سياسة دولية

محرر في "بي بي سي" يعبر عن فخره بالموساد ويقاضي كاتبا اتهمه بالتحيز لـ"إسرائيل"

بيرغ نشر صورة لكتابه في مكتب نتنياهو عام 2020- الأناضول
كشف موقع "ميدل إيست آي" في تقرير أن "رافي بيرغ"، محرر شؤون الشرق الأوسط في هيئة الإذاعة البريطانية (بي بي سي)، الذي يلاحق كاتبا قضائيا بتهمة اتهامه بالتحيز لـ"إسرائيل"، كان قد عبر في وقت سابق عن اعتزازه بجهاز الاستخبارات الإسرائيلي "الموساد".

وبيّن التقرير أن بيرغ، الذي يشغل منصب محرر شؤون الشرق الأوسط في الموقع الإخباري لهيئة الإذاعة البريطانية، صرّح عام 2020 بأنه شعر بـ"فخر كبير" بعد دخوله في "دائرة الثقة" مع عملاء حاليين وسابقين في جهاز الموساد، واصفاً تعاونهم معه بأنه "تجربة رائعة".

وجاءت هذه التصريحات عقب الكشف عن مقاضاته الكاتب أوين جونز، الذي اتهمه في مقال بالتحيز لإسرائيل.

وأوضح التقرير أن تصريحات بيرغ جاءت ضمن كتابه "جواسيس البحر الأحمر"، الصادر عام 2020، والذي تناول فيه العملية السرية التي نفذها الموساد في ثمانينيات القرن الماضي لتهريب يهود الفلاشا من إثيوبيا إلى إسرائيل، حيث جاء في وصف الكتاب على غلافه أنه "أُنجز بالتعاون مع عملاء شاركوا في العملية، ويُعد الرواية الكاملة لها، ويتضمن خاتمة كتبها القائد الذي تولى لاحقاً رئاسة الموساد".

وفي مقابلة أجراها بيرغ في تشرين الأول/ أكتوبر 2020 مع مركز "فالينا شول" في بوسطن، والذي يصف نفسه بأنه مركز للثقافة اليهودية، تحدث عن تجربته في تأليف الكتاب، قائلا إنه تعلم الكثير من خلاله، وأوضح أنه أصبح "معجبا باليهود الإثيوبيين" بعد العمل على القصة، معترفا بأنه كان يجهل الكثير عنهم طوال حياته.

وأضاف بيرغ أنه شعر بالامتنان لهذه التجربة، معتبراً أنه أمر استثنائي أن يُسمح له بالجلوس مع أعضاء سابقين في الموساد وبعض العاملين فيه حالياً، والاستماع إلى "قصص مذهلة عن الأساليب والتكتيكات والحيل" التي استخدمها الجهاز، مشيراً إلى أن "معرفة أن هؤلاء الأشخاص ينفذون هذه العمليات الرائعة تجعلني أشعر بفخر شديد كيهودي ومعجب بإسرائيل"، مضيفاً أن "الحديث عنها لا يزال يثير فيّ القشعريرة".

وفي آب/ أغسطس 2020، نشر بيرغ صورة لكتابه معروضة على رف في مكتب رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو. وذكر التقرير أن موقع "ميدل إيست آي" حاول التواصل مع بيرغ للتعليق، لكنه لم يتلقَّ ردا حتى موعد النشر.

وانضم بيرغ إلى هيئة الإذاعة البريطانية عام 2001، وتولى منصب محرر شؤون الشرق الأوسط في موقعها الإخباري لمدة 12 عاماً. ويقاضي حالياً الصحفي أوين جونز بسبب مقال نشره موقع "دروب سايت" في كانون الأول/ديسمبر الماضي بعنوان "حرب بي بي سي الأهلية على غزة"، قال فيه إن 12 موظفاً في بي بي سي أكدوا أن بيرغ "يلعب دوراً محورياً في تعزيز الثقافة الدعائية المؤيدة لإسرائيل داخل المؤسسة".

ونقل المقال عن موظفين قولهم إن بيرغ "يعيد صياغة العناوين والنصوص والصور بشكل يبرز المنظور العسكري الإسرائيلي، بينما يجرد الفلسطينيين من إنسانيتهم"، مضيفين أنه "يحذف حقائق لا تخدم إسرائيل من تغطيته"، وأنه لعب "دوراً حاسماً في سلوك يهدد نزاهة بي بي سي".

وقد نفى بيرغ هذه المزاعم، واعتبر محاميه أن المقال "أساء إلى سمعته المهنية كصحفي ومحرر"، وتسبب له بـ"حملة كراهية وتهديدات"، بينها تهديدات بالقتل.

من جهته، قال جونز إنه "يختلف بشدة مع ادعاءات بيرغ" وأعرب عن استعداده "للدفاع بقوة عن تقاريره أمام المحكمة". وأشار ريان غريم، مراسل موقع "دروب سايت"، إلى أن مؤسسته أنفقت 40 ألف دولار على التكاليف القانونية للقضية حتى الآن، لكنها جمعت أكثر من 100 ألف دولار من الجمهور خلال يوم واحد بعد إطلاق حملة دعم.

وتواجه بي بي سي حالياً أزمة داخلية بعد استقالة مديرها العام تيم ديفي، ورئيسة قسم الأخبار خلال عطلة نهاية الأسبوع، عقب رسالة وجهها مايكل بريسكوت، المستشار السابق للهيئة، إلى مجلس إدارتها ينتقد فيها تعديل نص خطاب للرئيس الأمريكي دونالد ترامب في أحداث اقتحام الكابيتول يوم 6 كانون الثاني/يناير 2021، في برنامج "بانوراما".

وذكر بريسكوت أن عملية التحرير "أعطت انطباعاً مضللاً بأن ترامب دعا إلى العنف"، بعد دمج مقاطع مختلفة من خطابه.

كما أشار التقرير إلى دراسة صادرة عن مركز مراقبة الإعلام التابع للمجلس الإسلامي البريطاني في حزيران/يونيو، حللت أكثر من 35 ألف مادة إعلامية، وخلصت إلى أن تغطية بي بي سي لحرب إسرائيل على غزة "متحيزة منهجيا ضد الفلسطينيين"، إذ تمنح تغطية أكبر للضحايا الإسرائيليين بمعدل 33 ضعفاً، وتستخدم أوصافاً عاطفية أكثر بأربعة أضعاف، وتصف الهجمات على الإسرائيليين بـ"المجازر" بمعدل 18 ضعفاً أكثر من الحالات الفلسطينية.

وأضاف التقرير أن بي بي سي سحبت في شباط/فبراير الماضي فيلماً وثائقياً بعنوان "غزة: كيف تنجو من محور حرب"، بعدما تبين أن الراوي، الطفل عبد الله اليازوري، هو نجل نائب وزير في حكومة غزة، وذلك إثر حملة ضغط من جماعات مؤيدة لإسرائيل والسفارة الإسرائيلية في لندن.

وفي حزيران/ يونيو، تعرضت الهيئة مجدداً لانتقادات بسبب تأجيل عرض فيلم وثائقي آخر عن أطباء غزة لأشهر، قبل أن يُعرض على القناة الرابعة البريطانية وجهات إعلامية أخرى، بعد أن اعتبر مسؤولو بي بي سي أن بثه "قد يعطي انطباعا بالتحيز"، وهو ما لا يتوافق مع "المعايير المهنية العالية" التي تتبناها الهيئة.