كشف تقرير صحفي أن السلطات القضائية في
فرنسا وجهت طلبا رسميا إلى القضاء
اللبناني لملاحقة وتوقيف ثلاثة من أبرز ضباط النظام السوري السابق، بتهم تتعلق بارتكاب جرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية، أسفرت عن مقتل مواطنين فرنسيين من أصول سورية.
ووفقا لما نقلته صحيفة الشرق الأوسط عن مصدر قضائي لبناني رفيع، فإن النائب العام التمييزي القاضي جمال الحجار تسلم استنابة قضائية رسمية من القضاء الفرنسي، تطالب بتعقب وتوقيف كل من اللواء
جميل الحسن، القائد السابق للمخابرات الجوية، واللواء علي
مملوك، مدير مكتب الأمن القومي، واللواء عبد السلام محمود، مدير فرع التحقيق في المخابرات الجوية، وذلك في حال تواجدهم داخل الأراضي اللبنانية، تمهيدا لتسليمهم إلى القضاء الفرنسي المختص.
طلب فرنسي عبر استنابة قضائية
تعد الاستنابة القضائية أو ما يعرف بـ الإنابة القضائية الدولية، إجراء رسميا يوجه من قاض في دولة إلى سلطة قضائية في دولة أخرى، بهدف تنفيذ إجراءات تحقيق أو ملاحقات قانونية ضمن اتفاقيات التعاون القضائي الدولي.
وبحسب المصدر القضائي اللبناني، فإن السلطات الفرنسية أرفقت في طلبها أرقام هواتف لبنانية يعتقد أنها تتواصل بانتظام مع الضباط السوريين المطلوبين، وذلك بناء على رصد استخباراتي فرنسي.
وأضاف المصدر أن شعبة المعلومات في قوى الأمن الداخلي اللبناني كلفت بمتابعة الملف، والتحقق من وجود الأشخاص الثلاثة داخل لبنان، إلى جانب مراقبة حركة دخولهم وخروجهم عبر المعابر الشرعية وغير الشرعية.
خلفية القضية
تأتي هذه الخطوة في إطار تحقيقات يجريها القضاء الفرنسي منذ أشهر بحق الرئيس السوري المخلوع بشار الأسد وعدد من كبار ضباطه، في قضايا تتعلق باستخدام الأسلحة الكيميائية وارتكاب جرائم حرب ضد المدنيين عام 2013.
وفي تشرين الأول/أكتوبر الماضي، أصدر القضاء الفرنسي مذكرة توقيف بحق الأسد نفسه، في سابقة قضائية اعتبرت خطوة متقدمة لمحاسبة رموز النظام السوري على الجرائم المرتكبة خلال سنوات الحرب.
ووفق صحيفة الشرق الأوسط، فإن الاستنابة الفرنسية الأخيرة تتصل بملف ثلاثة مواطنين فرنسيين من أصول سورية قتلوا تحت التعذيب في معتقلات المخابرات الجوية السورية، خلال التحقيقات التي أشرف عليها اللواء عبد السلام محمود.
وتشير المعلومات إلى أن هؤلاء الضباط متورطون بشكل مباشر في سلسلة انتهاكات ممنهجة طالت المعتقلين السوريين، من ضمنهم أجانب يحملون جنسيات أوروبية.
ضباط النظام الهاربون
منذ سقوط النظام السوري في دمشق، تباينت المعلومات بشأن مصير كبار ضباط الأسد. وتشير تقارير إلى أن بعضهم فر إلى روسيا في الليلة التي سقطت فيها العاصمة بيد قوات المعارضة، بينما لجأ آخرون إلى مدن الساحل السوري أو عبروا لاحقا إلى لبنان بطرق رسمية وغير رسمية.
وكانت وكالة رويترز قد ذكرت في تقرير سابق كانون الأول/ديسمبر 2024 أن عددا من كبار مسؤولي النظام السابق استقروا في لبنان، من بينهم رفعت الأسد، المتهم بارتكاب مجزرة حماة، والمستشارة السابقة بثينة شعبان، إضافة إلى “الصندوق الأسود” للنظام علي مملوك.
وفي تقارير أخرى، نشرت شبكة “سي إن إن؛ تسجيلات مصورة تظهر بسام الحسن، رئيس أركان ميليشيا "قوات الدفاع الوطني" السابقة، داخل شقة في بيروت، بينما أفاد شهود محليون لموقع “عنب بلدي” السوري بأن العميد غياث دلة شوهد مرارا في مطاعم بالعاصمة اللبنانية ويتحرك بحرية تامة.
تحرك قضائي لبناني ودولي
أوضح المصدر القضائي اللبناني أن التحقيقات الأولية التي ستجريها شعبة المعلومات ستشمل التحقق من الإشارات الهاتفية الواردة في الملف الفرنسي، وتحديد ما إذا كانت ترتبط مباشرة بالأشخاص المطلوبين. كما أشار إلى أن هذا الملف قد يشكل اختبارا جديدا للتعاون القضائي بين بيروت وباريس، في ظل حساسية العلاقة اللبنانية – السورية.