لم يمضي نحو شهر منذ أن استحدث الاتحاد الدولي لكرة القدم، جائزة جديدة تحمل اسم "
جائزة الفيفا للسلام"، قال إنها تهدف إلى تكريم شخصيات أسهمت في تعزيز التقارب بين الشعوب من خلال الرياضة، ليتبين أول من نال شرفها هو الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، رغم أن رئيس الاتحاد الدولي جياني إنفانتينو، امتنع حينها الكشف عن أول المتلقين، قائلا: "ستعرفون ذلك في الـ5 من كانون الأول/ديسمبر"، خلال حديثه في منتدى الأعمال الأمريكي في ميامي بعد إلقاء ترامب كلمته في الحدث ذاته.
ويأتي منح "فيفا" هذه الجائزة بعد فترة وجيزة من عدم فوز الرئيس ترامب بجائزة نوبل للسلام في تشرين الأول/أكتوبر الماضي، رغم محاولاته المتكررة للتأكيد على أحقّيته بها نظير ما وصفه بجهوده في إنهاء 8 حروب حول العالم، ومع خروج اسمه من سباق نوبل، يبدوا أن جائزة الـ"فيفا" شكّلت خياراً بديلًا للرئيس الأمريكي الذي لطالما شعر بخيبة الأمل من لجنة نوبل النرويجية. حيث قام جياني إنفانتينو بتسليمها له شخصيًا خلال الحفل الذي احتضنه مركز كينيدي للفنون المسرحية.
ترامب يظفر بالنسخة الأولى من جائزة "فيفا" للسلام
رغم أن الأمر على بما يبدوا تم وفق تنسيق مسبق، مع ذلك، أصر ترامب على أنه لم يكن لديه أي علم بأنه سيفوز بجائزة التنصيب عندما سار على السجادة الحمراء قبل إجراء القرعة بحسب صحيفة
نيويورك بوست، وقال ترامب للصحفيين وهو يلتقط صورًا للكاميرات: "لا أعلم إن كنتُ قد حصلتُ على الجائزة. لم أُعرَ اهتمامًا رسميًا، سمعتُ عن جائزة سلام، وأنا هنا لأُمَثِّل بلادنا بطريقة مختلفة".
وفي كلمة أمام الحضور، عبّر الرئيس الأمريكي دونالد ترامب عن امتنانه للجائزة، قائلًا: "إنه حقًا واحد من أعظم التكريمات في حياتي. لقد أنقذنا ملايين الأرواح، والكونغو مثال على ذلك. تمكنا من إنهاء العديد من الحروب، بعضها حتى قبل أن يبدأ. إنه لشرف كبير أن أكون مع جياني، الذي عرفته منذ وقت طويل.. العالم أصبح مكاناً أكثر أماناً، والولايات المتحدة اليوم أكثر دولة ازدهارًا في العالم".
طلب الاحتفاظ بكأس العالم
صحيفة الـ"تايمز"البريطانية، أستبقت الأحداث، وأفادت قبل أيام، بأن ترامب سيمنح الجائزة الجديدة مقابل نحو 22 مليون دولار، ولفت تقرير الصحيفة رصد سلسلة من اللقاءات والاجتماعات بين إنفانتينو وترامب، كما ظهر ترامب في آب/أغسطس الماضي ممازحًا رئيس الاتحاد الدولي إنفانتينو داخل البيت الأبيض، وسأله عن الاحتفاظ بنسخة من كأس العالم للأبد، وقال إنفانتينو مخاطبًا ترامب وأمامه مجسم لكأس العالم: "الفائزون فقط يحق لهم لمسه، وبما أنك فائز فمن الطبيعي أن تمسكه". ليرد ترامب مازحًا: "هل أستطيع الاحتفاظ به؟".
سجل إدارته المروع في مجال حقوق الإنسان
منظمة
هيومن رايتس ووتش، كان لها رأي آخر، حيث قالت إن سجل إدارة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب المروع في مجال حقوق الإنسان لا يعكس بالتأكيد "أعمالًا استثنائية من أجل السلام والوحدة"، متسائلة "منح مكافآةً على ماذا؟
رغم السجل الحقوقي المروّع، مشددة على أنه كان يفترض بـ"الفيفا" التي منحت الرئيس الأمريكي ما سمّته "جائزة الفيفا للسلام"بذل كل جهدها لضمان أن تكون "كأس العالم 2026" خالية من انتهاكات حقوق الإنسان".
وقالت مديرة المبادرات العالمية في هيومن رايتس ووتش مينكي ووردن في مؤتمر صحافي، أنه "لا توجد إجراءات شفافة، ولا مرشحون ولا لجنة تحكيم"، وأضافت ووردن وهي المشرفة على الرياضة في هيومن رايتس ووتش: "تُمنح جائزة الفيفا للسلام المزعومة في ظلّ اعتقالات عنيفة للمهاجرين، ونشر الحرس الوطني في المدن الأمريكية، والإلغاء المُذلّ لحملات الفيفا المناهضة للعنصرية والتمييز". وأضافت: "لا يزال هناك وقتٌ للوفاء بوعود الفيفا بكأس عالم خالية من انتهاكات حقوق الإنسان، لكنّ الوقت يمرّ بسرعة".
سلام مع عسكرة مدن أمريكا وملاحقة المهاجرين!
وفي أصدر تحالف الرياضة والحقوق، وكرامة 2026، والاتحاد الأمريكي للحريات المدنية، والاتحاد الأمريكي للعمل والمنظمات الصناعية، ومنظمة العفو الدولية، وهيومن رايتس ووتش، ومجلس المشجعين المستقلين، والرابطة الوطنية للنهوض بالملونين، وحليف الرياضيين، ومراسلون بلا حدود، اجتمعوا وأصدروا بيانًا مشتركًا للضغط على الاتحاد الدولي لكرة القدم (فيفا) لتنظيم كأس، وقالوا فيه: إن بطولة كأس العالم 2026، التي تستضيفها الولايات المتحدة وكندا والمكسيك بشكل مشترك، من المفترض أنها تمثل فرصة لتطبيق نموذج جديد لأحداث الفيفا - نموذج يدعم حماية قوية للعمال، ويصون حقوق الأطفال، ويدعم حرية وسائل الإعلام، ويضمن استفادة العمال والمجتمعات من استضافة هذا الحدث الرياضي الضخم.
البطولة في الاتجاه الخاطئ
التحالف، أكد أن تدهور وضع حقوق الإنسان في الولايات المتحدة يُعرّض هذه الالتزامات للخطر"، وفق ما أكدته أندريا فلورنس، المديرة التنفيذية لتحالف الرياضة والحقوق، التي قالت، إن: "العمال والرياضيون والمشجعون والمجتمعات المحلية هم من يجعلون كأس العالم ممكنًا"، مشيرة إلا أنه مع تبقي 200 يوم على انطلاق البطولة، فإن الهجمات المتصاعدة على المهاجرين في الولايات المتحدة، وإلغاء الاتحاد الدولي لكرة القدم (فيفا) لرسائل مناهضة التمييز، والتهديدات لحرية الصحافة وحقوق المتظاهرين السلميين، تشير إلى أن البطولة تتجه في الاتجاه الخاطئ.
جائزة سلام بيد.. وتلويح بالحرب بيد أخرى!
لم يرد الرئيس دونالد ترامب – قبل حصوله على جائزة الفيفا للسلام خلال قرعة كأس العالم 2026، على سؤال حول ما إذا كان حصوله على الجائزة سيتعارض مع تعهده بشن هجوم "بري" قريبا ضد فنزويلا، بحسب تقرير لشبكة "
سي أن أن".
وقال ترامب لمراسلة الشبكة، كايتلان كولينز، قبل إجراء القرعة: "لم يتم إخطاري رسميًا، لقد سمعت عن جائزة السلام، وأنا هنا لأمثل بلادنا بمعنى مختلف، لكن يمكنني أن أقول لكم إنني أنهيت 8 حروب، وهناك حرب تاسعة قادمة، وهو أمر لم يفعله أحد من قبل"، وأضاف: "لكنني أريد حقا إنقاذ الأرواح. لست بحاجة إلى جوائز. أنا بحاجة إلى إنقاذ الأرواح. ونحن ننقذ الكثير من الأرواح".
وتأتي تعليقات الرئيس ترامب في الوقت الذي كثفت فيه الإدارة الأمريكية ضرباتها على قوارب المخدرات المزعومة. وتواجه الإدارة تدقيقًا من الكونغرس، بما في ذلك بعض المشرعين الجمهوريين، في أعقاب الكشف عن ما يُسمى بـ"الضربة المزدوجة" التي أسفرت عن مقتل ناجين بعد ضربة أولى على سفينة مخدرات مزعومة، لكن الرئيس لم يبد أي إشارة تذكر على أن هذه الانتقادات من المرجح أن تمنع المزيد من التصعيد في المنطقة، وأشارا مرارا إلى رغبته في القيام بضربات برية، وقال للصحفيين في البيت الأبيض، الأربعاء: "أعتقد أنكم ستجدون استجابة كبيرة لما يقومون به تحديدًا، وهو تدمير تلك القوارب"، وأضاف: "سنبدأ قريبًا جدا في القيام بذلك على الأرض أيضا، لأننا نعرف كل طريق، ونعرف كل منزل، ونعرف أين يصنع هذا الهراء، ونعرف أين يقومون بتجميعه كله".
استراتيجية ترامب.. هيمنة على غرب الأرض
من المفارقات أيضا، والتي عدت محاولة لفرض الهيمنة، تصريح الرئيس الأميركي دونالد ترامب، التي قال فيها إن "الولايات المتحدة ستعيد تأكيد هيمنتها في نصف الكرة الغربي، وستبني قوة عسكرية في منطقة المحيطين الهندي والهادي، وربما تعيد تقييم علاقتها مع أوروبا، وذلك في وثيقة استراتيجية شاملة تسعى إلى إعادة صياغة دور الولايات المتحدة في العالم.
ووصفت استراتيجية الأمن القومي، التي نُشرت رؤية ترامب بأنها رؤية "واقعية مرنة"، وقالت إن على واشنطن إحياء عقيدة مونرو التي تعود إلى القرن التاسع عشر، والتي أعلنت أن نصف الكرة الغربي هو منطقة نفوذ واشنطن، ونبهت الوثيقة كذلك إلى أن أوروبا تواجه "محوا حضاريا" ويجب أن تغير مسارها، وتعد الوثيقة أحدث وأوضح تعبير عن رغبة ترامب في زعزعة نظام ما بعد الحرب العالمية الثانية الذي قادته الولايات المتحدة والمبني على شبكة من التحالفات والمجموعات متعددة الأطراف، وإعادة تعريفه من خلال منظور "أميركا أولا"، حيث تقول الوثيقة المكونة من 29 صفحة إن سياسة ترامب مدفوعة "قبل كل شيء بما يصلح لأميركا".
وقالت الوثيقة، التي تصدرها كل إدارة أميركية جديدة وتوجّه عمل عدد من الوكالات الحكومية، إن ترامب "سيستعيد التفوق الأميركي" في نصف الكرة الغربي ويضع المنطقة على رأس أولويات السياسة الخارجية للإدارة، وجاء في الوثيقة أن النتيجة المترتبة على "مبدأ مونرو" هي استعادة القوة والأولويات الأميركية، بما يتوافق مع مصالح الولايات المتحدة الأمنية، مما يشير إلى أن الحشد العسكري الأميركي الكبير في المنطقة ليس مؤقتا.