أقامت منصة
العرب في
بريطانيا مؤتمرها السنوي الثالث بحضور نخبوي
لافت في المملكة المتحدة، من مختلف الجاليات العربية، وكانت فلسطين والسودان
واليمن في صدارة اهتمامات الفعاليات، في أمسية حملت طابعًا إنسانيًا ورسالة تضامن
عابرة للحدود والجغرافيا.
واحتضنت العاصمة البريطانية لندن هذا اللقاء الاستثنائي الذي جمع
أكثر من 240 شخصية عربية بارزة من مجالات متعددة، شملت العمل الطبي والإعلامي
والفني والحقوقي والإنساني، في مشهد جسّد وحدة الهمّ العربي وتلاقي الضمير الجمعي
في مواجهة المآسي المتفاقمة في عدد من دول المنطقة.
ولم تكن
الفعالية مجرّد مؤتمر اعتيادي، بل مساحة تلاقٍ عزّزت مفهوم
المسؤولية الأخلاقية المشتركة، وفتحت بابًا واسعًا لدعم الفئات الأكثر هشاشة، وعلى
رأسها الأطفال الأيتام في مناطق النزاع والحروب.
افتتحت الفعاليات بكوكتيلٍ غنائي عربي نابض بالحياة، قادته فرقة فنية
عربية قدّمت مقطعًا موسيقيًا من أغنية لكل بلد عربي، في لوحة سمعية بصرية غطّت
خارطة الوطن العربي برمّته، من المحيط إلى الخليج.
وتحوّلت القاعة في تلك اللحظات إلى مساحة وجدانية جامعة، حيث تمازجت
الألحان واللهجات والإيقاعات في رسالة واحدة مفادها أن ما فرّقته السياسة، يمكن أن
توحّده الموسيقى والمشاعر والهوية المشتركة.
وبرز في إدارة وتوجيه دفة الأمسية الإعلامية علا فارس، مقدّمة قناة
الجزيرة، التي تولّت تقديم فقرات المؤتمر بكفاءة عالية وحسّ إنساني عميق، مستحضرة
في كلماتها ذاكرة رحيل أجيال عربية كاملة من أوطانها الأولى إلى المملكة المتحدة،
حيث تحوّلت اليوم إلى أقليات فاعلة ومؤثرة في مجتمعاتها الجديدة، تحمل همّ أوطانها
وتعيد صياغة حضورها في المنفى كقوة تغيير إيجابي.
كما شكّلت مداخلة المؤثر السوداني أمجد النور إحدى اللحظات الأكثر
تأثيرًا في الأمسية، إذ وجّه خطابًا وجدانيًا حفّز فيه الحضور على المساهمة
الفاعلة في مشروع كفالة الأيتام، مستشهدًا بحديث رسول الله صلى الله عليه وسلم:
“أنا وكافل اليتيم كهاتين”، وهو ما أسهم بشكل مباشر في ارتفاع وتيرة التبرّعات
وتضاعف أعداد المتكفلين، في مشهد عكس تفاعلًا حيًّا بين الكلمة الصادقة والفعل
الإنساني.
فلسطين في قلب المشهد.. وصرخة ضمير في وجه حرب الإبادة
تصدّرت القضية الفلسطينية جدول أعمال المؤتمر، في ظل ما تتعرض له غزة
من حرب إبادة غير مسبوقة، خلّفت آلاف الضحايا من الأطفال والنساء، ودمّرت البنى
التحتية والمرافق الصحية والتعليمية بشكل شبه كامل.
ورفع الحضور أصواتهم مؤكدين أن ما تشهده فلسطين لم يعد قضية شعب
واحد، بل قضية إنسانية عالمية استقطبت اهتمام أحرار العالم، مشددين على ضرورة
مواصلة الضغط الشعبي والإعلامي والحقوقي من أجل وقف الانتهاكات ودعم الشعب
الفلسطيني في نضاله من أجل الحرية والكرامة.
وشهدت الأمسية فعاليات رمزية ورسائل تضامن عبّرت عن الحضور القوي
لفلسطين في وجدان الجاليات العربية والمسلمة في أوروبا، وفي ضمير الإنسان الحرّ
حول العالم.
300 يتيم في كفالة ضمير حي
وفي ذروة مشهد التضامن، تحوّلت القاعة إلى ساحة سباق إنساني نبيل،
حيث أعلن المشاركون تعهّدهم بكفالة نحو 300 طفل يتيم في أكثر الدول العربية
تضررًا، وعلى رأسها: فلسطين، السودان، اليمن، الصومال، سوريا ولبنان.
وتبلغ قيمة الكفالة السنوية الواحدة نحو 420 جنيهًا إسترلينيًا،
وتشمل دعمًا متكاملًا في مجالات التعليم، والرعاية الصحية، والدعم النفسي
والاجتماعي، بإشراف مباشر من منظمة Action for Humanity.
وبرز أبناء الجالية العراقية في الصدارة بعد تكفّلهم بما يقارب نصف
عدد الكفالات، تلتهم الجاليات المصرية والمغربية والسورية والفلسطينية، في مشهد
تجاوز حدود الانتماءات الوطنية ليترجم معنى التكافل العربي الأوسع.
كما أعلن سبعة من الحضور ـ أفرادًا ومجموعات ـ تكفّلهم بكفالة 20
يتيمًا لكل منهم، في خطوة لاقت تفاعلًا واسعًا وتصفيقًا حارًا من المشاركين.
جوائز تشجيعية.. تكريم لضميرٍ لم يصمت
وفي لفتة تحمل بعدًا رمزيًا عميقًا، شهد المؤتمر توزيع جوائز تشجيعية
تكريمية على عدد من الأطباء والفنانين والعاملين في القطاع الصحي والناشطين
الإنسانيين، ممن كرّسوا وقتهم وجهدهم للدفاع عن القيم الإنسانية النبيلة.
وجاء هذا التكريم تقديرًا لدورهم في خدمة المجتمعات المتضررة، ودعمهم
المتواصل للقضية الفلسطينية، سواء عبر التوعية، أو العمل الطبي التطوعي، أو
التضامن الفني والإعلامي، أو الوقوف في الصفوف الأولى لمواجهة الظلم والانتهاكات.
وأكد منظمو المؤتمر أن هذه الجوائز ليست مجرد تكريم رمزي، بل رسالة
واضحة مفادها أن الصوت الإنساني الذي لا يساوم على الحق والعدل، يستحق أن يُحتفى
به ويُقدَّر.
الفائزون بجوائز "الشخصية العربية لعام 2025"
ـ شذى التوي ـ جائزة الشخصية العربية لعام 2025 في مجال الإبداع
الثقافي والفني
ـ الدكتورة نور غضبان ـ جائزة الشخصية العربية لعام 2025 في مجال
التميّز العلمي والأكاديمي
ـ الممرضة أفراح مفلحي ـ جائزة الشخصية العربية لعام 2025 في مجال
خدمة المجتمع والعمل الإنساني
ـ خالد عبد الله ـ جائزة الشخصية العربية لعام 2025 في المجال الفني
ـ ضياء الفلكي ـ جائزة الشخصية العربية لعام 2025 في العمل المؤسسي
المجتمعي
ـ نور نوريس ـ جائزة الشخصية العربية المتميزة
ـ الدكتور محمد طاهر ـ جائزة الشخصية العربية لعام 2025
وأكد منظمو المؤتمر أن هذه الجوائز تأتي احتفاءً بنماذج عربية صنعت
فرقًا حقيقيًا، وأسهمت ـ كلٌّ في مجاله ـ في تعزيز قيم العدل والرحمة والحرية
والكرامة الإنسانية.
لجنة تحكيم جائزة "الشخصية العربية المتميزة لعام 2025"
وأعلنت منصة العرب في بريطانيا عن أسماء أعضاء لجنة تحكيم جائزة
“الشخصية العربية المتميزة لعام 2025”، وهم: البروفيسور الدكتور قصي
الأحمدي ـ الملحق الثقافي العراقي في بريطانيا، صباح المختار ـ اتحاد المحامين
العرب في بريطانيا، منى آدم، سميرة ملوكي، عبد الرحمن الجابري، تحرير وسواس، الدكتور
سامر جاموس، كاتيا يوسف.
وأكد منظمو المؤتمر أن تشكيل هذه اللجنة جاء لضمان أعلى معايير
النزاهة والشفافية والتنوّع في اختيار المكرّمين، بما يعكس القيمة الحقيقية
للجائزة ورسالتها الإنسانية والمجتمعية.
العرب في بريطانيا.. من الجالية إلى القوة الناعمة
وحمل المؤتمر في طياته رسالة تتجاوز حدود الأمسية ذاتها، إذ عكس صورة
مشرقة للعرب في بريطانيا، باعتبارهم قوة إيجابية فاعلة في المجتمع، قادرة على
إحداث أثر أخلاقي وإنساني ملموس.
وأكد عدد من المشاركين أن هذه الفعاليات تعيد تعريف حضور الجاليات
العربية في أوروبا، ليس فقط كجاليات مهاجرة، بل كجسور محبة وتأثير ودفاع عن الحق
والكرامة الإنسانية.
منصة العرب في بريطانيا في سنتها الثالثة
وتعرّف منصة العرب في بريطانيا (AUK) ، التي يترأسها الإعلامي
البريطاني من أصول فلسطينية عدنان حميدان، نفسها بأنها فضاء تفاعلي يجمع الجاليات
العربية في المملكة المتحدة، منذ تأسيسها قبل ثلاث سنوات، بهدف تعزيز الهوية
العربية والتضامن الإنساني والثقافي والاجتماعي بين أبنائها، وإظهار دورهم
الإيجابي في المجتمع البريطاني.
وتسعى المنصة إلى أن تكون جسراً يربط بين العرب في المنفى ووطنهم
الأم، من خلال المبادرات الإنسانية، والفعاليات الثقافية والفنية، والدورات
التدريبية والورش المجتمعية، إضافة إلى دعم المشاريع الخيرية والحقوقية التي
تستهدف الأكثر هشاشة في الوطن العربي.