سياسة عربية

غزة تنتصر في معركة العلم.. هذا ما نعرفه عن الواقع التعليمي بالقطاع قبل الإبادة وبعدها

طالب يكتب دروسه في إحدى مدارس خيام النزوح مع زملائه- جيتي
مع إعلان نتائج الثانوية العامة اليوم في قطاع غزة، ونجاح آلاف الطلبة في تحدي الإبادة الجماعية التي وقعت بحقهم، وإصرارهم على مواصلة مسيرتهم التعليمية، يسلط الضوء على النظام التعليمي في القطاع وكيف أن معدلات المتعلمين كانت مرتفعة في ظل حصار خانق مقارنة مع دول تمتلك إمكانيات ورفاهية كبيرة.

وأعلنت نتائج الثانوية العامة في قطاع غزة اليوم، وحازت أعداد كبيرة من الطلبة على معدلات عالية، رغم النزوح المتواصل والقصف على مدار الساعة وحالة الفقد الكبيرة في القطاع واستشهاد عائلات بأكملها.


وبالتوازي مع فرحة الناجحين بالثانوية العامة، يعود قرابة 30 ألف طالب في غزة إلى مدارس افتتحت في خيام متنقلة أو داخل مبان تفتقر إلى أدنى المقومات لبيئة تعليمية مناسبة، بعد توقف دام عامين كاملين جراء الإبادة الجماعية.

التعليم قبل الإبادة

بحسب إحصائيات الجهاز المركزي للإحصاء الفلسطيني لعام 2023، فقد بلغ عدد المدارس في قطاع غزة 796 مدرسة توزعت بين مدارس حكومية تشرف عليها وزارة التربية في السلطة الفلسطينية، ومدارس وكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين "الأونروا"، بالإضافة إلى المدارس الخاصة، في حين بلغ عدد المباني المدرسية 550 مبنى فقط.

وكان عدد الطلاب في كافة أرجاء القطاع، أكثر من 608 آلاف طالب وطالبة، ويشرف على تعليمهم 22 ألف معلم ومعلمة.

أما على مستوى التعليم العالي، فيعد قطاع غزة من أكثر المناطق في الوطن العربي إقبالا على التعليم الجامعي ونسب الحاصلين على الشهادة الجامعية الأولى، حيث كان يوجد في القطاع 17 جامعة ومؤسسة تعليمية عالية، فضلا عن جامعة مفتوحة، مرتبطة بالضفة الغربية، وبلغ عدد الطلبة الجامعيين في غزة، 87 ألف طالب وطالبة.

فيما بلغ عدد الأكاديميين قبل بدء الإبادة، علاوة على الإداريين في القطاع الجامعي، قرابة 5 آلاف وهي أرقام مرتفعة في مساحة جغرافية متواضعة مقارنة بالدول العربية.

إبادة التعليم
ووفقا لتقرير صادر عن وكالة الأونروا، فقد دمر بشكل كامل، أو تضرر بصورة كبيرة أكثر من 84 بالمئة من مدارس  قطاع غزة، بفعل عمليات الاستهداف المتعمدة عبر القصف بالطائرات الحربية، أو عمليات النسف والتفجير والهدم بآليات الاحتلال.

وقالت الأمم المتحدة، إن واليونسكو، إن أكثر من 625 ألف طالب حرموا من التعليم لمدة عامين متتاليين في عمر الإبادة في قطاع غزة، هذا فضلا عن الجريمة الوحشية التي ارتكبها الاحتلال، والتي تسببت باستشهاد أكثر من 500 معلم وإصابة 3 آلاف آخرين وترك الكثير منهم عاجزا عن العودة إلى عمله في سلك التعليم.

ولا يقتصر ضرر الإبادة على تدمير المدارس، بل يتعدى ذلك إلى تدمير الطلبة نفسيا، فوفقا لتقرير مشترك لليونيسف واليونسكو، يعاني أكثر من 90 بالمئة من الأطفال في سنة المدرسة، من اضطراب ما بعد الصدمة، وهو ما يؤثر على قدراتهم التعليمية والتحصيلية.


وعلى صعيد القطاع الجامعي، فقد توقفت الدراسة الجامعية الحضورية بشكل تام، بفعل عملية التشريد والنزوح والقتل المتواصل للسكان، إضافة إلى تدمير مباني الجامعات بطريقة متعمدة، كما حدث مع جامعة الإسراء بغزة، والتي تم نسفها بالكامل بواسطة المتفجرات وتصوير عملية النسف لأغراض دعائية ضد الفلسطينيين، فضلا عن قصف الاحتلال كافة مباني الجامعة الإسلامية وتسويتها بالأرض.

استهداف العقول

ووفقا لتقاريرفلسطينية فقد تعمد الاحتلال، استهداف العقول العلمية والأكاديمية في قطاع غزة، منذ اليوم الأول للإبادة، ووضع أستاذة الجامعية على رأس قوائم الاغتيال.

وبحسب إحصائية لمركز رؤية للدراسات السياسية، فقد سجل استشهاد 450 من أكاديميي الجامعات، بينهم 3 رؤساء جامعات، و7 عمداء، و64 أستاذا، بعضهم أعدم ميدانيا بعد اعتقاله، وعدد منهم أغتيل باستهداف مباشر لمنازلهم مع عائلاتهم.

تحد وإرادة للتعليم

ورغم كل ما فعله الاحتلال من قتل لأستاذة الجامعات، والطلبة وتدمير كافة المرافق التعليمية، إلا أن الكثير من أستاذة المدارس، بادروا على فتح خيام للتعليم في المخيمات المؤقتة، وجمع أكبر عدد من الأطفال، لإبقائهم ضمن النطاق التعليمي، رغم انشغال المدرسين والأطفال على حد سواء، في الهموم اليومية من جمع المياه، والبحث عن المساعدات في ظل حالة التجويع التي عانى منها القطاع.

أما على صعيد الدراسة الجامعية، فقد لجأ أستاذة الجامعات وإداراتها على تدارك الوضع والاتجاه نحو الدراسة عن بعد بواسطة الإنترنت، رغم صعوبة توفره، وواظب الكثير من طلبة الجامعات على متابعة مساقاتهم الدراسية، وكثيرون منهم كانوا يقدمون الامتحانات تحت القصف الشديد وحالة النزوح المتواصلة، وينهون مساقاتهم الجامعية بنجاح.

كما شهدت مخيمات النزوح مناقشة لجان جامعية للعديد من رسائل الماجستير والدكتوراه، في ظل أقسى الظروف، وانعدام كافة المستلزمات الخاصة بالدراسات العليا من مراجع علمية وإمكانيات بحثية.