تستمر الجهود السياسية والديبلوماسية، داخليًا وخارجيًا، في البحث عن مخرج لأزمة
السويداء في
سوريا، إلا أن هذه المحاولات لم تُحقق أي اختراق حتى الآن، بعدما اصطدمت بموقف متصلب من رئيس الهيئة الروحية لطائفة الموحّدين
الدروز في المحافظة الشيخ حكمت
الهجري، ونجله الشيخ سلمان الذي يتصدر المشهد ويؤثر مباشرة في مسار هذه الاتصالات.
وبحسب ما أوردت جريدة "النهار"، أجرت السلطات الأردنية اتصالات مع عدد من الفاعليات السياسية والاجتماعية في السويداء، بهدف عقد اجتماعات والاستماع إلى مخاوفهم في محاولة للوصول إلى حلول تستند إلى خريطة الطريق الثلاثية السورية الأردنية الأميركية، التي جرى التوافق عليها قبل أشهر في دمشق. وتشير المصادر إلى أنّ هذه الخريطة "تضمن العدالة بعد أحداث تموز، واندماج السويداء بسوريا، والحصول على الحقوق".
وواجهت هذه المساعي رفضا قاطعا من الهجري، وتحديدا من ابنه سلمان، الذي يرفض الدخول في أي حوارات متصلة بحلول تخصّ السويداء، ووفق المصادر، فإن سلمان الهجري لعب دورا حاسما في عرقلة جهود أخرى كانت متحمّسة للتوجّه نحو الأردن، إذ حال دون مشاركتها وهدّدها، ما أدى إلى إحباط محاولات الوصول إلى تسوية تُنهي الأزمة المتفاقمة في المحافظة.
وتتزايد علامات الاستفهام داخل المحافظة حيال أسباب رفض الهجري لهذه الخريطة، في وقت تتعمق الأزمة الإنسانية مع اقتراب فصل الشتاء، وتقول مصادر محلية إن "الهجري يعتمد على
إسرائيل"، رغم أن الأخيرة لم تعلن دعما صريحا أو علنيا لأي مشاريع انفصالية يطالب بها، ولا تقدم سوى مساعدات محدودة يحتكرها.
رسالة الهجري إلى طريف
لم تعلن دولة الاحتلال أي موقف مؤيد لانفصال السويداء عن سوريا، كما أن الشيخ موفق طريف، رئيس الهيئة الروحية لطائفة الموحدين الدروز في إسرائيل، لم يدعم فكرة إقامة دولة درزية، مؤكداً أن السويداء جزء من سوريا وأن حقوقها تُبحث في دمشق، غير أن المعلومات تشير إلى أن مجموعة من الضباط الإسرائيليين تتواصل مع الهجري وتحرضه على متابعة مساراته السياسية من دون أفق واضح.
وتعمقت الفجوة بين الهجري وطريف بعد انتقاد الأخير للحملة الأمنية التي نفذها مليشيا "الحرس الوطني" التابع للهجري قبل أيام، والتي قتل خلالها شيخان درزيان بعد تعذيبهما، وتوضح المصادر ذاتاه أن الخلاف بات واسعا، وأن سلمان الهجري وجه رسالة إلى طريف جاء فيها: "نحن أكبر منك في إسرائيل، ولسنا بحاجتك".
ولم تقتصر الانتقادات الموجهة للهجري على طريف، بل وصلت إلى داخل السويداء نفسها. فقد ارتفعت أصوات في صفوف المجتمع الدرزي تعترض على ممارسات الهجري ومسلحيه، خصوصًا بعد حملة الاعتقالات الأخيرة، حيث شبه عدد من الأهالي مسلحيه ببعض البدو الذين حلقوا الشوارب ونتفوا اللحى.
في الخلاصة، يستمر الهجري في تعطيل أي مقترحات أو تسويات من شأنها إعادة السويداء إلى مسارها الطبيعي سياسيا واجتماعيا، بينما تتفاقم الأزمة الإنسانية في المحافظة مع اقتراب الشتاء، وتشير مصادر للجريدة ذاتها إلى أن رهانات الهجري تقوم على دولة الاحتلال، رغم افتقار هذا المسار لأي أفق عملي، بالتوازي مع اتساع حالة التململ داخل المجتمع الدرزي نتيجة السياسات المرتبكة وغياب أي نتائج ملموسة.