شرعت الدائرة الجنائية المختصة في قضايا الإرهاب، بمحكمة الاستئناف بتونس، الخميس، في النظر في ملف "التآمر1"، والذي يشمل 40 اسما، أبرزهم سياسيون معارضون من مختلف الأحزاب إضافة إلى رجال أعمال.
وبدأت المحكمة في الاستماع إلى من هم بحالة سراح بينهم المحامي البارز العياشي الهمامي، الذي رفض الإدلاء بأي تعليق دون حضور جميع المتهمين لقاعة المحكمة، ورفضا منه لإجراء المحاكمة عن بعد ودون الحضور للجلسة.
وقبل انطلاق الجلسة، تجمعت عائلات
المعتقلين احتجاجا على جلسة المحاكمة عن بعد ورفعوا شعارات تطالب بسراح جميع المعتقلين، مع تأكيدهم ضرورة أن يكون القضاء مستقلا لا أن يكون وفقا للتعليمات.
وعقدت الجلسة الاستئنافية مع مواصلة المعتقل المشمول بالقضية، جوهر بن مبارك إضرابه عن الطعام لليوم 30 على التوالي، وفي ظل تدهور حاد بوضعه الصحي ونقله للمستشفى للمرة السادسة على التوالي وفقدانه لأكثر من 24 كيلغراما من وزنه وفق محامية الدفاع دليلة مصدق.
تأييد أم تأخير؟
وقال أحمد نجيب الشابي رئيس جبهة "الخلاص الوطني"، إن "توقع ما يمكن أن يحصل يصعب جدا خاصة في النظم الاعتباطية الاستبدادية، ومن الوارد أن يتم تأييد الأحكام وكذلك فرضية التأخير كما حصل من قبل".
واعتبر الشابي، -هو مشمول بالملف وفي حالة سراح ومحكوم بالسجن 18عاما- في تصريح صحفي من أمام المحكمة وحيث تحتج العائلات أن "هذه المحكمة سياسية، وليست محكمة قضاة وإنما موظفين عند السلطة التنفيذية ولديهم تعليمات سينفذونها"وفق تعبيره.
وتابع: "يمكنني أن أتنبأ بأن الحكم الابتدائي سيقع تقريره أي تأييده، وأنا مثلا محكوم بثمانية عشر عاما ويمكن أن ينفذ في غضون أيام بعد التأييد"، لافتا إلى أن "ما يحصل هو جزء من الوضع السياسي، والمحاكمة مجرد مسرحية قضائية، ونحن إزاء استبداد واختزال للسلطة بيد شخص واحد ".
وختم قائلا: "متمسكون بالنضال وضرورة استعادة الشرعية الدستورية وعلوية القانون والفصل بين السلطات والحريات العامة فتونس التي فجرت أول ثورة ديمقراطية في العالم العربي ستفجر ثورة ثانية وتعيد الشرعية إلى نصابها".
وكانت محكمة
تونسية قد أصدرت في التاسع عشر من نيسان/ أبريل الماضي أحكاما قضائية تراوحت بين 13و66 عاما بحق المتهمين في ما يعرف بقضية "التآم"ر على أمن الدولة، مع بأحكام سجنية نافذة بحق من هم بحالة فرار.
وانطلقت التحقيقات في القضية منذ شباط / فبراير من عام 2023 وتوسعت لتشمل أكثر من 40 اسما بين سياسيين ورجال أعمال وغيرهم.
ووفق المساعد الأول لوكيل الجمهورية بالقطب القضائي لمكافحة الإرهاب، فإن التهم تعلقت بارتكاب المتهمين لجرائم أهمها "
التآمر على أمن الدولة الداخلي والخارجي، وتكوين وفاق إرهابي له علاقة بالجرائم الإرهابية والانضمام إليه، وارتكاب الاعتداء المقصود به تبديل هيئة الدولة أو حمل السكان على مهاجمة بعضهم بعضا بالسلاح، وإثارة الهرج والقتل والسلب بالتراب التونسي المرتبطة بجرائم إرهابية والإضرار بالأمن الغذائي والبيئة". وفق المحكمة.
تحرك جديد "ضد الظلم"
وأعلنت مجموعة واسعة من الأحزاب والمنظمات والجمعيات عن الخروج في مسيرة
احتجاجية السبت القادم، دفاعا عن الحريات والمساواة والعدالة، وضد كل أشكال العنف والقمع.
وأكد القائمون على المسيرة في بيان لأسباب تحركهم الاحتجاجي أن "السلطة تُغلق الفضاءات، وتجرّم الاختلاف، وتواجه الأزمة الاقتصادية الخانقة بخلق خصوم وهميين بدل إيجاد حلول"، معتبرين أن "تعليق الجمعيات والتضييق على عملها المدني تهديد مباشر للحريات واعتداء على حق المواطنات والمواطنين في التنظيم والدفاع عن قضاياهم، وإعلان واضح أنّ السلطة الحالية تستهدف كل الأصوات الحرة والمستقلة".
ومنذ أسبوع احتشد الآلاف من التونسيين في مسيرة "ضد الظلم"، تنديدا بالوضع العام بالبلاد وما يعرفه من اعتقالات واسعة للمعارضين وقمع الحقوق والحريات.
يشار أيضا إلى أن الرئيس قيس سعيد، وبعد يومين على تظاهر الآلاف من التونسيين وفي أول تحرك بارز جمع مختلف العائلات السياسية، قد أكد وفق بيان رئاسي ،"على أنّ الدّولة لن تقف مكتوفة الأيدي أمام من يريد التّنكيل بالمواطنين بأيّ شكل من الأشكال، وأن الذين ارتهنوا البلاد وأرادوا تفجيرها وتقسيمها والتفويت في سائر مقدّراتها بعد أن كانوا خصماء الدّهر في الظّاهر وصاروا اليوم حلفاء وخلّانا يوزّعون الأدوار في ما بينهم، فتنسحب عليهم التّهمة التي كرّستها بعض التّشريعات وهي المشاركة في اقتسام المسروق، ومحكمة التاريخ أصدرت قرارها النّهائي وهو لا عزاء للخونة ولا رجوع إلى الوراء".