قضايا وآراء

المشروع السوري الهام العاجل.. في مواجهة مخاطر الفتنة والإعاقة والتقسيم

إبراهيم الديب
"تجييش الشعب لمواجهة تحديات الوجود ومخاطر التقسيم، بدلا من تحوله إلى عبء وضغط مدني على القيادة الجديدة"- الأناضول
"تجييش الشعب لمواجهة تحديات الوجود ومخاطر التقسيم، بدلا من تحوله إلى عبء وضغط مدني على القيادة الجديدة"- الأناضول
المقال لمن؟

1- القيادة الجديدة لسوريا.

2- التنظيمات الدينية والقوى الوطنية.

3- الشعب السوري في الداخل وفي الخارج.

عناصر المقال:

أولا: المقدمة التوضيحية.

أولا: المحاذير الاستراتيجية.

ثالثا: رؤية ونظرية عمل.

رابعا: المشروعات الكبرى.

أولا: المقدمة التوضيحية:

من المؤكد سياسيا أن مستقبل سوريا سيعيد تشكيل مستقبل المنطقة بين محورين أساسيين يتصارعا على المنطقة، في حين انتهى دور الشراكة الروسية الإيرانية والتي تحولت إلى أدوار ثانوية: المحور الغربي القديم الذي بدأ تشكله وتطوره قبل سقوط الخلافة بعقود، وحلف آخر وليد يتشكل مع تطور الأحداث هو محور الملاك الحقيقيين للمنطقة بقيادة تركيا.

1- مشروع المحور الأول: ما يجب أن يتمناه ويعمل له أصحاب المنطقة الحقيقيون من تحرير المنطقة من أي وجود ونفوذ أجنبي واستعادة هوية المنطقة كما كانت، ولا يمكن إعادة جمع الملاك الحقيقيين للمنطقة إلا بهويتهم الأصلية العميقة، وقد وصلت علاقتهم المؤسسة على المصالح والأمن القومي الخاص لكل دولة إلى مرحلة اللاعودة، خاصة في مواجهة مشروع كبير وقوى المشروع الصهيوأمريكي. ما أعتقده هو أن آمال ومصالح دول المنطقة لا يمكن المحافظة عليها تأمينها مستقبلا إلا من خلال بناء قوة إقليمية جديدة تقود وتدير المنطقة، وواقع وموازين القوة الاقتصادية والعسكري والسياسية تؤكد وجوب قيادة تركيا للمنطقة والتفاف أصحاب المنطقة حولها لمواجهة التحديات الخارجية التي تحاول تفكيك والسيطرة على المنطقة.

2- مشروع المحور الثاني: المشروع الصهيوأمريكي والذي تعلنه إسرائيل بكل بجاحه ويدعمه الغرب ويحشد مقدراته لتحقيقه بكل وضوح، بتفكيك منطقة قلب العالم وتحويلها إلى كنوتات صغيرة ودول ضعيفة، تدين جميعها بالولاء والطاعة لتل ابيب.

ثانيا: المحاذير الاستراتيجية

أحذر وبكل قوة من خطر العيش في وهم التحرر والخلط بين الواقع السوري المعقد المؤقت على حافة بركان وبين التحرر الحقيقي كامل الإرادة والقدرة، عبر تسع محاذير استراتيجية كبرى:

1- التفكير الجزئي التنفيذي، وأهم أشكاله الآن:

- غياب رؤية مستقبلية لسوريا في سياق رؤية مستقبلية للمنطقة بقيادة تركيا كمشروع قادرة على التدافع والصراع العسكري والسياسي والاقتصادي والهوياتي في المنطقة مع المشاريع الكبرى.

- الفصل بين الجوهر الأصل المحرك الأقدر على الثبات، والعارض المنفذ محدود القدرة على الثبات والاستمرار.

- الاستجابة لمحاولات التدجين والاستئناس الغربية والتخلي عن الأهداف والمرجعيات والثوابت الإسلامية الراسخة، والاستجابة لمفاهيم ومعايير النظام العالمي الأمريكي الغربي الذي ينتمي لثقافة الإلحاد والمصلحة الخاصة به على حساب الآخر.

2- الوقوع في شراك الاختزال والتسطيح، الذي يحجب الرؤية ويغيب العقل ويضعف ويفكك القوة وأهم أشكاله حاليا:

أ- اختزال الثورة والتحرر في التخلص من نظام الأسد وإيران فقط، وليس من الوصاية الاستعمارية والاستبداد العالمي.

ب- اختزال المرحلة الانتقالية في بناء الدولة وليس بناء الجيش الذي يحمي بقاء نظام الثورة وبناء الدولة.

ت- اختزال التهديدات في إسرائيل وقسد وداعش وإيران فقط، دون أمريكا وأوروبا والنظم التابعة لها.

ج- اختزال الشراكة والتحالف السوري مع تركيا في حلف سياسي ثنائي فقط يخضع لتقلبات الأوضاع العسكرية والسياسية، في حين أنه يجب أن ينظر إليه كونه حلفا وشراكة أبدية تنمو بنمو الجوهر الأساس وبمرور الوقت والعمل تتسع لتضم بقية ملاك المنطقة.

3- الاستجابة لخدعة التحول السريع من الثورة إلى بناء الدولة

في ظل ما جرى ويجري على المشهد السوري مما ذكرته ورسمته من سيناريوهات في المقالتين السابقتين، فإن التوجه السريع إلى حشد الاهتمام والجهود إلى إعادة الإعمار وبناء الدولة مع التحول الأمريكي والأوروبي، والضغط الإسرائيلي ما هو إلا جزء من سيناريو تقسيم سوريا ومهام قوات تحرير سوريا فيه على مراحل:

المرحلة الأولى: دخول دمشق باسم الثورة والتحرير ومليء الفراغ السياسي الشاغر بعد الأسد وإيران وروسيا.

المرحلة الثانية: المشاركة في إضعاف وتفكيك قسد وإجبارها على الدخول تحت حكم الدولة السورية الجديدة.

المرحلة الثالثة: بناء دويلة صغيرة منزوعة السلاح الثقيل حول دمشق هي الدولة السورية السنية ترضخ للأمر الواقع وترضى به في سياق السيناريو الصهيوأمريكي المعد لمشروع الشرق أوسط الجديد بعد إشعال المشهد؛ إما بفتنة داخلية تمتد لسنوات أو بحرب إسرائيلية تركية والذي يمكن أن يسمح لتركيا بشريط آمن بين تركيا وسوريا.

ومن أخطر المؤشرات التي أتابعها بقلق شديد هو الاستسلام للأمر الواقع ومساحات ومجالات العمل المتاحة التي رسمها وخططها أعداء سوريا الطامعين في مستقبلها، وإهمال الهدف القريب الهام العاجل بحشد الشعب وعسكرته، والمحافظة على القوة العسكرية وبناء جيش كشريك قوي لتركيا في مواجهة تحديات ومهددات مشروع الشرق أوسط الجديد وضرورة حشد الجهود نحو الهدف البعيد؛ إلى الانصراف بإيهام الشعب بالتحرر بل وشغل العسكريين بالأعمال المدنية.

4- الاستجابة لمحاولات إثارة الفتنة والارباك بملف الطائفية ومشاركة الأقليات

اتخاذ هذه الادعاءات منفذا للتدخل ومحاولة فرض الوصاية الخارجية لإشغال وتوريط وتعطيل القيادة الجديدة، وربط الاستجابة للضغوط الخارجية بالاعتراف ورفع العقوبات عن سوريا والمساعدات والدعم الخارجي.

5- ترك المجال للدعايات الكاذبة المضللة

التي تتلاعب بالمفاهيم والمصطلحات وتغير الحقائق ومحاولة ارباك المشهد، فتتلاعب بخريطة العداء والشراكة والصداقة. ومن أهم المفاهيم المضللة الجارية الآن:

أ- تركيا تحتل الأراضي السورية، في حين أن الحقيقة هي أن تركيا هي الشريك والضامن الأول لحماية أمنها القومي وحماية الثورة من تهديد الاختراق والتعويق وخطط تقسيم سوريا.

ب- الدعاية للنظام الدولي وحيادتيه وعمله لنشر الديمقراطية وحماية مصالح الشعوب.

ت- الحديث المتكرر عن الخوف على حقوق الأقليات.

6- التحول إلى حكومة خدمات

الحكمة تقتضي تأمين الوجود تتبعه التنمية والاستقرار، وعسكرة وتجييش الشعب لمواجهة تحديات الوجود ومخاطر التقسيم، بدلا من تحوله إلى عبء وضغط مدني على القيادة الجديدة. فلكل جيل رسالته ومهمته، ومهمة هذا الجيل هي التحرير الكامل، الذي لن يتحقق إلا بقوة كبيرة قادرة على رد أطماع المشروع الصهيوأمريكي، وتأمين عدم عودة إيران أو روسيا، بدلا من التخطيط وتوجيه جل الاهتمام والموارد والقدرات لمواجهة التحديات المحيطة وتمكين الوجود القوى ضمن المشروع الإقليمي الكبير لأصحاب المنطقة بقيادة تركيا.

ملاحظة مهمة: لا تعارض بين استقلال الإرادة السورية الحرة والمشاركة في حلف لأصحاب المنطقة ينمو ويتمدد باستمرار، هذا الحلف تقوده تركيا كما تقود أمريكا الحلف الغربي وكما تقود الصين الحلف الصيني الروسي الإيراني.

7- التمويل الأجنبي

الوقوع فريسة لما يسمى التمويل والدعم الإنساني لإعادة الاعمال والقروض الغربية.. الخ، وكلها لا تخرج عن كونها:

1- مالا مسموما لسلب الإرادة السياسية تدريجيا.

2- اختراقات مخابراتية.

3- بناء ركائز أجنبية في الداخل السوري بأسماء وطنية لزعزعة الاستقرار.

والبديل معروف ومجرب في اليابان وماليزيا وجنوب ـفريقيا والأرجنتين، وهو العمل والاعتماد على الذات المحلية والادخار المحلي والصبر وتحمل تبعات المرحلة، بالإضافة إلى طلب الدعم مع الدول الإسلامية.

8- تهديد أو المساس بالشراكة السورية التركية

الشراكة التركية السورية ليست شراكة فقط، بل شراكة استراتيجية أبدية تؤسس لها قواعد دينية وتاريخية وسياسية وجغرافية وواقعية لا يمكن المساس بها من قريب أو بعيد.

9- الاستجابة والتعاطي مع ما يسمى المجتمع الدولي

من أفكار ومبادرات وأطروحات الأعداء الكبار لسوريا وللمنطقة ولشعوبها المسلمة (أمريكا- إسرائيل- إيران- الدول الاوربية)، وما يدور في فلكها حاليا من أدوات أهمها المؤسسات الدولية وبعض النظم العربية.

ثالثا: رؤية ونظرية عمل

الرؤية: مشروع التحالف الإقليمي لأصحاب وملاك المنطقة الحقيقيين.

موجز نظرية العمل: بناء قوة عسكرية وسياسية جوهرية أساس من تركيا وسوريا تضم إليها أصحاب المنطقة تدريجيا، وتتحول تدريجيا بمشروع عبقري للهوية الأصلية للمنطقة إلى تحالف إقليمي كبير يطهر المنطقة من الاختراقات الأجنبية وعوامل الاضطراب ويفرض سيطرته بالقوة العسكرية والاقتصادي والسياسية، ويتحول إلى شريك قوي في النظام العالمي الجديد.

رابعا: المشروعات الكبرى العاجلة

المشروع الأول: مشروع الوعي الجمعي للهوية الوطنية الإسلامية الحاضنة لكل مكونات الشعب السوري.

المشروع الثاني: مشروع عسكرة الشعب السوري لبناء جيش قوى يمتلك القدرة التكنولوجية الذاتية على التصنيع والتسلح والدفاع عن سوريا متحدة حرة مستقلة.

المشروع الثالث: الاستثمار الأمثل للقوة البشرية السورية المنتشرة في الخارج من خلال توحيدها وحشدها، وتحديد المهام والأدوار المختلفة لكل سوري في الخارج بحسب مجال تخصصه في مشروع تحرير وبناء سوريا الجديدة، وأولها بناء التكنولوجيا والتصنيع العسكري والتسلح.

المشروع الرابع: التنمية الأساسية المستدامة لتحقيق الاكتفاء الذاتي من الغذاء والدواء.

المشروع الخامس: إعادة الإعمار التدريجي بالمال السوري الحر والقدرات السورية الوطنية العظيمة المشهود لها بالعمل والابتكار والقدرة على الإنجاز بأقل الإمكانيات.
التعليقات (0)