شيعة يمثلون حزب الله"، معتبرا أن البلاد "تتبنى خطابا معاديا للولايات المتحدة"، رغم ما وصفه بـ"الطبيعة الرائعة للشعب اللبناني".
وختم الموفد الأمريكي بالقول إن "الولايات المتحدة لا تدعم الإرهاب"، مضيفا: "من وجهة نظرنا، حزب الله هو الجهة الإرهابية التي اختطفت الدولة اللبنانية، وحولتها إلى كيان هش تدعمه منظومة تقول علنا الموت لأميركا".
ويأتي هذا الموقف الأمريكي بعد يوم من اتهام الرئيس اللبناني جوزاف عون الاحتلال الإسرائيلي بالرد على دعوات بلاده للحوار عبر تكثيف الغارات الجوية على الأراضي اللبنانية، في خرق واضح لاتفاق وقف إطلاق النار الموقع في تشرين الثاني/نوفمبر 2024.
ورغم الاتفاق المذكور، أبقى الاحتلال قواته في خمس نقاط حدودية جنوب لبنان، وواصل شن غارات جوية دامية بشكل شبه منتظم، ما أسفر عن استشهاد وإصابة المئات.
وفي السياق، نقلت وكالة الأنباء اللبنانية الرسمية عن وزارة الصحة أن "غارة العدو الإسرائيلي السبت على بلدة كفرصير في قضاء النبطية أدت إلى إصابة مواطن"، دون الكشف عن هويته أو وضعه الصحي. وجاءت الغارة الجديدة بعد يوم من مقتل شخصين وإصابة ثالث في غارتين استهدفتا دراجتين ناريتين في المنطقة نفسها.
وتشهد الحدود اللبنانية - الإسرائيلية منذ أسابيع تصعيدا عسكريا متزايدا، حيث كثف جيش الاحتلال الإسرائيلي هجماته الجوية رغم سريان وقف إطلاق النار، في وقت قالت هيئة البث الإسرائيلية إن تل أبيب تدرس توسيع عملياتها في لبنان "ردا على محاولات حزب الله تعزيز قدراته العسكرية".
وأشار باراك إلى أن واشنطن تسعى حاليا إلى دفع لبنان للسير على خطى سوريا، التي تبحث إبرام اتفاق أمني مع الاحتلال الإسرائيلي، قائلا خلال الندوة في المنامة: "الطريق واضح للغاية، ويجب أن يكون إلى القدس أو تل أبيب لإجراء محادثات جنبا إلى جنب مع سوريا، فدمشق ترشد الطريق".
ومنذ اندلاع العدوان الإسرائيلي في تشرين الأول/أكتوبر 2023، الذي تحول إلى حرب شاملة في أيلول/سبتمبر 2024، استشهد أكثر من 4 آلاف شخص وأصيب نحو 17 ألفاً في لبنان، وفق إحصاءات رسمية لبنانية.
كما سجل أكثر من 4 الاف و500 خرق لاتفاق وقف إطلاق النار منذ توقيعه، فيما يواصل الاحتلال احتلال خمس تلال لبنانية في الجنوب، إلى جانب مناطق أخرى تحتلها منذ عقود