كشف نائب رئيس المجلس
السياسي لحزب الله، الوزير السابق محمود قماطي، أن "إسرائيل تقوم بتدمير
وتفجير الأسلحة التي تسلّمها المقاومة للجيش
اللبناني جنوب نهر الليطاني"،
مؤكدا أن "
الاحتلال يستهدف أي سلاح يصل إلى
الجيش بقرار أمريكي–إسرائيلي
مباشر، ما يكشف أن المطلوب ليس نزع سلاح المقاومة فحسب، بل منع الجيش اللبناني
نفسه من امتلاك أي قدرة دفاعية حقيقية".
وقال قماطي في مقابلة خاصة
مع "
عربي21": "لو سلّمنا سلاح المقاومة للجيش اللبناني – على سبيل
الافتراض - فإن إسرائيل ستدمر بكل قوتها الثكنات العسكرية التي ستحتوي هذا
السلاح،
لأنه ممنوع على الجيش أن يتسلح حتى بسلاح المقاومة؛ فعلى أي أساس يطلبون منا تسليم
أسلحتنا للجيش؟، وبأي منطق؟".
وشدّد نائب رئيس المجلس
السياسي لحزب الله، على أن العام الذي تلا اتفاق وقف إطلاق النار كشف انهيار الدور
الدولي في تنفيذ الاتفاق، مؤكدا أن "اللجنة المسماة (الميكانيزم) فشلت فشلا
ذريعا رغم التزام لبنان الكامل، بينما واصلت إسرائيل عدوانها اليومي على الأرض
اللبنانية من دون أي رادع أو محاسبة".
وتُعرف لجنة
"الميكانيزم" بأنها إطار يجمع لبنان وإسرائيل وقوات
"اليونيفيل"، تحت رعاية أمريكية- فرنسية، بهدف مراقبة تنفيذ اتفاق وقف
الأعمال العدائية.
وأضاف قماطي أن
"الرعاية الأمريكية لم تعد مجرد انحياز لإسرائيل، بل تحولت إلى مشاركة مباشرة
في العدوان، إلى درجة الضغط لمعاقبة الجيش اللبناني لأنه وصف إسرائيل
بالعدو"، معتبرا أن "واشنطن تريد منع لبنان حتى من تسمية المعتدي باسمه،
وهو ما يجعل أي رهان على وقف إطلاق نار فعلي مجرد وهم سياسي".
وأكد أن "المقاومة
صبرت طوال عام كامل احتراما لالتزام الدولة والدبلوماسية اللبنانية بتنفيذ القرار
1701"، مُشدّدا على أن "هذه المرحلة وصلت إلى نهايتها، وأن المعادلة
الإسرائيلية القائمة على استباحة لبنان وحرية العدوان لن تستمر، وأن القيادة ستتخذ
القرار المناسب في الوقت المناسب حين يصبح الصمت خطرا على أمن البلاد والعباد".
وعبّر نائب رئيس المجلس
السياسي لحزب الله، عن استعداداهم لأي تسوية سياسية دفاعية وتفاهم لبناني–لبناني
حول كل الملفات، من السلاح إلى الاستراتيجية الدفاعية إلى بناء الدولة ومؤسساتها،
مستدركا: "لكن مطالبة الحزب بالتحول إلى حزب سياسي فقط تُعد إلغاءً لماهيته؛
فلا يمكن التخلي عن المقاومة ما دام الخطر الصهيوني قائما ومُحاصرا للبنان".
وتاليا نص المقابلة الخاصة
مع "عربي21":
كيف ترى المشهد العام في
لبنان اليوم بعد مرور عام كامل على اتفاق وقف إطلاق النار الذي جرى توقيعه بين حزب
الله وإسرائيل؟
نحن نرى الوضع على النحو
الآتي: إن اللجنة المعروفة بما يسمى “الميكانيزم”، والتي من واجبها أن تُشرف على
وقف إطلاق النار وأن تشرف على تنفيذ الاتفاق، قد فشلت فشلا ذريعا، في حين أن لبنان
التزم بالاتفاق التزاما كاملا، بينما العدو الصهيوني ما زال يواصل عدوانه المستمر
يوميا منذ صدور قرار وقف إطلاق النار وحتى الآن؛ فهو يمارس عدوانه اليومي على
لبنان قتلا وتدميرا واستباحةً.
الدولة اللبنانية تقوم بجهد دبلوماسي لتحقيق تحرير الأرض، وتحرير الأسرى
والدولة اللبنانية تقوم
بجهد دبلوماسي لتحقيق تحرير الأرض، وتحرير الأسرى، ووقف الاستباحة، ولكن مع الأسف
الشديد، فإن كل هذه الضغوط لا تجدي نفعا، بل على العكس، نرى أن الرعاية الأمريكية
تحوّلت إلى انحياز واضح وكامل ومطلق، بل إلى مشاركة مع العدو الصهيوني في العدوان
على لبنان.
وبلغ الأمر حدّا أنها ترغب
في معاقبة الجيش اللبناني فقط لأنه قال كلمة “العدو الصهيوني”، وكأن ذكر إسرائيل
بوصفها عدوا يستوجب العقاب، وهل إسرائيل صديق؟، وهل يمكن لجيش وطني لبلد تحتل
إسرائيل أرضه وتعتدي عليه وتقتل أبناءه أن يصف المحتل بأنه صديق؟، من الطبيعي أن
يصفه بأنه عدو، ولكن أمريكا لا تريد حتى أن يصدر عن الجيش اللبناني توصيف هذا
الكيان بأنه عدو. هي ترفض حتى الكلمة وتنحاز إلى إسرائيل. لذلك، نحن لا نرى اليوم
أي أمل في الوصول إلى وقف إطلاق نار حقيقي، ولا نرى أملا في توقف الاستباحة
الإسرائيلية، ولا في تنفيذ الاتفاق، مع الأسف الشديد.
ماذا لو استمرت الخروقات
الإسرائيلية؟ هل يمكن أن تكون هناك مواجهة مفتوحة بين حزب الله والاحتلال
الإسرائيلي؟
نحن قلنا إن هذا الوضع لن
يستمر، وإن الاستباحة لن تستمر؛ فالمعادلة التي يحاول العدو الصهيوني فرضها على
لبنان، والتي تقوم على إمكانية استباحة كل شيء، واستباحة كل الأراضي والجغرافيا
اللبنانية، وقتل مَن يشاء، لن تستمر. هناك معادلة أخرى كامنة وخفية، وهو يخشاها
ويخافها. ولا نعلم متى ستقرّر القيادة السياسية وقيادة المقاومة التصدي، لأن
الموضوع لم يعد يحتمل، وقد قال الأمين العام لحزب الله إن هذا الوضع لن يستمر، وأن
لكل شيء حدّا، ولن نضيف أكثر من ذلك.
تؤكدون أن إسرائيل لم تنسحب
من الأراضي اللبنانية بسبب رغبتها في التحكم بمستقبل لبنان… فهل يعني ذلك أن
المقاومة عاجزة عن فرض تنفيذ الاتفاق بالقوة؟
ليس من مهمتنا نحن أن
نُنفّذ الاتفاق في شقه المتعلق بالعدو. مهمتنا كمقاومة في لبنان أن نُنفّذ ما يخصنا
من الاتفاق، ما يخص المقاومة والجيش والدولة. أما واجب الدول الراعية فهو أن
تُنفّذ الاتفاق وتشرف على تطبيقه. فإن لم تفعل، وبقي الأمر على هذا الحال، عندئذ
سوف نتخذ القرار المناسب في الوقت المناسب، ولكن لن يبقى هذا الوضع على ما هو عليه.
وعليك أن تسأل: ماذا فعلت
الدولة خلال عام كامل حين التزمت حماية لبنان عبر السياسة والدبلوماسية، وعبر
الجيش وانتشاره وتنفيذ القرار 1701؟، لقد صبرنا، لا عجزا، بل حكمة واحتراما
لالتزام الدولة، حتى لا يُقال إننا نخرّب الاتفاق أو نُفشل الجهود الدولية؛ فكل
الأطراف الدولية، والقوات الدولية، والدولة اللبنانية، والجيش، يؤكدون التزامنا،
فيما إسرائيل وحدها تدّعي أن «
حزب الله لا يلتزم»، ومع ذلك لم نرد، احتراما لهذا
المسار.
إسرائيل تبرّر عدوانها
المستمر على لبنان بأن حزب الله يسعى لاستعادة قدراته ويقوم بتسليح نفسه من جديد..
ما ردّكم على ذلك؟
ردّنا واضح: الاتفاق ينص
على موضوع السلاح جنوب النهر، وينص على واجب الدولة وانتشار الجيش اللبناني وفقا
لما هو منصوص عليه، لكنه لا ينص في أي بند على أن حزب الله لا يستطيع أن يُرمّم
نفسه كحزب أو كمقاومة. ليس هناك أي نص بهذا الصدد. ولذلك، فإن العدو الإسرائيلي
يفسّر البنود كما يشاء، ونحن لا نعتبر أن هذا الموقف الإسرائيلي مُلزِم لنا ولا
يُديننا على الإطلاق، وإسرائيل هي التي تخرق الاتفاق باستمرار.
ما مدى تعافي حزب الله من
الضربات الإسرائيلية التي تعرّض لها سابقا؟ وهل استعاد قدراته السابقة؟
هذا الموضوع لا يُحكى به
على الإطلاق؛ فعمل المقاومة في كل دول العالم لا يُفصح عن أسراره أو قدراته. نحن
نقول إننا نعمل باستمرار للحفاظ على قوة لبنان، وعلى الاستراتيجية الدفاعية
للبنان، وعلى عدم خسارة قوة المقاومة التي تدافع عن لبنان.
نحن لن نتحدث عن قدراتنا،
لا سلبا ولا إيجابا، لأن العدو يستغل مثل هذا الكلام. نحن نتحدث فقط عن سياستنا
ورؤيتنا الدفاعية، ولسنا دولة ولا نظاما؛ نحن نهج مقاومة في لبنان وفي فلسطين، وعدونا
الوحيد هو العدو الإسرائيلي، وقضيتنا الأساسية فهي أوطاننا وفلسطين.
برأيكم، هل نجح الجيش
اللبناني في تحمّل المسؤولية جنوب نهر الليطاني أم لا؟
نعم، الجيش اللبناني نجح
بنسبة كبيرة في الانتشار جنوب النهر، بين النهر والحدود الجنوبية. والجيش يقول إنه
نجح بنسبة 80%. ويقول أيضا إن الـ20% المتبقية من الانتشار في جنوب النهر يمنعها
الاحتلال الإسرائيلي والعدوان الإسرائيلي، وهو يؤكد أيضا إن المقاومة تتعاون
تعاونا كاملا مع الجيش اللبناني، وهذا ما يغيظ إسرائيل.
هناك تصريحات منسوبة الرئيس
اللبناني جوزيف عون بأن حزب الله انتهى عسكريا وأن شيعة لبنان مسؤولية الدولة
اللبنانية وليس إيران.. ما تعقيبكم على تلك التصريحات؟
هذا الكلام نفته مصادر
القصر الجمهوري نفيا قاطعا. وهذا ليس تصريحا رسميا، بل تسريب إعلامي نُسب إليه
زورا، وقد نفته المصادر المختصة بشكل قاطع.
وهناك تساؤل وحيد في هذا
الإطار: إذا كان الحديث عن انتهاء القدرة العسكرية لحزب الله صحيحا، فلماذا كل هذا
الاهتمام الأوروبي والأمريكي والإسرائيلي، وحتى المحلي من بعض الجهات، بموضوع نزع
السلاح؟، ولماذا هذا الاستنفار والاهتمام الدولي؟، ولماذا حالة الطوارئ الدولية
الكبرى - بالضغط المالي والسياسي والعسكري والأمني - لأجل سلاح يُقال إنه انتهى
أصلا؟
في الواقع، صمود واستمرار
المقاومة يُمثل قلقا ورعبا وخوفا واضطرابا وهاجسا دائما للعدو الإسرائيلي، ومن
خلفه الولايات المتحدة.
وسواء تحدث رئيس الجمهورية
بهذا الكلام أو لم يتحدث، ومهما مارست الولايات المتحدة أو أوروبا أو إسرائيل
ضغوطها العسكرية والسياسية علينا؛ فإن ذلك كله لا يدفعنا إلى الحياد عن منهجيتنا؛
فنحن نؤمن بأن قوة لبنان تكمن في مقاومته وجيشه، وفي اعتماد استراتيجية دفاعية
مشتركة تحمي الوطن، وإلا فإن لبنان سيكون في خطر الزوال عن الخريطة ذاتها، لا مجرد
خطر الاحتلال فقط، وعلينا جميعا أن ندرك ذلك جيدا.
كيف تقيمون أداء الرئيس
اللبناني؟ وما مدى تطبيق خطاب القسم؟
نحن نسعى لأن تكون علاقتنا
مع الرؤساء الثلاثة علاقة جيدة ومتينة قائمة على التعاون والانسجام. والرئيس عون،
ردا على السؤال، يتعاطى بكثير من الحكمة والعقلانية والموضوعية، جامعا بين تنفيذ
القرار 1701 من جهة، وبين الواقع اللبناني والمكوّنات اللبنانية وصيغة النظام في
لبنان وصيغة العيش المشترك من جهة أخرى، وهي مسألة دقيقة وحساسة، وهو يتعاطى معها
بحكمة.
قلت سابقا إنكم تلقيتم
"وعودا مغرية" من أمير عربي جاء إلى لبنان مع وفد أمريكي ومع اللجنة
الخماسية العربية والأجنبية وقت الاستحقاق الرئاسي، لكن هذه الوعود لم تُنفذ..
فمَن هو الأمير العربي الذي أشرتم إليه؟ وهل تعتقدون أنه جرى خداع حزب الله؟
ما قلته ما زلت مصرّا عليه.
الوعود التي أُطلقت لنا من أمراء عرب، ومن الإدارة الأمريكية، ومن رؤساء وصلوا إلى
مواقع قيادية - رئيس حكومة أو رئيس جمهورية - لم ينفّذ منها شيء. ونحن ندعو
الأشقاء العرب إلى علاقات منفتحة، وإلى التعاون؛ فبعد اعتداء إسرائيل على قطر،
وبعد احتلال جزء كبير من سوريا، وبعد إعلان نتنياهو عن “إسرائيل الكبرى”، أصبح
لزاما علينا كعرب أن نبحث عن استراتيجية أمن قومي عربي، والمقاومة اليوم - شاءوا
أم أبوا - تُشكّل عامل قوة أساسيّا للأمن القومي العربي؛ فعندما ندافع عن أوطاننا
ونمنع إسرائيل من اجتياح بلادنا، فإننا بذلك نحمي أيضا بقية الدول العربية. وهذا
في جوهره موقف قومي عربي، وفي مصلحة العرب جميعا؛ فليس المطلوب من العرب أن يسعوا
لتطويق المقاومة، بل أن يدعموها، أو على الأقل - إن تعذّر الدعم - ألّا يضغطوا
عليها، لأنها تقدم لهم خدمات جليلة في أمنهم القومي بلا أي مقابل.
هل يمكن أن تكشف لنا هوية
هذا الأمير العربي؟
لو أردتُ تسميته لسميته،
والجميع في لبنان والعالم العربي يعلم من هو. ولذلك لا داعي لذكر اسمه. نحن لا
نريد إثارة الحساسيات. وكل ما نقوله إن الوعود التي أُعطيت لنا - من العرب ومن غير
العرب - لم يُلتزم بها.
هل يمكن القول إنكم نادمون
على دعمكم للرئيس جوزيف عون في الوصول إلى الرئاسة؟
لسنا نادمين أبدا على ذلك.
دعوتم الحكومة والبنك
المركزي قبل أيام إلى "وقف التضييق المالي" عليكم.. فما أبعاد هذا
الأمر؟ وماذا لو استمر التضييق ضدكم؟
أبعاد هذا الأمر أن
التنازلات اللبنانية تتتابع بشكل مُزر تحت الضغط الأمريكي، ولمصلحة العدو الصهيوني
الذي لا يقدّم أي التزام، ولا ينفذ أي وعد، بينما نحن نتنازل ونتنازل. ومع الأسف،
وصلت الدولة اللبنانية إلى مرحلة تُخنق فيها شعبها، وتلتزم بالإملاءات الأمريكية
التي تُلحق الضرر بكل اللبنانيين: شيعة، سنة، مسيحيين، مقاومة، وكل مكونات الشعب.
الدولة واجبها حماية المواطنين لا خنقهم أو حصارهم، وهذا من أكبر الجرائم التي
ترتكب بحق اللبنانيين. لذلك دعونا الدولة إلى وضع حدّ للتنازلات، لأن استمرار
التنازل الرسمي يغري أمريكا وإسرائيل بالمزيد والمزيد.
ما الذي انتهى إليه ملف نزع
سلاح حزب الله؟
أولا، ما التزمنا به قد بدأ
فعليّا، وهو حصرا في جنوب النهر، وقد نفّذ الجيش اللبناني 80% من الخطة. أما غير
ذلك، فنحن ندعو إلى استراتيجية دفاعية بين المقاومة والجيش والدولة للوصول إلى
تثبيت قوة لبنان الدفاعية، ولا يوجد شيء اسمه “نزع سلاح”، بل “تنفيذ اتفاق”،
والجيش والمقاومة ينفذان الاتفاق. نحن نرفض مصطلح نزع السلاح رفضا مطلقا؛ إذ لا
يمكن أن يحصل بعمليات فرض أو نزع في أي منطقة من لبنان، هذا أمر مستحيل ولن نقبل
به مطلقا.
الحكومة اللبنانية أعلنت
سابقا أن ملف السلاح سينتهي قبل نهاية العام الجاري.. كيف ترون ذلك؟
خطة المؤسسة العسكرية تشير
إلى أن الجيش يستطيع بالكاد إنهاء انتشاره جنوب الليطاني قبل نهاية العام، بل إنه
يحتاج أصلا إلى وقت أطول. وبسبب العدوان الإسرائيلي المدعوم أمريكيا، فإن الانتشار
يتعثر، والخطة تتعثر، وبالتالي فهذا الأمر يحتاج إلى وقت طويل. أما ما يتعلق بشمال
النهر أو باقي الأراضي اللبنانية، فهذا يحتاج إلى حوار، ونحن أبدينا استعدادنا
لهذا الحوار الذي دعا له الرئيس أو الحكومة. أما فرض الأمر بالقوة أو الضغوط
المالية أو السياسية أو العسكرية، فهذا مستحيل للغاية، ولن يقبل به أحد، ولن يؤدي
إلا إلى فتنة وصدام وحرب أهلية، وهو ما لم ولن نسمح به على الإطلاق.
البعض يسأل: لماذا لا
تسلّمون سلاحكم، وللدولة جيش يحميها؟
لأننا نخاف كثيرا على الجيش
وعلى الدولة. اليوم سوريا مثال واضح على ذلك؛ فالنظام الجديد هناك يبدي كل
الاستعداد الممكن للتفاهم مع إسرائيل وأمريكا، ومع ذلك لم تمنع إسرائيل نفسها من
ضرب قدرات الجيش السوري وثكناته العسكري؛ فلو سلّمنا سلاح المقاومة للجيش اللبناني
– على سبيل الافتراض - فإن إسرائيل ستدمر بكل قوتها الثكنات العسكرية التي ستحتوي
هذا السلاح. ولمعلوماتكم: سلاح المقاومة الذي يحصل عليه الجيش اللبناني جنوب النهر
تقوم إسرائيل بتدميره وتفجيره بالفعل، وهذا بقرار من الاحتلال وبضغط أمريكي، لأنه
ممنوع على الجيش أن يتسلح حتى بسلاح المقاومة؛ فعلى أي أساس يطلبون منا تسليم
أسلحتنا للجيش؟، وبأي منطق؟
هل يفكر حزب الله في تسوية
داخلية تؤدي إلى تحوّله إلى حزب سياسي كامل بلا جناح عسكري أم أن هذا الطرح مرفوض
كليا؟
نحن اليوم حزب سياسي وحزب
مقاوم في آنٍ معا، ونحن مستعدون لأي تسوية لبنانية وطنية سياسية دفاعية. نحن لا
نفصل المسألة الدفاعية عن الدور السياسي؛ ففي الوقت الذي نتمسك فيه بسلاح المقاومة
والاستراتيجية الدفاعية المشتركة بين المقاومة والجيش والدولة، فإننا أيضا نتمسك
بإنجاز الاستحقاقات السياسية المتعلقة بالدولة وبناء المؤسسات. شاركنا في انتخاب
رئيس الجمهورية ورئيس الحكومة ومنح الثقة للحكومة، ونحن جزء أصيل من مؤسسات
الدولة، وهمّنا الأول والأخير الدفاع عن الوطن وحماية الكيان اللبناني وحماية حدود
بلادنا.
مستعدون لأي تسوية لبنانية وطنية سياسية دفاعية
نعم، نحن مستعدون لتفاهم
وتسوية لبنانية لبنانية حول كل شيء: حول السلاح، حول الاستراتيجية الدفاعية، حول
بناء الدولة ومؤسساتها، ولكن أن يُقال لنا "تحولوا إلى حزب سياسي فقط"
فهذا يلغي ماهيتنا. نحن بدأنا مقاومة قبل أن نبدأ العمل السياسي، ولا نستطيع
التخلي عن المقاومة وسلاحها ما دام الخطر الصهيوني قائما ويُحاصرنا من كل جانب.
وجود المقاومة يقلق إسرائيل وأمريكا وأوروبا، خوفا على أمن الاحتلال الإسرائيلي،
ولكن أين أمن لبنان؟ وأين الأمن القومي العربي؟، ومَن يدافع عنه؟، وجود المقاومة
هو القوة الوحيدة المتبقية في فلسطين ولبنان، ولن نسمح لهم بالقضاء عليها؛
فالمقاومة كانت وما تزال خط الدفاع الأول عن الأمن القومي العربي.
هل هناك تواصل الآن بينكم
وبين الرئاسة والحكومة اللبنانية لبحث ملف حصر السلاح؟
لا يوجد أي بحث حاليّا، لأن
المرحلة الأولى من خطة الجيش قد تم التوافق عليها في الحكومة، ونحن مشاركون فيها.
أما المراحل اللاحقة، فهي المُختلف عليها، وسيأتي وقت النقاش عندما نصل إليها. أما
الآن فلا بحث، ولا يجوز للدولة أن تفرض ذلك بالقوة والعنف والفتنة الداخلية. نحن
لا نريد حربا أهلية ولا صداما مع أي طرف أو جهة لبنانية، ولا نريد إلا التفاهم
والتعاون مع الجيش اللبناني. كل هذا الضغط الأمريكي يهدف لدفع المسؤولين
اللبنانيين إلى الصدام مع المقاومة بالسلاح، ونسف صيغة العيش المشترك، وهذا خطير
للغاية وسيؤدي إلى حرب أهلية مدمرة، وهو ما لن نسمح به أبدا، ولن نتراجع ولن
نستسلم، لكن في الوقت ذاته نحن جاهزون لأي تسوية لبنانية لبنانية توصل لبنان إلى
الاستقرار.
الذي لا يريد الاستقرار
للبنان هو مَن يصنع الأزمات فيه، وهي الولايات المتحدة الأمريكية. ومَن يفرض
العقوبات على لبنان هي أمريكا. أمريكا هي رأس الإرهاب في هذا العالم. ولذلك، مَن
لم يفهم هذه الحقيقة بعد، فعليه أن يعيد النظر؛ مع الإشارة إلى أن كثيرا من الدول
تدرك ذلك، لكن اختلافنا معها يكمن في طريقة التعاطي مع هذا الإرهاب: هل تخضع له
تكتيكيا أم تخضع له استراتيجيا؟، أمّا نحن لا نخضع ولن نخضع، وهذا هو الفارق
الجوهري. ولذلك، ومهما كانت الضغوطات، فإننا مستمرون في الصمود والمقاومة والجهاد
مهما كان الثمن والتضحيات.
ما نسبة وجود حزب الله أو
الشيعة داخل الجيش اللبناني؟
لا يوجد شيء اسمه حزب الله
داخل الجيش اللبناني، ولا شيء اسمه حركة أمل داخل الجيش اللبناني، ولا ما يُسمّى
بالثنائي الشيعي داخل الجيش اللبناني. ولا يوجد كانتون مسيحي داخل الجيش، ولا
كانتون سُنّي، ولا أي كانتون آخر. فالجيش اللبناني هو جيش وطني لكل أبناء الشعب
اللبناني، وجميع اللبنانيين يحبون الجيش ويوالونه، ونحن في مقدمتهم.
ولذلك نحن مع الجيش، رغم كل
شيء، بل أكثر من ذلك، نحن نتعاون معه حتى في تنفيذ القرار الذي يُدمي قلوبنا؛ قرار
تسليم السلاح في الجنوب، وحتى جنوب النهر، وهو أمر يوجعنا جدا لأن هذا السلاح بُذل
فيه عمل لسنوات طويلة، وجهود شاقة ومريرة، إلى آخر كل تلك التضحيات التي بُذلت من
أجل الدفاع عن أرضنا.
اليوم، لو بقي السلاح في يد
الجيش، لقال المرء إن فيه فائدة تحفظ القدرة الدفاعية. أمّا أن يُفجّر ويُدمّر
بقرار إسرائيلي، فهذا ما يرفضه كل لبناني حر. ولهذا، نحن نحب الجيش، وبرغم هذا
الظرف الصعب، نواصل التعاون معه.
أخيرا، ما موقفكم من
الانتخابات البرلمانية المقبلة؟ وهل بدأتم الاستعداد لها؟
نعم، بدأنا الاستعداد
للانتخابات النيابية، ونريدها في موعدها الدستوري. ونعمل بجد للوصول إلى كتلة
نيابية وازنة ومتوازنة داخل البرلمان، متنوعة الانتماء الطائفي والعقائدي على
المستوى القومي، العروبي، والناصري، واليساري، والعلماني، والإسلامي (سني، شيعي)،
ولكنها في الوقت ذاته تتبنى مشروعا وطنيّا يكون في رأس أولوياته المقاومة.