سياسة دولية

مخاوف إسرائيلية ويونانية بعد تجربة تركيا مقاتلتها غير المأهولة "بيرقدار قزل ألما"

اختبار تركي نوعي.. "بيرقدار قزل ألما" تنفذ هجوما جو–جو متقدما وتثير قلقا إقليميا - الأناضول
كشف موقع "معاريف أونلاين" الإسرائيلي، نقلا عن منصة "ديفانس تركيا"، أن الطائرة القتالية التركية غير المأهولة "بيرقدار قزل إلما" نفذت بنجاح تجربة طيران "تاريخية" شملت ثلاثة اختبارات مركزية في طلعة واحدة، فوق أجواء ولاية تكيرداغ، بمشاركة مقاتلتين من طراز “أف16” تابعتين لسلاح الجو التركي.

ووفق التقرير، جرى خلال التجربة اختبار دمج رادار "مراد" الوطني من نوع "AESA"، وتقييم قابليته لاستخدام صاروخ جو–جو بعيد المدى. وخلال الاختبار، رصدت "قزل إلما" مقاتلة "أف16" مستهدفة من مسافة 30 ميلا، وأغلقت عليها باستخدام رادار "مراد"، ثم نفذت إطلاقا إلكترونيا افتراضيا لصاروخ جو–جو معلق تحت الجناح، في محاكاة ناجحة لهجوم خلف مدى الرؤية (BVR).

وبحسب الموقع، مثل هذا الإنجاز دفعة كبيرة لقدرات الطائرة التركية على تنفيذ مهام قتالية معقدة بشكل مستقل، وهو ما تأكد بعد نجاح اختبار رابط البيانات بين الطائرة والرادار والصاروخ، حيث نقلت  "قزل إلما" معلومات الهدف وموقعه وسرعته إلى الصاروخ في الزمن الفعلي، ما أثبت قدرتها على تنفيذ هجمات ذاتية بالكامل.


تنسيق كامل مع طائرات مأهولة
وأظهرت التجربة كذلك قدرة  "قزل إلما" على العمل بتناغم مع طائرات مأهولة، إذ حلقت إحدى طائرات "أف16" بتشكيل قريب إلى جانبها، وهو ما اعتبر دليلا على جاهزية المنصة للعمليات المشتركة ضمن مفهوم "السرب المكون من طائرات مأهولة ومسيرة".

ووفق الأرقام الرسمية، تجاوز زمن طيران "قزل إلما" حتى الآن 55 ساعة، فيما تأتي هذه الاختبارات ضمن برنامج تطوير متسارع يهدف إلى تحويلها إلى منصة قتالية رئيسية في سلاح الجو التركي.

إعلام عالمي يتابع... وقلق يوناني
كما ذكرت تقرير إعلامية٬ أن شركة بايكار نشرت صباح الخميس الماضي٬ لقطات للتجربة، ولاقت اهتماما واسعا في الإعلام الدولي. وأفادت وسائل إعلام ماليزية بأن التجربة أثارت "إعجابا كبيرا"، في حين أشاعت "حالة ذعر" داخل الإعلام اليوناني الذي وصف التطور بأنه "قفزة استراتيجية خطيرة لتركيا".

وقال موقع "الأمن الدفاعي في آسيا" إن تركيا باتت قادرة على تنفيذ "سلسلة قتل متكاملة" من الاكتشاف وحتى التدمير دون أي اعتماد خارجي، مشيرا إلى أن التجربة "تؤشر على ثورة حقيقية في عالم الطيران القتالي".

وأضاف الموقع أن "قزل إلما" استخدمت رادار "مراد" ونظام مؤشر صاروخ "جوكدوان" لتنفذ "واحدة من أهم لحظات تاريخ الطيران القتالي العالمي"، بعدما حاكت هجوما جو–جو دقيقا ضد "أف16".

وأشار التقرير إلى أن رادار "مراد" يمتلك قدرة كشف تصل إلى 300 كلم، ما يسمح "قزل إلما" بتنفيذ عمليات قتالية بعيدة المدى دون الحاجة لدعم طائرات الإنذار المبكر "AWACS". أما صاروخ "جوكدوان"، المصمم ليحل محل صاروخ "أمرام"، فيملك مدى يتجاوز 65 كلم، وتوجد نسخ تصل إلى 180 كلم بقدرات متقدمة لاختراق أنظمة الحرب الإلكترونية المعادية.

وأكد التقرير أن دمج هذا الرادار والصاروخ يتيح لتركيا امتلاك شبكة قتل محلية بالكامل، تمنحها تفوقا تكتيكيا في مناطق حساسة مثل شرق المتوسط والبحر الأسود والشرق الأوسط.


قدرات بقاء عالية في بيئات الحرب الإلكترونية
وأوضح التقرير أن قدرة رادار "مراد" على العمل في بيئات الحرب الإلكترونية الكثيفة تمنح "قزل إلما" ميزة البقاء عند التعامل مع أنظمة التشويش طويلة المدى التابعة للقوى الكبرى، ما يرفع من قدرتها على الصمود في سيناريوهات المواجهة عالية التعقيد.

وتشير المعطيات إلى أن هذا الاختبار الإلكتروني يمهد لمرحلة استخدام الذخيرة الحية ضد أهداف من نوع "البرق" عالية السرعة، وذلك بعد اكتمال منظومة التحكم الناري المطلوبة.

"قزل إلما"… من منصة قتالية إلى أداة دبلوماسية
وبحسب التقرير، يتوقع أن تعمل "قزل إلما" كـ"طائرة الجناح المساند" للمقاتلات التركية "أف16" والطائرة الوطنية "كآن" والمسيرة الثقيلة "آقنجي". كما يتم تطوير محركات "تي اف-6000" المحلية، فيما تعتمد النسخ الحالية على محرك "AI-322F".

ورغم أنها أرخص بكثير من مقاتلات الجيل الرابع المتقدمة — إذ يبلغ سعرها 30–40 مليون دولار مقارنة بمئات الملايين لطائرات مثل "أف35" أو رافال — إلا أنها تقترب من تقديم قدرات مشابهة، ما جعلها محط اهتمام واسع في الأسواق الدولية.

وأشار التقرير إلى أن "قزل إلما" باتت أيضا أداة استراتيجية للدبلوماسية التركية، إذ إن الدول التي ستقتنيها ستصبح جزءا من عقيدة العمليات التركية، وهو ما يعزز نفوذ أنقرة في آسيا والشرق الأوسط وأفريقيا.
تشغيل منخفض الكلفة ونموذج للتعاون الصناعي الوطني

وتبلغ تكلفة تشغيل "أف16" نحو 25–30 ألف دولار للساعة، مقابل 3–4 آلاف دولار فقط لساعة تشغيل "قزل إلما"، ما يجعلها خيارا مثاليا للمهام المكثفة وطويلة الأمد.

كما اعتبر التقرير برنامج "قزل إلما" مثالا ناجحا للتكامل الصناعي بين بايكار وأسيلسان وتوبيتاك، بما يعزز مكانة تركيا كقوة صاعدة في تكنولوجيا الطيران القتالي.

ويرى الخبراء، وفق الموقع، أن "قزل إلما" باتت تجسد "تغييرا جوهريا في مفهوم الحرب الجوية"، وأن تأثيرها سيستمر في إعادة تشكيل المشهد الجيوسياسي خلال العقود المقبلة، مؤكدة صعود تركيا كواحدة من أبرز الدول في مجال الطائرات القتالية غير المأهولة