للنجاح
دائما ألف أب والفشل لقيط، فإذا أردنا معرفة مدى تحقق
النصر أو
الهزيمة في معركة
ما فلننظر إلى محاولات التبني ونسبة الفضل، فإذا كانت متوفرة فقد تحقق نصر ما بغض
النظر عن حجمه وشكله، وذلك لأن الفشل يستدعي عادة التبرؤ منه والدعوة للمحاسبة
وليس الاحتفال وادعاء تحقيقه. وهذا ما تحقق في عملية طوفان الأقصى، فلو لم يكن ما
حدث نصرا لما سعت كثير من الدول لنسبة الأمر إليها.
والسؤال
الأبرز هنا ليس سؤال النصر، ولكن سؤال الهزيمة لأن دائرة الهزيمة كبيرة وواسعة،
سنحاول إلقاء الضوء على ملامحها في هذا المقال.
أبرز
من هزمتهم عملية طوفان الأقصى هو شخصية رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين
نتنياهو،
ذلك المتعجرف المتكبر؛ حصان طروادة الذي أدخل اليمين الشعبوي المتطرف إلى الحكومة
الإسرائيلية. وهو بخلاف كثير من القيادات الإسرائيلية؛ يمثل أطول رئيس وزراء عمرا
في شغل هذا المنصب في دورات متتالية خلال ثلاثة عقود. بعبارة أخرى، فقد كسرت
المقاومة عنجهية وغرور أبرز سياسي إسرائيلي في تاريخها.
هزمت عملية طوفان الأقصى أيضا السردية الإسرائيلية في الغرب والصورة الذهنية التي أنفق الإسرائيليون عليها الملايين من حملات دعائية وضغوط سياسية وقانونية. وأصبحت إعادة بنائها لما قبل تشرين الأول/ أكتوبر 2023 عملية شديدة الصعوبة
ومسألة هزيمة نتنياهو
الشخصية ليست محل نقاش سواء داخل إسرائيل أو خارجه، الكل مجمع على أنه انتهى
تقريبا بعد عملية طوفان الأقصى، وأن لعبه على حبال الوقت حتى الإذعان في النهاية
لم يغير شيئا من هذه الحقيقة.
هزمت
عملية طوفان الأقصى أيضا السردية الإسرائيلية في الغرب والصورة الذهنية التي أنفق
الإسرائيليون عليها الملايين من حملات دعائية وضغوط سياسية وقانونية. وأصبحت إعادة
بنائها لما قبل تشرين الأول/ أكتوبر 2023 عملية شديدة الصعوبة، خاصة وأن الأمر
تجاوز ما هو دعائي لما هو قانوني. لدينا الآن سابقة قانونية في إصدار مذكرة توقيف
دولية بحق رئيس وزراء إسرائيل، وهي الخطوة القانونية التي لطالما كافحت إسرائيل
لتجنب إصدارها بحق جنرالات وسياسيين سابقين في بعض الدول الغربية، ناهيك أن تصيب
هذه المرة شخصا على رأس السلطة وهو في الخدمة وأثناء اندلاع حرب.
أما
الهزيمة الكبرى فكانت لنظام عائلة
الأسد. وقبل المضي قدما في هذه النقطة ينبغي
التنويه إلى أن هذا تقييم شخصية ليست عادية، وهو الرئيس السابق للموساد زوهار
بالتي، في مكان ليس بعادي، فهو تحليل منشور على موقع معهد دراسات الشرق الأدنى في
الولايات المتحدة المقرب من اللوبي الإسرائيلي هناك بعد ثلاثة أيام فقط من هروب
بشار الأسد. فقد اعتبر زوهار أن سقوط الأسد هو أول صدمة ارتدادية رئيسية للسابع من
أكتوبر، وقال صراحة إن الشهيد يحيى السنوار تسبب عن غير قصد في رد فعل إقليمي قوي.
الزلزال السوري الأخير الذي صدم الجميع ولا يزال يصدمهم هو أحد تداعيات عملية طوفان الأقصى
وهذا يشير بوضوح إلى أن الزلزال السوري الأخير الذي صدم الجميع ولا يزال يصدمهم هو
أحد تداعيات عملية طوفان الأقصى، ولله في خلقه شئون.
أبرز
المهزومين أيضا كان الحزب الديمقراطي الأمريكي، ذلك الحزب الذي ظل لعقود طويلة
يرتدي ملابس الحمل الوديع حتى كشفت بشاعة الحرب في
غزة عن وجهه القبيح. والهزيمة
هنا تتجاوز ما هو انتخابي إلى ما هو تكتيكي وأخلاقي، وهي إحدى القضايا الرئيسية
التي جعلت مسلمي الولايات المتحدة يضعون أيديهم في أيدي رئيس يميني وهو الرئيس
المنتخب دونالد ترامب، بشكل معلن، يأسا من هذا الحزب ورموزه.
ولا
يزال قوس الهزيمة مفتوحا ويحتمل إدخال أفراد ودول وكيانات كثيرة لا يتسع لها هذا
المقام. كل هذا ولا أزعم أن أحد يستطيع تقييم ما جرى في السابع من أكتوبر بشكل
دقيق حتى الآن. فبحسب الكاتب الكبير فهمي هويدي، فإن ما جرى أكبر وأكثر تأثيرا مما
نراه الآن. ويبدو أن انقشاع غبار المعارك في القطاع سيكشف لنا عن مفاجآت كثير
تحملها الأيام والشهور القادمة.
x.com/HanyBeshr